مصر تطرح «صياغات بديلة» لحل خلافات «سد النهضة»

القاهرة قالت إنها تأمل في أن تتعامل أديس أبابا بـ«إيجابية» للتوافق

TT

مصر تطرح «صياغات بديلة» لحل خلافات «سد النهضة»

تواصلت أمس اجتماعات ممثلي مصر والسودان وإثيوبيا، كُل على حدة، مع المراقبين في مفاوضات «سد النهضة» برعاية الاتحاد الأفريقي، بهدف التباحث حول اتفاق ملء وتشغيل السد الإثيوبي. ورفضت مصر مساء أول من أمس مقترحاً إثيوبياً بـ«تأجيل حسم الجوانب الفنية»، وقالت وزارة الري والموارد المائية المصرية إن «مصر طرحت (صياغات بديلة) لمحاولة تقريب وجهات النظر بخصوص إجراءات التعامل مع حالات الجفاف». وبينما عبرت القاهرة عن أملها في أن تتعامل إثيوبيا بـ(إيجابية) مع البدائل المصرية للتوافق حول (النقاط الخلافية)، قال السودان إن «هناك تقدماً في بعض القضايا الفنية».
وكانت المفاوضات قد استؤنفت مطلع يوليو (تموز) الحالي، بمبادرة من رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الذي يرأس الاتحاد الأفريقي لمدة أسبوعين، وذلك بالتزامن مع إحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي، بطلب مصري.
وتجري المفاوضات بحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا، وممثلي مكتب الاتحاد الأفريقي ومفوضية الاتحاد الأفريقي، والخبراء القانونيين من مكتب الاتحاد الأفريقي. ومن المقرر أن تستمر المناقشات على المستويين الفني والقانوني لغد (الاثنين)، فيما تعقد اليوم (الأحد) اجتماعات الوزراء الثلاثة.
وتخشى القاهرة من المساس بحصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتطالب بـ«اتفاق حول ملفات، بينها أمان السد وتحديد قواعد ملئه في أوقات الجفاف والجفاف الممتد». بينما تقول أديس أبابا إنها «لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر ولا السودان، وإن الهدف الأساسي للسد هو توليد الكهرباء لدعم عملية التنمية».
وبحسب «الري» المصرية فإنه «تم عقد اجتماعين على التوازي للفرق الفنية والقانونية من الدول الثلاث مساء أول من أمس، حيث طرحت مصر خلال اجتماع اللجنة الفنية بعض (الصياغات البديلة) لمحاولة تقريب وجهات النظر، بخصوص إجراءات التعامل مع حالات الجفاف الممتد، والسنوات شحيحة الإيراد في كل من الملء والتشغيل، بالإضافة إلى قواعد التشغيل السنوي، وإعادة الملء، في إطار محاولة الجانب المصري (حلحلة النقاط الخلافية الفنية) بين الدول الثلاث».
وأكدت «الري» في مصر أن «الجانب الإثيوبي اقترح تأجيل البت في (النقاط الخلافية) في عملية التفاوض الحالية، على أن تتم إحالتها إلى اللجنة الفنية، التي سوف يتم تشكيلها بموجب الاتفاقية لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق»، مشيرة إلى أن «هذا المقترح ترفضه مصر شكلاً وموضوعاً، حيث إنه لا يمكن إحالة (النقاط الخلافية) التي تمس الشواغل المصرية في قضايا فنية رئيسية، تمثل العصب الفني للاتفاق، إلى اللجنة الفنية كي تقررها لاحقاً إلى ما بعد توقيع الاتفاق».
وحول مناقشات اللجنة القانونية، ذكرت «الري» المصرية أنها «استمرت دون تسجيل أي تقدم في التوصل إلى توافق حول (النقاط الخلافية)»، موضحة أنه «تم الاتفاق على قيام إثيوبيا بدراسة البدائل التي طرحتها مصر، على أن يتم النقاش حولها في الاجتماع الوزاري الثلاثي».
وكانت وزارة «الري» المصرية قد ذكرت سابقاً أن «تمسك إثيوبيا المستمر بمواقفها (المتشددة) بخصوص الأجزاء الفنية والقانونية الخاصة بهذا الملف، يقلل من فرص التوصل إلى حل شامل».
من جهته، قال المتحدث باسم «الري» المصرية، محمد السباعي، إن «مصر ما زالت عند موقفها في قضية (سد النهضة)؛ لكنها تبحث عن صياغة لمقترحاتها مع الجانب الإثيوبي حول النقاط الفنية»، مضيفاً في تصريحات له أن «غداً (الاثنين) هو الموعد المحدد لتقديم تقرير من الدول الثلاث إلى الاتحاد الأفريقي بشأن تطورات السد»، موضحاً أن «إثيوبيا لا يحق لها ملء السد قبل التوافق معنا ومع السودان».
في سياق متصل، قالت وزارة الري والموارد المائية السودانية، إن «اجتماعات الليلة قبل الماضية اتسمت بتقديم الدول الثلاث لمقترحاتها لحل القضايا العالقة بشقيها الفني والقانوني، ويشمل ذلك المعالجات التي يمكن اتباعها أثناء فترات الجفاف الممتد، وطريقة إعادة الملء لبحيرة السد، مع الوضع في الاعتبار مستوى الجفاف في الحوض. كما تطرق النقاش إلى التغير اليومي الأقصى في التصريفات من (سد النهضة)»، مضيفة في بيان لها أن «هناك تقدما في بعض القضايا الفنية، من خلال المقترحات المقدمة. أما بخصوص الجوانب القانونية، فقد جرى النقاش حول عدد من القضايا الجوهرية بينها، إلزامية الاتفاقية، وآلية فض النزاعات، وعلاقة هذه الاتفاقية باتفاقيات المياه السابقة في حوض النيل». وبحسب «الري» السودانية فإن التفاوض تم في جو أخوي وشفاف.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.