تأجيل توقيع اتفاق السلام السوداني إلى أجل غير مسمى

لجنة الوساطة: الإعلان النهائي في جوبا بعد الانتهاء من الملف الأمني

عضو لجنة الوساطة من دولة جنوب السودان ضيو مطوك يعلن تأجيل توقيع اتفاق السلام (إ.ب.أ)
عضو لجنة الوساطة من دولة جنوب السودان ضيو مطوك يعلن تأجيل توقيع اتفاق السلام (إ.ب.أ)
TT

تأجيل توقيع اتفاق السلام السوداني إلى أجل غير مسمى

عضو لجنة الوساطة من دولة جنوب السودان ضيو مطوك يعلن تأجيل توقيع اتفاق السلام (إ.ب.أ)
عضو لجنة الوساطة من دولة جنوب السودان ضيو مطوك يعلن تأجيل توقيع اتفاق السلام (إ.ب.أ)

على نحو مفاجئ، أعلنت وساطة جنوب السودان لمحادثات السلام السودانية تأجيل التوقيع على اتفاق بالأحرف الأولى بين الحكومة الانتقالية وبعض الفصائل المسلحة، بعد اتفاق الأطراف على تقاسم السلطة والثروة، وقررت أن يتم التوقيع بالعاصمة جوبا، دون تحديد سقف زمني.
وكان من المقرر أن توقع الأطراف، أمس، بالخرطوم، على اتفاق أولي حول ما تم التوصل إليه من تفاهمات نهائية في أهم القضايا القومية والمحورية في عملية السلام.
ويغادر الخرطوم غداً إلى جوبا وفود الحركات المسلحة، يرافقها وفد أمني من الحكومة السودانية، لاستكمال التفاوض حول بند الترتيبات الأمنية، آخر الملفات العالقة في العملية السلمية.
وقال عضو لجنة الوساطة، ضيو مطوك، في مؤتمر صحافي بالخرطوم: «رأينا أن يتم التوقيع بمنبر المفاوضات بجوبا بعد الانتهاء من الملف الأمني». وأضاف أنه من المبكر جداً في هذه المرحلة التوقيع على اتفاق بالأحرف الأولى، ونفى بشدة أن يكون الملف الأمني سبباً للتأجيل.
وكشف مطوك عن وجود مقترحات على طاولة التفاوض حول ملف الترتيبات الأمنية التي قال إنها لن تستغرق فترة زمنية طويلة. وأوضح أن المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية، بقيادة مالك عقار، في ملف الترتيبات الأمنية، شارفت على الانتهاء، وتبقى بند واحد سيتم حسمه في جولات التفاوض المقبلة بجوبا.
وأشار عضو فريق الوساطة الجنوب سودانية إلى أن التفاوض في الترتيبات الأمنية مع حركة جيش تحرير السودان، بزعامة مني أركو مناوي، لم يبدأ بعد، عقب أن تحفظت الحركة على مناقشة القضية عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، إثر توقف المفاوضات بسبب جائحة كورونا.
ومن جهة ثانية، كشف مطوك عن اتصالات مستمرة من قبل الوساطة والقيادة السودانية مع قائد حركة تحرير السودان، عبد الواحد النور، للانخراط في عملية التفاوض. وقال الوسيط إن الحركة الشعبية شمال، فصيل عبد العزيز الحلو، أكدت التزامها بإعلان المبادئ الذي وقعته مع الحكومة السودانية، مشيراً إلى أن الوساطة ستبحث استئناف التفاوض بين الطرفين خلال الفترة المقبلة.
ومن جهة ثانية، تعمل الوساطة على إعداد مصفوفة لتنفيذ الاتفاق عبر جداول زمنية لكل القضايا التي تم الاتفاق عليها بين الأطراف، ومراقبتها بواسطة الدول الضامنة للسلام في السودان.
وكان من المتوقع أن توقع 10 من الكيانات المنخرطة في عملية المفاوضات، وأبرزها الحركات المسلحة: الحركة الشعبية شمال، بقيادة مالك عقار، وحركة العدل والمساواة، بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة جيش تحرير السودان، بزعامة مني أركو مناوي.
ونص الاتفاق على منح الحركات المسلحة 3 ممثلين في مجلس السيادة الانتقالي، و5 وزراء في الحكومة التنفيذية، و75 مقعداً في المجلس التشريعي الانتقالي.
ونالت الحركات في مسار دارفور 40 في المائة من الحكم في الإقليم، ومثلها لمكونات الحكومة الانتقالية، و20 في المائة لأصحاب المصلحة بالإقليم. كما منحت الحركات المسلحة نسبة 10 في المائة في السلطة بولايات الشمال ونهر النيل وسنار والجزيرة والنيل الأبيض.
وأعطى الاتفاق منطقتي النيل الأزرق «وولايتي جنوب وغرب كردفان» الحكم الذاتي، ويشمل السلطات والصلاحيات، وحق التشريع بالرجوع لدستور 1973، والقانون الجنائي والمدني لعام 1974.
واتفق الجانبان على أن تدفع الحكومة 7 مليارات ونصف المليار خلال 10 سنوات لتنفيذ اتفاق السلام في دارفور، وتخصص الأموال لعودة النازحين واللاجئين، والبنية التحتية الأساسية، على أن تلتزم الحكومة بسد الفجوة المالية. كما توافقا على إقامة مؤتمر للمانحين لمعالجة الاختلالات التنموية في مناطق الحروب والنزاعات في البلاد.
ومدد الاتفاق الفترة الانتقالية في البلاد 39 شهراً، تسري عقب التوقيع النهائي على اتفاق السلام الشامل، واستثناء ممثلي الحركات المسلحة من المادة (20) في الوثيقة الدستورية، التي تمنع كل من تقلد موقعاً في أجهزة السلطة الانتقالية من الترشح في الانتخابات المقبلة.
وبدأت المفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة في سبتمبر (أيلول) 2019، حيث وقعت الأطراف على اتفاق إعلان المبادئ الذي حدد مسارات التفاوض.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.