«الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا يخطط لضم 15 ألف عنصر جديد جنوب سوريا

قائده أحمد العودة يوسع نفوذه على حساب تنظيمات تابعة لإيران

عربة عسكرية عليها جنود روس في جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
عربة عسكرية عليها جنود روس في جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
TT
20

«الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا يخطط لضم 15 ألف عنصر جديد جنوب سوريا

عربة عسكرية عليها جنود روس في جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
عربة عسكرية عليها جنود روس في جنوب سوريا (الشرق الأوسط)

قالت مصادر خاصة في درعا جنوب سوريا، إن «اللواء الثامن» التابع لـ«الفيلق الخامس» المشكل من «فصائل التسويات»، وتشرف عليه روسيا، أرسل دعوات جديدة ضمن المنطقة الجنوبية لضم عناصر جديدة من أبناء المنطقة الجنوبية إلى صفوفه.
وتم تكليف عناصر الفيلق السابقين الكل في منطقته بإبلاغ الأهالي بفتح باب الانضمام لـ«الفيلق الخامس»، وخصوصا أمام الفارين من الخدمة الإلزامية والمتخلفين عنها والمدنيين الراغبين أيضاً، كما حصل مؤخراً في مدينتي الحراك بريف درعا الشرقي، وأنخل بريف درعا الغربي، حيث أبلغ أفراد من عناصر «الفيلق» الأهالي أن «اللواء الثامن ضمن الفيلق الخامس يرغب بضم أعداد جديدة من أبناء المنطقة الجنوبية إلى قواته من المنشقين وعناصر الفصائل المعارضة سابقاً من الخاضعين للتسوية»، مع وعود بأن يكون انضمامهم إلى «الفيلق مُحتسباً من الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش السوري، وتسوية أوضاعهم سواء كانوا منشقين عن الجيش أو متخلفين عن الخدمة، وأن يكون انتشارهم محصوراً ضمن المنطقة الجنوبية فقط».
وأوضحت المصادر أن «التوسعة الأخيرة التي طرحها الفيلق الخامس جنوب سوريا انطلقت منذ شهر تقريباً، وأن قرابة 5 آلاف شاب من أبناء مدن وبلدات الريف الغربي والشرقي والشمالي في درعا انضموا مؤخراً إلى قوات الفيلق، ويتم تدريبهم في معسكرات خاصة به، أحدها في مدينة بصرى الشام المعقل الرئيسي لقوات الفيلق جنوب سوريا، حيث يخضع المنضمون إلى تدريبات عسكرية ولياقة بدنية وغير ذلك، بحضور ضباط برتبة عقيد ورائد من قوات الفيلق الخامس، وهم من أبناء المنطقة الجنوبية وكانوا منشقين عن جيش النظام، ومدربين برتبة ملازم، وتم تقسيم الأعداد إلى مجموعات قتالية وحراسة ومشاة وغير ذلك». وسُجلت فور فتح باب الانضمام لـ«الفيلق» أعداد كبيرة و«قابلة للزيادة بعد انتهاء الدورة الأولى من التوسعة لتشمل 15 ألف مقاتل جديد من مختلف مناطق جنوب سوريا».
وجاء ذلك بعد اتفاق بين قيادة «الفيلق» واللجان المركزية للتفاوض في الجنوب وفعاليات مدنية ووجهاء محليين وقيادات فصائل منضوية تحت اتفاقية التسوية بالتنسيق مع الجانب الروسي.
يشار أن قائد قوات «الفيلق» في درعا أحمد العودة قال في عزاء عناصر «الفيلق» الذين قضوا في تفجير استهدفهم على طريق بلدة كحيل إن «حوران قريباً ستكون جسما واحدا وجيشا واحدا لحماية حوران، وستكون الأداة الأقوى لحماية سوريا كلها»، بالتزامن مع الدعوات التي أطلقها لضم المزيد من أبناء المنطقة الجنوبية إلى قوامه، وإقبال أعداد كبيرة من الشباب للانضمام.
بحسب ناشطين من جنوب سوريا، فإن قوات «الفيلق» تحظى بتأييد شعبي كبير جنوب سوريا، لتدخل «الفيلق» في عدة مناسبات تظهر السلطة الممنوحة له على حساب قوات النظام في المنطقة، ومنعها من ارتكاب خروقات باتفاق التسوية الذي ترعاه روسيا في المنطقة، فضلاً عن خروجهم بمظاهرات تطالب بخروج إيران من المنطقة ورفع القبضة الأمنية، ومنح روسيا لهم صلاحيات واسعة لتسهيل التزامها أمام دول إقليمية وغيرها بالحفاظ على اتفاق التسوية في المنطقة الجنوبية، لمنع أي تجاوزات في المنطقة تؤدي إلى انهيار التسوية واشتعال المنطقة من جديد، وسعيا من روسيا لتحقيق قوة عسكرية كبيرة لها في جنوب سوريا تخدم مصالحها مستقبلاً، وتمنع بقاء الجنوب ساحة أمام دول أخرى لكسب شبابه.
ويرى خبراء عسكريون أن التشكيل الجديد الذي ستشهده المنطقة الجنوبية، وتحدث عنه العودة «جاء بتنسيق بين دول عربية وأميركا وروسيا للحفاظ على حدود سوريا الجنوبية وضبطها، وكسب الخزان البشري فيها لصالح روسيا بعدما انحسرت خيارات شباب جنوب سوريا وخصوصا الفارين من الجيش أو المتخلفين عن الخدمة أو الملاحقين من النظام، إما بالانضمام إلى قوات الفرقة الرابعة أو الفليق الخامس أو الالتحاق بالجيش السوري». واعتبروا أن «الخيار الأنسب الذي اتبعه أبناء المنطقة الجنوبية وفقاً للأعداد الكبيرة التي انضمت مؤخراً للفيلق هو اختيار الفيلق الخامس باعتبار أن روسيا المسؤولة عنه بشكل مباشر وهي الضامن لاتفاق التسوية، لا سيما مع التطمينات الروسية للمنطقة وقادة الفصائل المعارضة سابقاً، وبقاء الخدمة ضمن المنطقة الجنوبية فقط، وتشكل اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس الروسي جنوب سوريا في عام 2018 بعد اتفاق التسوية، من فصائل المعارضة سابقا التي كانت جنوب سوريا ومن مدنيين». وتم تشكيله من قبل الروس بالتنسيق مع العودة قائد قوات «شباب السنة»، من أكبر فصائل المعارضة سابقاً جنوب سوريا.
وقتل 3 من عناصر «الفيلق» المدعوم من روسيا المشكل من فصائل المعارضة جنوب سوريا سابقاً في 27 يونيو (حزيران) في بلدة محجة بريف درعا الشمالي الشرقي، بعد اشتباكات مع عناصر من فرع أمن الدولة التابع لقوات النظام السوري.
كما قتل 9 عناصر من «الفيلق»، في 20 يونيو، بعد انفجار عبوة ناسفة عند بلدة كحيل بريف درعا الشرقي، التي استهدفت حافلة كان يستقلها حوالي 40 عنصرا من قوات «اللواء الثامن» في «الفيلق». وخرجت أثناء تشييع عناصر الفيلق مظاهرة كبيرة في مدينة بصرى الشام بمشاركة أعداد كبيرة، وحضور وجهاء عشائر المنطقة وأعضاء اللجان المركزية للتفاوض، طالبت بخروج إيران من سوريا، وهتفت ضد «حزب الله».



