كيف تحوّل ليفربول إلى آلة لا تتوقف عن الدوران ليصبح بطلاً للدوري الإنجليزي؟

الفريق غرّد خارج السرب بعيداً عن الأندية الأخرى ولم يجد من ينافسه على اللقب هذا الموسم

في فريق ليفربول الحالي يلعب المدافعون أحياناً كمهاجمين والعكس صحيح (غيتي)
في فريق ليفربول الحالي يلعب المدافعون أحياناً كمهاجمين والعكس صحيح (غيتي)
TT

كيف تحوّل ليفربول إلى آلة لا تتوقف عن الدوران ليصبح بطلاً للدوري الإنجليزي؟

في فريق ليفربول الحالي يلعب المدافعون أحياناً كمهاجمين والعكس صحيح (غيتي)
في فريق ليفربول الحالي يلعب المدافعون أحياناً كمهاجمين والعكس صحيح (غيتي)

حسم نادي ليفربول لقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى منذ 30 عاما. ويجب أن نعترف بالحقيقة الواضحة للجميع، وهي أن ليفربول كان يغرد خارج السرب بعيدا عن كافة الأندية الأخرى، وأنه لم يجد من ينافسه بقوة على اللقب هذا الموسم. وكان البعض يرى أن توقف الموسم الحالي بسبب تفشي فيروس «كورونا»، ثم استئناف المباريات من دون جمهور، سوف يفسدان فرحة الريدز بالفوز بهذا اللقب الغالي بعد سنوات طويلة من المعاناة.
ورغم الأخبار التي نطالعها باستمرار عن تزايد وفيات فيروس «كورونا» وتفشي الوباء، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها الجميع الآن، فإن كل ذلك لن يقلل من فرحة هذا النادي العريق بالحصول على اللقب، وخصوصا اللاعبين الذين بذلوا قصارى جهدهم وقدموا كل ما في وسعهم لتحقيق هذا الهدف. لقد خاض هؤلاء اللاعبون معتركا كرويا شرسا خلال الـ18 شهرا الماضية، وقد حان الوقت للشعور بحجم الإنجاز الذي حققوه.
ويجب الإشارة إلى أنه خلال الفترة من أواخر الصيف الماضي وحتى فصل الربيع، بدا ليفربول وكأنه يعمل وفق مجموعة مختلفة تماما من القوانين الفيزيائية، إن جاز التعبير، حيث كان الفريق يسحق المنافسين واحدا تلو الآخر ويسير بكل شراسة وتركيز نحو تحقيق هدفه الأسمى، الذي يسعى لتحقيقه منذ سنوات طويلة.
ولا تزال المحطة الأبرز في مسيرة ليفربول هذا الموسم تتمثل في المباراة التي سحق فيها نادي ليستر سيتي برباعية نظيفة في السادس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث قدم الريدز في تلك المباراة أداء استثنائيا نادرا ما نراه من أي فريق آخر، وكانت جميع عناصر اللعبة مكتملة للغاية في هذه المباراة، سواء من حيث الأداء البدني القوي أو من حيث القدرات والفنيات العالية لجميع لاعبي الفريق، الذي بدا وكأنه من كوكب آخر.
لقد حقق هذا الفريق الفوز في 26 مباراة من المباريات الـ27 التي لعبها خلال الفترة بين أغسطس (آب) و28 فبراير (شباط)، إنه الفريق الذي لم يخسر أي مباراة على ملعبه «آنفيلد» منذ ثلاث سنوات، إنه الفريق الذي يضم مجموعة رائعة من اللاعبين، لكن أفضل لاعب في الفريق يلعب في مركز قلب الدفاع (الصخرة الهولندية فيرجيل فان دايك)، إنه الفريق الذي لا يسجل مهاجمه الصريح (روبرتو فيرمينو) أهدافا على ملعب الفريق، ودائما ما يسجل في المباريات التي تقام خارج ملعبه، إنه الفريق الذي تتمثل قوته الأكثر إبداعا في مركز الظهير الأيمن (ترينت ألكسندر أرنولد)، إنه الفريق الذي بلغ صافي نفقاته على التعاقدات الجديدة 92 مليون جنيه إسترليني خلال السنوات الخمس الأخيرة!
وفي أكتوبر (تشرين الأول) القادم سيكون قد مرت عشر سنوات على استحواذ مجموعة فينواي الرياضية على ليفربول، حيث قال المستثمر ورجل الأعمال جون هنري آنذاك: «نحن هنا من أجل الفوز». لقد كان ليفربول في ذلك الوقت مدينا بـ351 مليون جنيه إسترليني، وكان يضم لاعبين متوسطي المستوى من أمثال بول كونتشيسكي وديفيد نغوغ وكريستيان بولسن، ووصل الحال به في بعض الأوقات للوجود في المراكز الثلاثة الأخيرة في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، ولم يكن أحد يعرف ما الذي يجب القيام به من أجل تطوير ملعب «آنفيلد».
ومع ذلك، قرر هنري الاستحواذ على النادي، لأنه يدرك جيدا عراقة هذا النادي الذي كان يمر بأوقات صعبة للغاية، وكان يعرف جيدا كيف يعيد النادي إلى المسار الصحيح ويستغل كافة الإمكانيات المتاحة وتطويرها للأفضل. لقد كان هذا الرجل بخلفيته التجارية يدرك جيدا أن هذا النادي بما يمتلكه من تراث رياضي لا يملكه غيره قادر على العودة مرة أخرى إلى منصات التتويج والحصول على البطولات والألقاب.
لكن الأمر استغرق بعض الوقت، وتم التعاقد مع لاعبين مميزين مثل آندي كارول وتشارلي آدم، ثم لويس سواريز، لكن النادي لم يتمكن من الاحتفاظ بخدمات اللاعب الأوروغواياني كثيرا، حيث رحل إلى صفوف برشلونة الإسباني. لكن سرعان ما تم إصلاح الأمور داخل هذا النادي العريق، وتم تعيين اثنين من المديرين الفنيين الرائعين خلال ثماني سنوات. وبدأ النادي في الاعتماد على البيانات والإحصاءات الدقيقة فيما يتعلق بالتعاقدات الجديدة التي يبرمها، وهي السياسة التي أدت إلى تعاقد النادي مع عدد من اللاعبين الرائعين الذين كونوا معا فريقا صلبا يصعب على أي فريق منافس التفوق عليه.
ورغم أن معظم هؤلاء اللاعبين جاءوا إلى ليفربول وهم ليسوا نجوما عالميين من العيار الثقيل فقد تم تطوير قدراتهم وإمكانياتهم بشكل رائع وتحولوا فيما بعد لنجوم لامعين في سماء كرة القدم العالمية، وقادوا النادي للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا، بالإضافة إلى إعادة درع الدوري الإنجليزي الممتاز إلى خزائن النادي بعد 30 عاما. لكن الشيء الملاحظ هو أن المدير الفني الألماني لكتيبة الريدز، يورغن كلوب، يعتمد على خطة تكتيكية تجعله يتفوق على جميع المنافسين، وهي أن ظهيري الجنب (ترينت ألكسندر أرنولد وأندي روبرتسون) يلعبان كمدافعين وكلاعبي خط وسط وكمهاجمين وكجناحين ويمكنهما تسجيل الأهداف وصناعتها، وهو الأمر الذي يمنح الفريق زيادة عددية، سواء في النواحي الدفاعية أو النواحي الهجومية.
لكن القيام بكل هذه الأدوار يتطلب قوة بدنية هائلة، وهي النقطة الثانية التي تميز ليفربول عن باقي المنافسين، حيث يتميز كل لاعب من لاعبي الفريق بالقوة البدنية الكبيرة والقدرة على استكمال المباراة بالكامل بنفس القوة، في الوقت الذي ينهار فيه لاعبو الفرق المنافسة من الناحية البدنية بعد مرور 70 دقيقة.
لقد نجح كلوب من خلال هذه النقاط في أن يصل بليفربول إلى منصات التتويج، فقبل عامين من الآن أنهى ليفربول الموسم متخلفا بفارق 25 نقطة كاملة عن المتصدر مانشستر سيتي، لكن خلال الموسم الجاري حسم الريدز اللقب قبل نهاية الموسم بسبع جولات كاملة، وهو إنجاز لم يحققه أي فريق من قبل، ومن الصعب على أي فريق أن يحققه خلال السنوات القادمة.
لكن يتعين على مسؤولي ليفربول أن يدركوا أنه من الصعب البقاء على القمة لفترة طويلة، لذلك يتعين على النادي أن يدعم صفوف الفريق وأن يضخ دماء جديدة حتى يتمكن من مواصلة التطور والتحسن والوصول إلى مستويات جديدة.


