زواج «أمازون» و«واشنطن بوست»

تطبيقات جديدة على آيباد «كيندل» لقراءة الصحيفة مجانا

الملياردير جيف بيزوس، مؤسس ومالك موقع {أمازون} لبيع الكتب في الإنترنت يحمل نسخة من آيباد {كيندل} (الذي تنتجه شركة {أمازون}) لقراءة صحيفة {واشنطن بوست} مجانا ({الشرق الأوسط})
الملياردير جيف بيزوس، مؤسس ومالك موقع {أمازون} لبيع الكتب في الإنترنت يحمل نسخة من آيباد {كيندل} (الذي تنتجه شركة {أمازون}) لقراءة صحيفة {واشنطن بوست} مجانا ({الشرق الأوسط})
TT

زواج «أمازون» و«واشنطن بوست»

الملياردير جيف بيزوس، مؤسس ومالك موقع {أمازون} لبيع الكتب في الإنترنت يحمل نسخة من آيباد {كيندل} (الذي تنتجه شركة {أمازون}) لقراءة صحيفة {واشنطن بوست} مجانا ({الشرق الأوسط})
الملياردير جيف بيزوس، مؤسس ومالك موقع {أمازون} لبيع الكتب في الإنترنت يحمل نسخة من آيباد {كيندل} (الذي تنتجه شركة {أمازون}) لقراءة صحيفة {واشنطن بوست} مجانا ({الشرق الأوسط})

في العام الماضي، اشترى الملياردير جيف بيزوس، مؤسس ومالك موقع «أمازون» لبيع الكتب في الإنترنت (ثم وسع الموقع وصار يبيع كل شيء تقريبا)، صحيفة «واشنطن بوست»، أهم صحيفة يومية في العالم (بسبب قربها من صانعي القرار في أهم عاصمة في العالم)، اشتراها أيضا بـ250 مليون دولار (من ماله الخاص، وليس من مال شركته، حيث يوجد معه شركاء صغار). في ذلك الوقت، كان متوقعا أن يغير هذا «الزواج» الصحيفة. في أقل الأحوال، يغيرها لتنجح مثلما نجحت «أمازون».
وفي الأسبوع الماضي، أعلن «أمازون» طريقة جديدة لقراءة «واشنطن بوست»، وهي مثل قراءة الكتب في «أمازون». ينزل الشخص تطبيقا جديدا ليقرأ الصحيفة. وإذا كان الشخص يستخدم لوح آيباد «كيندل» (الذي تنتجه شركة «أمازون»)، يقدر على قراءة «واشنطن بوست» مجانا.
وقال شليش باركاش، مدير قسم التكنولوجيا في «واشنطن بوست»: «تحدثنا معه (بيزوس) مرات كثيرة ونحن نجهز لهذا المشروع الجديد. إنه أكثر خبرائنا تجارب في هذا المشروع».
وقال مارتن بارون، رئيس تحرير الصحيفة: «خلال أحاديث كثيرة مع السيد بيزوس، تسربت إلى أعماقنا كثير من أفكاره وطموحاته. ومرات كثيرة سألناه عن سر نجاح (أمازون)، وتأكد لنا أنه مدمن الاستهلاكية (تلبية رغبة المستهلك)».
وقال آخرون في الصحيفة إن بيزوس، خلال لقاءات مع كبار المسؤولين في الصحيفة، أوضح استراتيجية واسعة النطاق لتغيير الصحيفة. ولتتحول نحو قراء عبر الولايات المتحدة، وعبر العالم. ويتناقض هذا تناقضا مباشرا مع الاتجاه السابق، وهو التركيز على الأخبار المحلية.
وعن هذا، قال مارتن بارون، رئيس التحرير، إن كثيرا من التعيينات الأخيرة كانت تعيينات صحافيين يهتمون بالمواضيع الأميركية، وليس بمواضيع واشنطن فقط. لهذا، سيقوم فريق من 16 شخصا بإعادة كتابة العناوين والمقالات لتكون مناسبة للذين يستعملون «آيباد»، وخصوصا ماركة «كيندل»، الذي تملكه شركة «أمازون».
حتى روح العمل داخل مكاتب «أمازون» بدأت تنتقل إلى مكاتب «واشنطن بوست». انتقلت استراتيجية اسمها «داي ون» (اليوم رقم واحد). يعنى هذا أن كل يوم جديد هو مثل أول يوم صدرت فيه «واشنطن بوست»، ويقصد هذا زيادة التحفز وسط الصحافيين، مثل أن يدخل الصحافي مكتب الصحيفة في الصباح وهو يقول: «ليس هذا يوما روتينيا تأتينا فيه أخبار جديدة وننشرها كما نفعل كل يوم، بل هذا أول يوم تصدر فيه الصحيفة، ونحن أمام تحدي النجاح أو الفشل».
وتذكر ستيفن هيلز، رئيس شركة «واشنطن بوست الجديدة» أن بيزوس، في أول اجتماع معه بعد أن اشترى الصحيفة، سأله: «كيف سنكون ناجحين بعد 20 عاما من الآن؟» وفسر هيلز هذا بأنه استراتيجية «سكليز» (مراحل). وتتخلص في التركيز أولا على التوسع والنمو، ثم الربح. ولهذا سأل بيزوس عما سيحدث بعد 20 عاما (لم يقل: «كيف سنربح في العام القادم؟).
لكن، كما قال د. هنري ماسايابو، أستاذ الصحافة في جامعة كاليفورنيا: «يسهل أن يقول ملياردير هذا. يسهل أن لا يربح الثري اليوم، ليربح غدا. لكن في الجانب الآخر لا يؤجل الربح إلا شخص واثق من نفسه، وأكثر يقينا وتوازنا وأقل جشعا وهرولة».
وقال فردريك رايان، ناشر «واشنطن بوست»، وكأنه يؤكد الجزء الثاني من تعليق بروفسور ماسايابو: «نحن محظوظون لأننا نقدر على أن نخطط للمدى البعيد، ولا نشغل أنفسنا فقط بعمل يوم بعد يوم».
ماذا بعد قراءة «واشنطن بوست» وكأنها كتاب لا صحيفة يومية؟ ماذا في جعبة بيزوس؟
كتب رافي سمويا، في صحيفة «نيويورك تايمز»، منافسة «واشنطن بوست» الأولى: «يبدو أن (واشنطن بوست) ستسير على خطى (أمازون). حسنا، لنرَ ما هو الجديد في (أمازون). ستدخل عالم إنتاج المسلسلات التلفزيونية. حسنا، لنستعد لمجال جديد ستدخله (واشنطن بوست): إنتاج المسلسلات التلفزيونية».
الآن، قد يسال دونالد غراهام مستغربا: «مسلسلات تلفزيونية؟!». هذا هو المالك السابق للصحيفة. وكان قال يوم باعها لبيزوس: «بعد مرور سنوات من التحديات في عالم الصحافة، دفعنا ذلك للبحث لإيجاد مالك جديد للصحيفة»، وأضاف غراهام: «النابغة جيف بيزوس، الذي لمع اسمه في عالم التكنولوجيا والأعمال، كان مرشحا مميزا». ها هو «النابغة» يريد من صحافيي «واشنطن بوست» إنتاج مسلسلات تلفزيونية!



كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
TT

كاتدرائية «نوتردام» في باريس تعود إلى العالم في احتفالية استثنائية

صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)
صورة داخل كاتدرائية «نوتردام دو باري» بعد إنجاز ترميمها (إ.ب.أ)

قبل 861 عاماً، نهضت كاتدرائية «نوتردام دو باريس» في قلب العاصمة الفرنسية. ومع مرور العقود والعصور تحوّلت إلى رمز لباريس، لا بل لفرنسا. ورغم الثورات والحروب بقيت «نوتردام» صامدة حيث هي، في قلب باريس وحارسة نهر السين الذي يغسل قدميها. إلا أن المأساة حلّت في شهر أبريل (نيسان) من عام 2019، عندما اندلع حريق هائل، التهمت نيرانه أقساماً رئيسة من الكاتدرائية التي انهار سقفها وتهاوى «سهمها»، وكان سقوطه مدوياً.

منظر للنافذة الوردية الجنوبية لكاتدرائية نوتردام دو باريس(رويترز)

حريق «نوتردام» كارثة وطنية

وكارثة «نوتردام» تحوّلت إلى مأساة وطنية، إذ كان يكفي النظر إلى آلاف الباريسيين والفرنسيين والسياح الذين تسمّروا على ضفتي نهر السين ليشهدوا المأساة الجارية أمام عيونهم. لكن اللافت كانت السرعة التي قررت فيها السلطات المدنية والكنسية مباشرة عملية الترميم، وسريعاً جدّاً، أطلقت حملة تبرعات.

