شوارع وميادين مصرية تحتفي بالأطباء

ميدان الدكتور مجدي يعقوب بمدينة الشروق (رئاسة الحكومة المصرية)
ميدان الدكتور مجدي يعقوب بمدينة الشروق (رئاسة الحكومة المصرية)
TT

شوارع وميادين مصرية تحتفي بالأطباء

ميدان الدكتور مجدي يعقوب بمدينة الشروق (رئاسة الحكومة المصرية)
ميدان الدكتور مجدي يعقوب بمدينة الشروق (رئاسة الحكومة المصرية)

الاحتفاء الرسمي والشعبي بجهود الأطباء وتضحياتهم في مواجهة فيروس «كورونا» وضعهم في مقدمة المشهد الإنساني، كما سلط الضوء على شوارع وميادين مصرية تحمل أسماءهم تخليداً لدورهم العلمي في فترات تاريخية عديدة، ويتزامن الاهتمام المجتمعي مع توجه رسمي بإطلاق أسماء الأطباء أبطال خطوط المواجهة مع الجانحة على المزيد من الشوارع تقديراً لدورهم وتضحياتهم.
مئات اللافتات التي تزين واجهات الشوارع في العديد من المدن المصرية بأسماء الأطباء، تبدو شكلا من أشكال التنافس بين عصور مختلفة في نظامها السياسي وبنيتها الاجتماعية، غير أن القاسم المشترك بينها جميعاً هو «تقدير الأطباء ودورهم العلمي والإنساني»، وما زال بعض الشوارع التي تتزين بأسماء صناع الأمل تحمل –أكثر من غيرها- دلالات تتجاوز المعنى الصغير «تخليد ذكرى أصحابها» إلى عنوان أكبر يمتد خيطاً مرئياً بوضوح رغم حروفها القديمة، يربط بين بطولات وتضحيات الذين يخوضون مواجهة باسم الإنسانية في الوقت الراهن مع فيروس كورونا المستجد، وبين هؤلاء الذين خاضوا معركة العلم وأثروا المعارف الطبية في عصور ماضية.
في قلب العاصمة المصرية تقف لافتة شارع «كلوت بك» الشهير شاهداً حياً على القيمة الإنسانية التي يمثلها الأطباء، حيث يحمل الشارع الشهير الذي يربط بين ميداني العتبة ورمسيس «أكبر الميادين المصرية» اسم الطبيب الفرنسي الشهير أنطوان كلوت، أو «كلوت بك» كما كان يناديه المصريون، ويعود الفضل إلى «كلوت بك» في تأسيس أول مدرسة حديثة للطب في مصر عام 1827 ميلادية، وهي مدرسة قصر العيني للطب، حيث استقدمه الأمير محمد علي الكبير حاكم مصر وقتها من فرنسا ومنحه الجنسية المصرية ولقب «البكاوية» تقديراً لجهوده العلمية.
تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مايو (أيار) الماضي، والتي وجه فيها خلال افتتاحه أحد المشروعات القومية الجديدة بمدينة الإسكندرية «شمال مصر» بإطلاق أسماء الأطباء على شوارع المدن الجديدة تقديراً لتضحياتهم، شكلت مزجاً بين الإطار السياسي الذي يؤكد التوجه الرسمي للدولة، وبين التقدير الاجتماعي والشعبي للأطباء في عصور مختلفة، وأبرزت تصريحات الرئيس المصري المعنى السياسي والإنساني الذي تعكسه لافتات عاش أصحابها في القرن الثامن عشر، وأخرى ضحى أصحابها بحياتهم في مواجهة فيروس كورونا في العصر الحالي.
ويحمل شارع علوي، الذي يربط بين شارعي قصر النيل وصبري أبو علم بمنطقة مثلث البورصة في قلب القاهرة الخديوية الكثير من الدلالات التي تربط الماضي بالحاضر، إذ أطلق عليه الاسم تخليداً لذكرى الدكتور محمد علوي باشا، رائد طب العيون في مصر، والذي توفي عام 1918 ميلادية، وكان طبيباً لأسرة الخديوي إسماعيل، وهو ما مكنه من إقناع الأميرة فاطمة إسماعيل «ابنة الخديوي» بالتبرع بالأرض وبعض الأوقاف لإنشاء أول جامعة مصرية، وهي جامعة القاهرة الحالية، كما باعت الأميرة مجوهراتها للمساهمة في تكاليف البناء وفقاً للدكتور مصطفى الصادق، أستاذ النساء والتوليد بكلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الأميرة فاطمة إسماعيل بالتبرع بمجوهراتها لصالح إنشاء الجامعة المصرية اصطدم بعدم إمكانية بيعها في مصر، إذ أن المبلغ الذي كانت ستباع به قليل جداً، وهو ما دفع الجامعة إلى تكليف الدكتور علوي باشا بالسفر إلى الخارج، حيث قام ببيعها بمبلغ جيد في مزاد عالمي».
ومع التوجه الرسمي بتكريم الأطباء تقديرا لدورهم العلمي والإنساني، انضمت لافتات جديدة تزين واجهات شوارع وميادين مصرية تحمل أسماءهم، أبرزها ميدان الدكتور مجدي يعقوب، جراح القلب العالمي الشهير، الذي أطلق اسمه في مارس (آذار) الماضي على أحد ميادين مدينة الشروق، والذي كان يحمل اسم ميدان النهضة، كما تم إطلاق اسم الجراح العالمي الذي يلقبه المصريون بـ«أمير القلوب» على طريق رئيسي بمدينة حدائق أكتوبر الجديدة.
وفي أبريل (نيسان) الماضي قرر الدكتور أيمن مختار، محافظ الدقهلية إطلاق اسم الدكتورة سونيا عارف، التي توفيت إثر إصابتها بفيروس كورونا، على مدرسة كانت تحمل اسم «شبرا البهو الابتدائية»، تخليدا لذكراها.
ويحمل إطلاق اسم الدكتور سونيا، على إحدى مدارس قريتها التي رفض أهلها السماح بدفنها خوفاً من العدوى رسالة مركبة سياسيا واجتماعياً

وفقاً للدكتور سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية بالقاهرة، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «وضوح الاتجاه الرسمي للدولة بتقدير الأطباء وتضحياتهم بطرق مختلفة منها إطلاق أسمائهم على بعض الشوارع يمثل رسالة سياسية واجتماعية إيجابية لمواجهة السلوكيات المجتمعية التي قد تنتج عن حالة الخوف من العدوى، ويؤكد فكرة تقدير الدولة المصرية والمجتمع للأطباء في عصور مختلفة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.