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

رياضة عالمية صلاح لقيادة ليفربول إلى فوز جديد في الدوري الإنجليزي (أ.ب)

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

تتجه الأنظار الأحد، إلى استاد الاتحاد، حيث يتواجه مانشستر سيتي حامل اللقب، مع ضيفه وغريمه مانشستر يونايتد في ديربي المدينة، بينما يسعى ليفربول المتصدر إلى مواصل

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المدرب الإيطالي يهنئ لاعبيه عقب إحدى الانتصارات (إ.ب.أ)

كيف أنهى ماريسكا كوابيس تشيلسي في لمح البصر؟

في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، كان الإيطالي إنزو ماريسكا يلعب محور ارتكاز مع إشبيلية، عندما حل فريق برشلونة الرائع بقيادة المدير الفني جوسيب غوارديولا ضيفاً

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية  فيرنانديز دعا إلى إصلاح الأخطاء الفنية في فريقه (إ.ب.أ)

فيرنانديز: علينا إصلاح أخطائنا قبل التفكير في مان سيتي

قال البرتغالي برونو فيرنانديز قائد فريق مانشستر يونايتد إن فريقه يجب أن يعمل على إصلاح أخطائه بدلاً من التفكير في الأداء السيئ لمنافسه في المباراة المقبلة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية استبدل بوستيكوغلو المهاجم فيرنر ودفع بالجناح ديان كولوسيفسكي (إ.ب.أ)

مدرب توتنهام يهاجم فيرنر: لم تكن مثالياً أمام رينجرز

وجه أنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، انتقادات لاذعة لمهاجمه تيمو فيرنر بعدما استبدله بين الشوطين خلال التعادل 1-1 مع رينجرز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوندوغان نجم السيتي خلال مواجهة اليوفي بدوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

اعترف الألماني إلكاي غوندوغان، لاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي، بأن فريقه "لم يعد جيدا بشكل كاف"، في الوقت الذي فشل فيه في إيجاد حل لتبديل حظوظه بالموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».