انقسام حول مستقبل عمليات مكافحة الإرهاب الأميركية في الصومال

مدرب من قوات العمليات الخاصة الأميركية يتحدث إلى مجندي «داناب» في عام 2023. درَّبت الولايات المتحدة وجهَّزت وحدات مختارة من القوات الخاصة الصومالية المعروفة باسم «داناب». حقوق الصورة (نيويورك تايمز)
مدرب من قوات العمليات الخاصة الأميركية يتحدث إلى مجندي «داناب» في عام 2023. درَّبت الولايات المتحدة وجهَّزت وحدات مختارة من القوات الخاصة الصومالية المعروفة باسم «داناب». حقوق الصورة (نيويورك تايمز)
TT
20

انقسام حول مستقبل عمليات مكافحة الإرهاب الأميركية في الصومال

مدرب من قوات العمليات الخاصة الأميركية يتحدث إلى مجندي «داناب» في عام 2023. درَّبت الولايات المتحدة وجهَّزت وحدات مختارة من القوات الخاصة الصومالية المعروفة باسم «داناب». حقوق الصورة (نيويورك تايمز)
مدرب من قوات العمليات الخاصة الأميركية يتحدث إلى مجندي «داناب» في عام 2023. درَّبت الولايات المتحدة وجهَّزت وحدات مختارة من القوات الخاصة الصومالية المعروفة باسم «داناب». حقوق الصورة (نيويورك تايمز)

اقترح بعض مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية إغلاق السفارة في العاصمة الصومالية مقديشو إجراءً وقائياً بعد التقدم الأخير الذي أحرزه مقاتلو «حركة الشباب».