وفي كلمة متلفزة له، سعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى شد أزر مواطنيه، مؤكداً أن إعادة بناء الكاتدرائية و«إرجاعها أجمل مما كانت» ستبدأ من غير تأخير. وأعلن تأسيس هيئة تشرف عليها، وأوكل المهمة إلى الجنرال جان لويس جورجولين، رئيس أركان القوات المسلحة السابق. وبدأت التبرعات بالوصول.

وإذا احتاجت الكاتدرائية لقرنين لاكتمال بنائها، فإن ترميمها جرى خلال 5 سنوات، الأمر الذي يعد إنجازاً استثنائياً لأنه تحول إلى قضية وطنية، لا بل عالمية بالنظر للتعبئة الشعبية الفرنسية والتعاطف الدولي، بحيث تحوّلت الكاتدرائية إلى رابطة تجمع الشعوب.

وتبين الأرقام التي نشرت حديثاً أن التبرعات تدفقت من 340 ألف شخص، من 150 دولة، قدّموا 846 مليون يورو، إلا أن القسم الأكبر منها جاء من كبار الممولين والشركات الفرنسية، ومن بينهم من أسهم بـ200 مليون يورو. ومن بين الأجانب المتبرعين، هناك 50 ألف أميركي، وهو الأمر الذي أشار إليه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وكان أحد الأسباب التي دفعته للمجيء إلى فرنسا؛ البلد الأول الذي يزوره بعد إعادة انتخابه في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

متطوعون يضعون برنامج الحفل على المقاعد قبل الحفل (أ.ف.ب)

منذ ما يزيد على الشهر، تحوّلت الكاتدرائية إلى موضوع إلزامي في كل الوسائل الإعلامية. وخلال الأسبوع الحالي، حفلت الصحف والمجلات وقنوات التلفزة والإذاعات ببرامج خاصة تروي تاريخ الكاتدرائية والأحداث الرئيسة التي عاشتها في تاريخها الطويل.

وللدلالة على الأهمية التي احتلتها في الوعي الفرنسي، فإن رئيس الجمهورية زارها 7 مرات للاطلاع على التقدم الذي حققه المهنيون والحرفيون في إعادة البناء والترميم. وإذا كانت الكاتدرائية تجتذب قبل 2012 ما لا يقل عن 12 مليون زائر كل عام، فإن توقعات المشرفين عليها تشير إلى أن العدد سيصل العام المقبل إلى 15 مليوناً من كل أنحاء العالم.

المواطنون والسياح ينتظرون إفساح المجال للوصول الى ساحة الكاتدرائية (أ.ف.ب)

باريس «عاصمة العالم»

خلال هذين اليومين، تحوّلت باريس إلى «عاصمة العالم»، ليس فقط لأن قصر الإليزيه وجّه دعوات لعشرات من الملوك ورؤساء الدول والحكومات الذين حضر منهم نحو الخمسين، ولكن أيضاً لأن الاحتفالية حظيت بنقل مباشر إلى مئات الملايين عبر العالم.

وقادة الدول الذين قدّموا إلى «عاصمة النور» جاءوا إليها من القارات الخمس. وبسبب هذا الجمع الدولي، فإن شرطة العاصمة ووزارة الداخلية عمدتا إلى تشكيل طوق أمني محكم لتجنب أي إخلال بالأمن، خصوصاً أن سلطاتها دأبت على التحذير من أعمال قد تكون ذات طابع إرهابي. وإذا كان الرئيس الأميركي المنتخب قد حظي بالاهتمام الأكبر، ليس لأنه من المؤمنين المواظبين، بل لأنه يُمثل بلداً له تأثيره على مجريات العالم.

لكن في المقابل، تأسف الفرنسيون لأن البابا فرنسيس اعتذر عن تلبية الدعوة. والمثير للدهشة أنه سيقوم بزيارة جزيرة كورسيكا المتوسطية الواقعة على بُعد رمية حجر من شاطئ مدينة نيس اللازوردية، في 15 الشهر الحالي. والمدهش أيضاً أنه منذ أن أصبح خليفة القديس بطرس في روما، «المدينة الخالدة»، فإنه زار فرنسا مرتين، ثانيها كانت لمدينة مرسيليا الساحلية. بيد أنه لم يأتِ إلى باريس إطلاقاً. ووفق مصادر واسعة الاطلاع، فإن قرار البابا أحدث خيبة على المستويين الديني والرسمي. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى حدث تاريخي رئيس، وهو أن بابا روما بيوس السابع، قدم إلى باريس يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1804، لتتويج نابليون الأول إمبراطوراً.

