«الجينوم السعودي».. أول مشروع من نوعه في المنطقة العربية

دراسات معمقة لرصد الطفرات الوراثية في الجينات المسببة للأمراض

الأمير مقرن بن عبدالعزيز مع فريق العمل
الأمير مقرن بن عبدالعزيز مع فريق العمل
TT

«الجينوم السعودي».. أول مشروع من نوعه في المنطقة العربية

الأمير مقرن بن عبدالعزيز مع فريق العمل
الأمير مقرن بن عبدالعزيز مع فريق العمل

يعد مشروع الجينوم البشري خطوة أولى نحو اكتشافات جديدة ومتنوعة تتعلق بالمتغيرات الوراثية الخاصة بمجتمعات مختلفة، كما تفرعت من هذا المشروع مشاريع بحثية أخرى تصب في ذات المجال، تبدأ كلها بفك أسرار الشفرة الوراثية ومعرفة المتغيرات الوراثية.
وإيمانا بأهمية البحث العلمي وتطوير مخرجاته وتحقيقا للتكامل المطلوب في نقل المعرفة وتوطينها، بادرت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بتبني برنامج «الجينوم السعودي» الذي يهدف إلى دراسة المجتمع السعودي وراثيا باستخدام أحدث التقنيات المعملية للتعرف على الخريطة الوراثية للمجتمع السعودي، وتوفير قاعدة بيانات وراثية للاستفادة منها في الرعاية الصحية وفي المجال الطبي والتشخيصي لكثير من الأمراض مثل أمراض القلب والسكري والسرطان. كما يسعى المشروع إلى توفير هذه المعلومات للمجتمع الطبي للاستفادة منها في تكييف العلاج ليناسب المريض فيما يسمى بالعلاج الشخصي.

* ثورة تشخيصية
وتجدر الإشارة إلى أن المسودة الأولية لمشروع الجينوم البشري أعلنت في بداية الألفية الجديدة بحضور رئيس الولايات المتحدة الأميركية ورئيس الوزراء البريطاني، حيث تركز الحديث عن الأهمية العلمية للمشروع وفائدته الإنسانية. ويرجع تاريخ بداية الأبحاث المعمقة عن الجينات إلى منتصف الثمانينات من القرن الماضي، حيث اعتمدت الاختبارات الجينية في المختبرات التشخيصية لكن تلك الاختبارات شملت أمراضا محددة تعد على أصابع اليد الواحدة حتى التسعينات من القرن الماضي.
وعد الإعلان عن المسودة النهائية للجينوم البشري في عام 2003 ثورة تقنية ملموسة لتطوير التقنيات الخاصة في كل ما يتعلق بالأبحاث الجينية وتطبيقاتها الطبية وبالأخص في مجال التشخيص الوراثي. وكشفت المسودة النهائية للجينوم البشري أن 23 في المائة فقط من التسلسل الجيني مسؤول عن صنع البروتينات. وعليه فإن معرفة تسلسل الحمض النووي يساعد العلماء في تجميع المعلومات حول هذه المركبات الخلوية البروتينية وكيف يمكنها أن تؤدي دورها داخل الخلية. وبالتالي فإن هذه المعلومات توفر أهمية طبية في التشخيص والعلاج. ومع التطور التقني والعلمي توفر المختبرات الآن أكثر من 12 ألف اختبار جيني معتمد لأكثر من 3500 حالة مرضية وراثية.
وتتلخص أهداف هذه الأبحاث في تطوير الاختبارات التشخيصية لتصبح سريعة ودقيقة وذات تكلفة أقل، كمعرفة ما إذا كان لدى الإنسان استعداد وراثي للإصابة بمرض السكري فيتم التدخل مبكرا باستخدام حماية خاصة كإجراء وقائي. وكذلك التعرف على الاستجابة الدوائية وعلاقتها بالموروث الجيني، فعلى سبيل المثال قد تكون استجابة بعض المرضى لجرعة معينة من عقار ما تختلف عن مرضى آخرين بسبب تكوينهم الجيني والعرقي. وأخيرا الانتقال لمرحلة الطب الشخصي والذي يعالج كل حالة بذاتها وليس ضمن تصنيف مرضي مما يزيد من جودة الخدمة الطبية، وكل هذا لا يمكن أن يتحقق من دون الخطوة الأساسية وهي معرفة التركيب الجيني الخاص بكل مجتمع وكل فرد.

