جولة مفاوضات جديدة بين لندن وبروكسل لترتيب مرحلة ما بعد «بريكست»

جولة مفاوضات جديدة بين لندن وبروكسل لترتيب مرحلة ما بعد «بريكست»
TT

جولة مفاوضات جديدة بين لندن وبروكسل لترتيب مرحلة ما بعد «بريكست»

جولة مفاوضات جديدة بين لندن وبروكسل لترتيب مرحلة ما بعد «بريكست»

تنطلق في بروكسل، اليوم (الاثنين)، جولة مفاوضات جديدة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، بشأن العلاقة المستقبلية بين الجانبين عقب خروج لندن من عضوية الاتحاد (بريكست)، وستكون جولة المفاوضات القادمة في لندن الأسبوع القادم، في محاولة للتوصل إلى اتفاق، قبل انتهاء الفترة الانتقالية مع نهاية العام الحالي.
وعلق دانييل فيري المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، على المفاوضات التي جرت الأسبوع الماضي، في لندن بين الجانبين، بالقول: «نحن نعمل على حل الخلافات ونسير على طريق الوصول إلى اتفاق، وهذا ما أستطيع أن أقوله الآن»، واستدل بتصريحات صدرت عن كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه، وصف فيها المحادثات بالبناءة، وأن العمل مستمر على طريق إنهاء الخلافات. وذلك بعد سلسلة مفاوضات قال عنها بارنييه من قبل إنها لم تحرز أي تقدم.
وعشية الاجتماعات التي تنطلق اليوم، تبنت المفوضية الأوروبية في بروكسل، وثيقة لمساعدة السلطات الوطنية والشركات والمواطنين، في الاستعداد للتغييرات الحتمية التي ستطرأ في نهاية الفترة الانتقالية. وحسبما صدر عن مفوضية بروكسل، ستحدث تغييرات في التبادل عبر الحدود بين الجانبين، اعتباراً من مطلع يناير (كانون الثاني) القادم، بغض النظر عما إذا كان قد تم إبرام اتفاق حول الشراكة المستقبلية أم لا.
وقالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، من خلال البيان، إن الشعب البريطاني قرر في استفتاء ديمقراطي مغادرة الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أنه، وبغض النظر عن مدى صعوبة العمل الآن من أجل اتفاقية شراكة وثيقة، فإن العلاقات بين الجانبين ستتغير حتماً، والأولوية هي ضمان استعداد مواطني الاتحاد الأوروبي والشركات بشكل جيد قدر الإمكان، في مطلع يناير القادم.
من جانبه، قال كبير الفريق التفاوضي الأوروبي ميشال بارنييه: «ستتأثر الإدارات العامة والشركات والمواطنين وأصحاب المصلحة، جراء قرار بريطانيا مغادرة الاتحاد الأوروبي، وبعد قرار لندن عدم تمديد الفترة الانتقالية، نعلم الآن أن هذه التغييرات سوف تحدث في مطلع العام القادم سواء كانت هناك صفقة أم لا».
وتحدد الوثيقة التي تبنتها المفوضية الاستعداد للتغييرات ونظرة عامة على كل قطاع على حدة في المجالات الرئيسية، كما تهدد الإجراءات التي يجب على السلطات الوطنية والشركات والمواطنين القيام بها استعداداً لهذه التغييرات، وهذه الوثيقة لا تسعى بأي حال إلى الحكم المسبق على نتيجة المفاوضات، ولكن هدفها هو التأكد من أن جميع الإدارات العامة وأصحاب المصلحة جاهزون بشكل جيد للاضطرابات التي يمكن تجنبها، التي سببها قرار لندن مغادرة الاتحاد، وإنهاء الفترة الانتقالية هذا العام. كما تعتبر هذه الإجراءات مكملة للإجراءات التي اتخذتها الدول الأعضاء على المستوى الوطني، وستعمل المفوضية الأوروبية بشكل وثيق مع السلطات الوطنية وأصحاب المصلحة خلال الأشهر القادمة، على الاستعداد للتغييرات بعيدة المدى، التي ستحدث نهاية العام.
وكانت المملكة المتحدة قد غادرت الاتحاد الأوروبي في 31 يناير 2020، وضمنت اتفاقية الانسحاب المبرمة بين الجانبين رحيلاً منظماً للمملكة المتحدة، ما وفر يقيناً قانونياً في مجالات مهمة، بما في ذلك حقوق المواطنين، والتسوية المالية وتجنب الحدود الصعبة في جزيرة آيرلندا.
كما نصت الاتفاقية على فترة انتقالية، بدأت مطلع فبراير (شباط) الماضي وتنتهي بنهاية العام، وتضمن استمرار تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي على المملكة المتحدة، كما ستغادر بريطانيا في نهاية الفترة الانتقالية، السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، وبالتالي وضع حد لحرية حركة الأشخاص والبضائع والخدمات.
ولن تشارك بريطانيا في ضريبة القيمة المضافة وضريبة الاستهلاك، ولا في سياسات وبرامج الاتحاد الأوروبي، وستتوقف عن الاستفادة من الاتفاقيات الدولية للاتحاد الأوروبي.



هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».