المجندون يحملون العلم الصومالي خلال حفل تخرجهم (نيويورك تايمز)
المجندون يحملون العلم الصومالي خلال حفل تخرجهم (نيويورك تايمز)

كشف مسؤولون مطلعون على المناقشات الداخلية في الصومال، أن المكاسب الأخيرة التي حققتها حركة تمرد هناك دفعت بعض مسؤولي وزارة الخارجية إلى اقتراح إغلاق السفارة الأميركية في مقديشو، وسحب غالبية الموظفين الأميركيين، إجراءً أمنياً وقائياً.

عقد سيباستيان جوركا كبير مستشاري الرئيس ترمب لمكافحة الإرهاب اجتماعاً بين الوكالات في البيت الأبيض للبدء في مناقشة استراتيجية الإدارة تجاه الصومال (نيويورك تايمز)
عقد سيباستيان جوركا كبير مستشاري الرئيس ترمب لمكافحة الإرهاب اجتماعاً بين الوكالات في البيت الأبيض للبدء في مناقشة استراتيجية الإدارة تجاه الصومال (نيويورك تايمز)

مع ذلك، يخشى مسؤولون آخرون في إدارة ترمب، خصوصاً في مجلس الأمن القومي، من أن يؤدي إغلاق السفارة إلى تراجع الثقة في الحكومة المركزية الصومالية، وبالتالي إلى انهيار سريع عن غير قصد. وبدلاً من ذلك، يرغب هؤلاء المسؤولون في زيادة وتكثيف العمليات الأميركية في البلاد التي مزقتها الحرب لمجابهة «حركة الشباب»، بحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الجمعة.

المجندون يحملون العلم الصومالي خلال حفل تخرجهم (نيويورك تايمز)
المجندون يحملون العلم الصومالي خلال حفل تخرجهم (نيويورك تايمز)

تتأجج هذه المخاوف بسبب ذكريات كوارث السياسة الخارجية السابقة، مثل هجوم 2012 الذي شنّه مسلحون إسلاميون سيطروا على البعثة الأميركية في بنغازي بليبيا، والانهيار المفاجئ للحكومة الأفغانية مع انسحاب القوات الأميركية في 2021.

تدريبات إطلاق النار الحيّ أعدّتهم لمواجهة التهديد الوشيك من «حركة الشباب» على خطوط المواجهة (نيويورك تايمز)
تدريبات إطلاق النار الحيّ أعدّتهم لمواجهة التهديد الوشيك من «حركة الشباب» على خطوط المواجهة (نيويورك تايمز)

كذلك، يبرِز هذا التوجه المعضلة الأوسع التي تواجهها إدارة ترمب وهي تحدد استراتيجيتها الخاصة بالصومال، الدولة غير المستقرة التي تسودها الفوضى وتعاني انقسامات قبلية معقدة، حيث خاضت الولايات المتحدة حرباً محدودة ضد الإرهاب لنحو عقدين من الزمن دون إحراز تقدم كبير.

جنود صوماليون وهم جزء من وحدة قتالية النخبة تسمى «داناب» يستعدون لتدريبات إطلاق النار الحي في قاعدة عسكرية في باليدوجلي بالصومال في وقت سابق من هذا الشهر (نيويورك تايمز)
جنود صوماليون وهم جزء من وحدة قتالية النخبة تسمى «داناب» يستعدون لتدريبات إطلاق النار الحي في قاعدة عسكرية في باليدوجلي بالصومال في وقت سابق من هذا الشهر (نيويورك تايمز)

يبدو أن هذه الاعتبارات تدفع سيباستيان غوركا، مستشار ترمب الأول لمكافحة الإرهاب، الذي يتبنى نهجاً متشدداً من استخدام القوة ضد المتشددين، نحو مواجهة المزيد من العناصر الانعزالية في تحالف ترمب. هذه المجموعة، التي سئمت من «الحروب الأبدية» التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، لا ترى مصلحة كبرى للولايات المتحدة في الصومال.