* برنامج الجينوم السعودي
أكد الأمير تركي بن محمد آل سعود، نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث، على حرص المدينة على تعزيز فكرة التعاون البحثي بين مراكز البحوث المختلفة في السعودية، حيث حرصت المدينة على أن تتوفر أكثر من 10 مراكز طرفية في المرحلة الأولى من المشروع في مناطق مختلفة من المملكة بحيث يتسنى نقل وتوطين المعرفة عبر هذه المراكز. وبين الأمير تركي بن محمد بأن لهذا المشروع أهميته العلمية والطبية كون السعودية رائدة عالميا في هذا المجال، كما أنه أول مشروع من نوعه في المنطقة العربية، حيث يؤسس لثقافة البحث والتعاون العلمي داخليا وخارجيا كما أنه ينتقل بالبحث العلمي إلى مجالاته التطبيقية المفيدة في التشخيص والعلاج.
وحول آلية العمل القائمة لدراسة الجينوم البشري، ذكر الدكتور سلطان السديري، المدير التنفيذي لمركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي بأن برنامج الجينوم السعودي سيشمل مساري بحث رئيسين، الأول: معرفة التسلسل القاعدي البشري باستخدام تقنية الجيل الثالث المختبرية (الجينوم / الأكسوم) – ودراسة «تسلسل الأكسوم» هي دراسة التسلسل الجيني بطريقة انتقاء مواقع معينة من الجينوم تصنع فيها البروتينات. والثاني: توثيق جميع الطفرات الوراثية في كل الجينات المسببة للأمراض الوراثية، حيث يشمل الأول للدراسات العائلية لمعرفة الموروثات المسببة لبعض الأمراض الوراثية والتي لم تكتشف بعد وأيضا معرفة التسلسل القاعدي الطبيعي للأفراد الذين ليس لديهم أي أمراض وراثية. ويشمل الثاني دراسات متخصصة على 14 حزمة جينية تشمل ثلاثة آلاف جين (مورثات مسؤولة عن المرض) تم التعرف عليها سابقا كمسبب لأمراض وراثية وتشمل أمراض المناعة، والقلب والأوعية الدموية، والاعتلالات العصبية، وأمراض الكلى، والعيون، والصمم، والتشوهات الشكلية، وأمراض التمثيل الأيضي وغيرها.
في المسار الأول، سيتم التعرف على موروثات جديدة مسببة للأمراض وهذا سيكون له تأثيره في المجتمع العلمي عالميا، وفي المسار الثاني، سيتم تحديد جميع الطفرات الوراثية لدى المرضى السعوديين مما سيعود بالفائدة على الخدمات الصحية. ويقول الدكتور السديري: «هذا التصميم الفريد للمشروع يميزه عن بقية مشاريع الجينوم لأنه يصب في مسار الطب الشخصي».

* آلية المشاركة
يمكن لأي باحث لديه موافقة أخلاقية للبحث في المسببات الوراثية لأي مرض جيني أن يشارك بتقديم عيناته التي تحمل موافقة أخلاقية لدراستها بواسطة تقنية الجيل الثالث لتحليل التسلسل القاعدي عبر أي مركز من المراكز المشاركة، وهذا ما أشار له الدكتور عبد الله العواد، الباحث في مجال الخلايا الجذعية، مشيرا إلى أن المشروع يولي أهمية كبيرة في الحفاظ على خصوصية المشاركين وعدم الإفصاح عن معلوماتهم الشخصية، حيث يتم التعامل مع العينات المقدمة وفق أرقام معينة تحفظ سرية المعلومة. ويقول الدكتور العواد في هذا الصدد: «هناك قواعد وقوانين تحدد المشاركة البحثية بما فيها قوانين النشر واستخدام المعلومات، وكل هذا موضح في موقع المشروع، وللباحثين المشاركين فرصة الاستفادة من قاعدة البيانات الخاصة بالمشروع، وأيضا الاستفادة من خدمات قسم المعلومات الحيوية، والذي يعتمد في تحليل النتائج وتخزينها على أضخم جهاز حاسب آلي من نوعه تم تطويره وتخصيصه لهذا المشروع».
وبالحديث عن مخرجات مشروع «الجينوم السعودي»، فقد تم تدريب أول مجموعة من الفنيين السعوديين في مركز التدريب بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، مكون من 10 أفراد للتعامل مع هذه التقنية الحديثة بدءا من تحضير العينات وحتى تحليل النتائج، وبدأ الآن تدريب المجموعة الثانية من الفنيين. وأوضح الدكتور ممدوح البقمي، نائب مركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي أنه تم ترتيب كل الأمور التنظيمية باستلام العينات وتسجيلها عبر برنامج تسجيل خاص يقوم بمتابعة تطور العمل على العينة منذ استقبالها في وحدة الاستقبال الرئيسة للأحماض النووية في مستشفى الملك فيصل التخصصي وحتى الانتهاء منها والحصول على النتائج، وكل ذلك يتم إلكترونيا وبطريقة منظمة وذلك لتقليل فرصة الخطأ.
وبلغة الأرقام، أشار الدكتور البقمي، إلى أنه تم الانتهاء من تحليل التسلسل القاعدي لأكثر من 200 عينة في المسار الأول «الجينوم» ونحو 200 عينة في مسار دراسة المورثات المسببة، وتم اختبار الطرق التحليلية وتطوير بعض البرامج الحاسوبية للتعرف على الموروثات المسببة. ويعلق الدكتور البقمي: «يتوقع من هذا المشروع فوائد جمة، أهمها تأسيس قاعدة علمية للطب الشخصي، فهذه المعلومات حين تتوفر للمجتمع العلمي والطبي ستساعد في التشخيص وفي الدراسات الإكلينيكية الخاصة بالعقاقير والاستجابة لها، وهذا ما يميز البرنامج كونه متكاملا ويربط المعرفة بالتطبيق».



برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».