قتل مسؤول في غزة يسلط الضوء على «قضايا الثأر»

الفصائل تحذر من استحضار الملفات القديمة والانتقام العشائري

العميد جبر القيق الذي تم اغتياله مساء الأحد
العميد جبر القيق الذي تم اغتياله مساء الأحد
TT

قتل مسؤول في غزة يسلط الضوء على «قضايا الثأر»

العميد جبر القيق الذي تم اغتياله مساء الأحد
العميد جبر القيق الذي تم اغتياله مساء الأحد

أثار اغتيال شبان غاضبين من عائلة بدوية كبيرة، لعقيد في السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، انتقاماً لمقتل والدهم قبل 32 عاماً، إبان الانتفاضة الأولى، مخاوف من ظاهرة الانتقام العشائري.
وفوجئت السلطة والفصائل الفلسطينية وأهالي القطاع، بحادثة مقتل العقيد جبر القيق، من قبل شبان من عائلة الصوفي، كان القيق قتل والدهم في الانتفاضة الأولى بأوامر من «الجبهة الشعبية» التي كان ينتمي إليها. والقتيل أسير سابق محرر وشخصية وطنية معروفة قضى أكثر من 15 عاماً في السجون الإسرائيلية. وشكلت الفصائل الفلسطينية في الانتفاضة الأولى التي انطلقت عام 1987، قوات ميدانية ضاربة يقودها ملثمون مهمتهم الاشتباك مع الجيش الإسرائيلي، والتحقيق مع عملاء، وإذا اقتضى الأمر قتلهم. وكانت الفصائل تشكل إلى حد ما السلطة الحاكمة قبل قيام السلطة الحقيقة عام 1994.
وقتل القيق للصوفي، واحدة من بين مئات العمليات المماثلة التي يبدو أن أصحابها لم ينسوها بعد أكثر من 30 عاماً. إذ نفذ أحد أبناء القتلى المتهمين بالتعاون مع إسرائيل، جريمة قتل قبل 4 أعوام، بحق عميد في السلطة بمدينة جنين، شمال الضفة الغربية، كان أحد قادة «الفهد الأسود» التابع لحركة «فتح» إبان الانتفاضة الأولى. وعلى الرغم من أن العمل كله كان يجري في إطار تنظيمي، لكن العشائرية تبرز في كل تصفية خلاف أو حسابات متعلقة بالدم.
وتعمل حركة «حماس»، حتى الآن، على تسوية ملفات ضحايا الأحداث الداخلية (الانقسام). وأنجزت الحركة منذ 3 أعوام، حوالي 200 ملف في إطار الجهود التي تبذلها لجنة المصالحة المجتمعية، في محاولة من الحركة لغلق ملفات الثارات السياسية والعائلية، في القطاع المحافظ المكتظ بالسكان. ويظهر من أرقام موثقة، حصلت عليها «الشرق الأوسط» من جهات حقوقية، أن عدد القتلى الفلسطينيين من حركتي «حماس» و«فتح»، وكذلك بعض المدنيين الذين سقطوا في فترة الاقتتال المسلح الطويل، أكثر من 300 شخص.
وسلط مقتل القيق، مجدداً، الضوء على قضايا الثأر المحتملة، وأجبر الفصائل على التحرك. وأصدرت «كتائب أبو علي مصطفى»، الجناح العسكري لـ«الجبهة الشعبية»، بياناً حذرت فيه «القتلة والمجرمين من محاولات المساس بسمعة المناضل الشهيد جبر القيق». كما أكدت أن «إعدام المدعو صبحي الصوفي، كان قراراً وطنياً اتخذته (الجبهة الشعبية) في الانتفاضة الأولى، ولن تغفر لكل من يحاول المساس بحياة المناضلين». ونعت القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رفح، القيق «الذي قدم نموذجاً وطنياً خلال مشوار نضالي تميز بالعطاء والفداء»، واتهمت يد الغدر والخيانة بقتله.
وطالبت القوى الوطنية، في بيانها، العائلات، برفع الغطاء العشائري «عن القتلة المجرمين الذين اقترفوا هذه الجريمة النكراء، التي تحمل أبعاداً خطيرة وتهدد أمن وسلامة المجتمع». كما طالبت القضاء والجهات المختصة، بالإسراع في إنفاذ القانون الثوري بحق القتلة المجرمين، وتنفيذ القصاص الرادع، منعاً لتكرار هذه الجريمة النكراء، حفاظاً على السلم الأهلي والمجتمعي.
وأكدت الفصائل على أن الملفات التي قادتها الأجنحة الضاربة للفصائل ومطارديها في الانتفاضة الأولى، هي ملفات وطنية بامتياز وخط أحمر، ولا يجوز استحضاره بأي حال من الأحوال. كما أيدت (فصائل المقاومة الفلسطينية)، المحاسبة الفورية والعاجلة، للقتلة، مؤكدة على أن محاولة فتح هذا الملف الخطير الذي تم الإجماع على إغلاقه، وتجاوزه أمر مرفوض وطنياً.
وفوراً أصدر شيوخ قبيلة الترابين الذين ينتمي إليهم القتلة، بياناً رفضوا فيه بشدة أخذ القانون باليد. وجاء في البيان، «إننا نعتبر حادث قتل العميد جبر القيق جريمة مكتملة الأركان، يتحمل منفذها المسؤولية الكاملة أمام الله أولاً، ثم أمام القضاء العادل ثانياً». ورفضت القبيلة زجها طرفاً في حادث القتل، وقالت إنها تلتزم بالقوانين النظامية والعرفية كاملة، وترفض حماية الخارجين عن القانون، أو تقديم الغطاء العشائري لهم.
وفي محاولة لتطويق أي تداعيات، نشرت وزارة الداخلية والأمن الوطني، أمس، «صوراً لخارجين على القانون مطلوبين للأجهزة الأمنية»، على خلفية مقتل القيق، مساء الأحد، بإطلاق نار في محافظة رفح جنوب قطاع غزّة. وقالت، في بيانٍ، «إنّ المطلوبين هم: شادي صبحي حمدان الصوفي (37 عاماً)، فادي صبحي حمدان الصوفي (35 عاماً)، ودياب خالد دياب الدباري (19 عاماً)».
ودعت الوزارة كل من يتعرف على المطلوبين، أو يملك معلومات تدل عليهم، الاتصال بالعمليات المركزية في وزارة الداخلية، مُحذّرة كلّ من يتستر على المطلوبين، أو يُقدم لهم المساعدة، باتخاذ الإجراءات القانونية بحقه. وقال إياد البزم الناطق باسم وزارة الداخلية في قطاع غزة، الاثنين، «إن الأجهزة الأمنية والشرطية ستصل إلى مرتكبي جريمة قتل المغدور جبر القيق لا محالة، وسيُقدمون للعدالة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.