وتمثل لوحة الرسام الفرنسي الشهير لوي دافيد، التي خلد فيها تتويج بونابرت، ما قام به الأخير الذي لم ينتظر أن يضع البابا التاج على رأسه، بل أخذه بيديه ووضعه بنفسه على رأسه، وكذلك فعل مع الإمبراطورة جوزفين.

احتفالية استثنائية

لم يساعد الطقس مساعدي الاحتفالية الذين خططوا لأن تكون من جزأين: الأول رسمي، ويجري في ساحة الكاتدرائية الأمامية؛ حيث يلقي الرئيس ماكرون خطابه المقدر من 15 دقيقة، وبعدها الانتقال إلى الداخل للجزء الديني. وكان مقدراً للمواطنين الـ40 ألفاً، إضافة إلى 1500 مدعو حظوا بالوجود داخل الكاتدرائية، أن يتابعوا الحدث من المنصات التي نصبت على ضفتي نهر السين، إلا أن الأمطار والعواصف التي ضربت باريس ومنطقتها أطاحت بالبرنامج الرئيس، إذ حصلت كل الاحتفالية بالداخل. بيد أن الأمطار لم تقض على شعور استثنائي بالوحدة والسلام غلب على الحاضرين، وسط عالم ينزف جراء تواصل الحروب، سواء أكان في الشرق الأوسط أم في أوكرانيا أم في مطارح أخرى من العالم المعذب. وجاءت لحظة الولوج إلى الكاتدرائية، بوصفها إحدى المحطات الفارقة، إذ تمت وفق بروتوكول يعود إلى مئات السنين. بدءاً من إعادة فتح أولريش لأبواب «نوتردام» الخشبية الكبيرة بشكل رمزي.

كاتدرائية «نوتردام» السبت وسط حراسة أمنية استعداداً لإعادة افتتاحها (إ.ب.ى)

وسيقوم بالنقر عليها 3 مرات بعصا مصنوعة من الخشب المتفحم الذي جرى إنقاذه من سقف الكاتدرائية الذي دمرته النيران، وسيعلن فتح الكاتدرائية للعبادة مرة أخرى. ونقل عن المسؤول عن الكاتدرائية القس أوليفييه ريبادو دوما أن «نوتردام»، التي هي ملك الدولة الفرنسية، ولكن تديرها الكنيسة الكاثوليكية «أكثر من مجرد نصب تذكاري فرنسي وكنز محبوب من التراث الثقافي العالم، لا بل هي أيضاً علامة على الأمل، لأن ما كان يبدو مستحيلاً أصبح ممكناً»، مضيفاً أنها أيضاً «رمز رائع».

الأرغن الضخم يحتوي على 8 آلاف مزمار تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام (أ.ف.ب)

كذلك، فإن تشغيل الأرغن الضخم الذي تم تنظيفه وتحضيره للمناسبة الاستثنائية، تم كذلك وفق آلية دقيقة. ففي حين ترتفع المزامير والصلوات والترانيم، فإنه جرى إحياء الأرغن المدوي، الذي صمت وتدهورت أوضاعه بسبب الحريق. ويحتوي الأرغن على 8 آلاف مزمار، تم ترميمها وتنظيفها من غبار الرصاص السام. وقام 4 من العازفين بتقديم مجموعة من الألحان بعضها جاء مرتجلاً.

إلى جانب الشقين الرسمي والديني، حرص المنظمون على وجود شق يعكس الفرح؛ إذ أدت مجموعة من الفنانين الفرنسيين والأجانب لوحات جميلة جديرة بالمكان الذي برز بحلة جديدة بأحجاره المتأرجحة بين الأبيض والأشقر وزجاجه الملون، وإرثه الذي تم إنقاذه من النيران وأعيد إحياؤه.

وبعد عدة أيام، سيُعاد فتح الكاتدرائية أمام الزوار الذي سيتدفقوة بالآلاف على هذا المعلم الاستثنائي.

حقائق

846 مليون يورو

تدفقت التبرعات من 340 ألف شخص من 150 دولة قدموا 846 مليون يورو لإعادة ترميم نوتردام