الفلسطينيون يرفضون إغلاق «كورونا» بسبب الوضع الاقتصادي الصعب

إحدى أسواق رام الله (رويترز)
إحدى أسواق رام الله (رويترز)
TT

الفلسطينيون يرفضون إغلاق «كورونا» بسبب الوضع الاقتصادي الصعب

إحدى أسواق رام الله (رويترز)
إحدى أسواق رام الله (رويترز)

يشكّل تمديد فترة الإغلاق في الأراضي الفلسطينية في ظل ازدياد عدد الإصابات بفيروس «كورونا» المستجد، عبئاً إضافياً على الفلسطينيين الذين يعانون أصلاً من أوضاع اقتصادية ومعيشية مزرية.
وتشهد الأراضي الفلسطينية ارتفاعاً في عدد الإصابات، خصوصاً في الضفة الغربية التي سجلت 6992 إصابة؛ بينها 43 وفاة، مما دفع بالسلطة الفلسطينية إلى تمديد إغلاق المدن الفلسطينية لمدة 4 أيام إضافية. وفرض منع التجول ليلاً في مختلف المدن الفلسطينية لمدة أسبوعين.
وكانت السلطة أغلقت الأراضي الفلسطينية وفرضت منع التجول على مدى أسابيع 5 مرات منذ 5 مارس (آذار) الماضي بعد ظهور أول الإصابات بفيروس «كورونا» المستجد، حسبما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وفور الإعلان عن التدابير الجديدة، مساء الأحد، احتج التجار ونزل كثير منهم إلى شوارع مدن الخليل ورام الله ونابلس، مطالبين بوقف الإغلاقات والسماح بفتح المحال التجارية كي يتمكنوا من تأمين لقمة العيش. فاضطرت السلطة إلى السماح بفتح المحال التجارية الصغيرة في المدن، مشددة على ضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية، ووضع الكمامات والتباعد.
ويقول محمد نصر، الذي يمتلك محلاً للبقالة في وسط رام الله، لوكالة الصحافة الفرنسية: «من يقول للناس ابقوا في بيوتكم؛ فعليه أن يدفع لهم ثمن معيشتهم». ويضيف: «نحن لا نطالب فقط بفتح المحال التجارية، نطالب بعودة الحياة إلى طبيعتها وعودة المواصلات، لأن المحال لا تعمل إذا لم يكن هناك زبائن».
وكان المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية، إبراهيم ملحم، قال (الاثنين): «نحن نواجه خطراً صحياً حقيقياً يتطلب التكاتف والتآزر لتقليص الوباء الذي بدأ يأخذ منحى تصاعدياً»، مؤكداً أن «الحكومة تقوم بمهام كبيرة للتصدي للوباء رغم شح الإمكانات... ورغم التحديات السياسية والاقتصادية».
وتشهد السلطة الفلسطينية من جهتها أيضاً ضائقة مالية، ولم تتمكن من تسديد الرواتب كاملة لموظفيها البالغ عددهم نحو 177 ألفاً، واكتفت بصرف 50 في المائة من رواتبهم للشهرين الماضيين.
ويقول المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم: «العامل الاقتصادي ضاغط على الحكومة الفلسطينية التي لا تستطيع العمل مثل باقي الحكومات في العالم، بالتالي فهي لا تستطيع فرض قرارات على مواطنيها دون بدائل وحلول». ويضيف: «لا تستطيع السلطة فرض رؤيتها لمواجهة الوباء». ويشير إلى أن «كل إيرادات الحكومة تتراجع في وقت ترتفع فيه نفقاتها في مواجهة (كورونا)، وما يمكن أن تحصله السلطة على مدار الشهر الواحد يصل إلى نحو 300 مليون شيقل فقط (أقل من مائة مليون دولار)، وهذا المبلغ لا يغطي الرواتب».
وتقدّر فاتورة رواتب الموظفين الشهرية لدى السلطة الفلسطينية بنحو 750 مليون شيقل، أي نحو 210 ملايين دولار.
وتراجعت إيرادات السلطة الفلسطينية التي تقدّر بنحو 350 مليون دولار شهرياً، كثيراً عقب قرارها رفض تسلم ضريبة المقاصة التي تجبيها وزارة المالية الإسرائيلية لصالحها لقاء المعاملات التجارية، والتي تقدر بـ200 مليون دولار شهرياً.
وجاء قرار الرفض بعدما قررت السلطة الفلسطينية في مايو (أيار) الماضي وقف التعامل بالاتفاقيات والتفاهمات مع الجانب الإسرائيلي على خلفية نية إسرائيل ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة. كما تراجعت نسبة الضرائب التي تجبيها من التجار ومن المعاملات الإدارية الشهرية بسبب الإغلاق.
وحذّر البنك الدولي في بداية يونيو (حزيران) الماضي من أن نسبة الفقر في الضفة الغربية (14 في المائة) قد ترتفع بمعدل الضعف بسبب الوباء.
وفي حين يفترض اقتصاديون أن السلطة الفلسطينية قد تعيد، تحت ضغط تداعيات جائحة «كوفيد19»، حساباتها فيما يتعلق بعلاقتها مع إسرائيل، خصوصاً بالنسبة إلى ضريبة المقاصة، يرى سياسيون أن هذا الخيار غير مطروح إطلاقاً.
ويقول المحلل السياسي عبد المجيد سويلم: «أعتقد أن السلطة الفلسطينية تفضل الانهيار ذاتياً على العودة إلى تفاهماتها مع إسرائيل تحت وطأة الضغط الاقتصادي». ويضيف: «الحالة الفلسطينية مربكة للغاية، كون مواجهة الفيروس تأتي في لحظة مفصلية قوامها الانفكاك عن الاحتلال ورفض خطة الضم، إضافة إلى غياب وحدة الحال الفلسطينية». لكنه يؤكد في الوقت ذاته أنه لا يمكن «فصل ما يجري في الأراضي الفلسطينية عما يجري من أزمة سياسية واقتصادية داخل إسرائيل بسبب (كورونا) أيضاً».
ويسجل ارتفاع في عدد الإصابات بفيروس «كورونا» المستجد في إسرائيل أيضاً، مما دفع برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التعهد بصرف مساعدات للإسرائيليين المتضررين جراء الإغلاق.
وعلى صعيد مواجهة تفشي الفيروس، تجد السلطة الفلسطينية نفسها أيضاً في موقع عدم القدرة على التحرك الأمني في المناطق الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، بعد قرارها وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.
وقال رئيس الحكومة الفلسطينية محمد أشتية أكثر من مرة، إن عدم قدرة السلطة الفلسطينية على العمل الأمني في هذه المناطق، هو أحد أسباب انتشار الفيروس.
واستعاضت السلطة الفلسطينية عن وجودها العسكري في هذه المناطق بأفراد بلباس مدني نصبوا حواجز أمنية للبحث عن مصابين بالفيروس.


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.