وعقد غوركا الأسبوع الماضي اجتماعاً بين الوكالات في البيت الأبيض لبدء مناقشة الوضع والتوصل إلى نهج محدد، وفقاً لمسؤولين اطلعوا على نتائج الاجتماع وتحدثوا شريطة عدم الإفصاح عن هويتهم لمناقشة أمور حساسة. وانتهى الاجتماع دون التوصل إلى أي قرار واضح.

قام لاري إي. أندريه جونيور السفير الأميركي لدى الصومال بزيارات دورية إلى أماكن أخرى في أنحاء البلاد بما في ذلك حفل التخرج... لكنه ممنوع من دخول مقديشو (نيويورك تايمز)
قام لاري إي. أندريه جونيور السفير الأميركي لدى الصومال بزيارات دورية إلى أماكن أخرى في أنحاء البلاد بما في ذلك حفل التخرج... لكنه ممنوع من دخول مقديشو (نيويورك تايمز)

خلال فترات تولى فيها قيادة البلاد رؤساء من كلا الحزبين، اتبعت الولايات المتحدة سياسة دعم الحكومة الصومالية الضعيفة من خلال تدريب وحدات مختارة من قواتها الخاصة وتجهيزها، المعروفة باسم «داناب»، وتوفير الدعم لها باستخدام هجمات بالطائرات المسيَّرة في معاركها ضد «حركة الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة».

تهدف هذه السياسة إلى تمهيد الطريق أمام الحكومة الصومالية للحفاظ على الأمن بنفسها في النهاية، لكن، كما هو الحال في أماكن مثل أفغانستان، لم يحدث ذلك بعد. وتفاقمت الأوضاع وسط تقارير تفيد بأن بعض القوات الصومالية لم تقاتل، وأن الرئيس حسن شيخ محمود قد أبعد ليس فقط أفراداً من القبائل المنافسة ولكن أيضاً بعضاً من مؤيديه. ولم يرد مجلس الأمن القومي أو الـ«بنتاغون» على طلبات التعليق.

طائرة تجارية تحلّق فوق المنطقة الأمنية في مقديشو. حتى الجدران الخرسانية لا تصدّ كل العنف (نيويورك تايمز)
طائرة تجارية تحلّق فوق المنطقة الأمنية في مقديشو. حتى الجدران الخرسانية لا تصدّ كل العنف (نيويورك تايمز)

من جانبه، قال متحدث باسم وزارة الخارجية، الأربعاء، إن السفارة في مقديشو «ما زالت تعمل بكامل طاقتها»، وأن الوزارة «تراقب وتقيم باستمرار معلومات التهديد وتعدل إجراءاتنا الأمنية وإجراءات العمل وفقاً لذلك».

قالت مورين فاريل، التي كانت تشغل منصب المسؤول الأول عن السياسة الخاصة بأفريقيا في الـ«بنتاغون» في إدارة بايدن، إنه لا يوجد حل عسكري بحت وخالص لوجود «حركة الشباب». ودعت إلى التركيز على المتشددين الخطيرين مع محاولة دفع بقية المجموعة نحو تسويات سياسية.

وأضافت فاريل، التي تشغل الآن منصب نائب رئيس في شركة «فالار سولوشنز» للاستشارات الأمنية: «إذا كنا نفكر في الحد خفض مستوى وجودنا، فيجب أن نستخدم هذا الخفض المحتمل للضغط من أجل تحقيق تقدم حقيقي يتعلق بأهدافنا. هذه فرصة لا تتكرر إلا مرة كل عقد لنقول بجدية إننا مستعدون للمغادرة ما لم نرَ تغييرات كبيرة».

وقد زاد ترمب، خلال القسم الأكبر من فترته الرئاسية الأولى، من الجهود العسكرية في الصومال، بما في ذلك تخفيف القيود التي كانت مفروضة على هجمات الطائرات المسيرة خلال فترة رئاسة أوباما. مع ذلك خلال الأسابيع الأخيرة من ولايته، غيّر ترمب مساره فجأة وأمر بانسحاب معظم القوات الأميركية من الصومال باستثناء عدد قليل مكلّف حراسة السفارة.

أعاد الجيش نشر قواته في كينيا وجيبوتي المجاورتين، لكنه استمر في إرسال بعضها إلى الصومال في زيارات قصيرة في إطار الدعم المستمر للقوات الصومالية التي تدربها الولايات المتحدة وتجهزها. في 2022، بعد شكوى القادة العسكريين من أن الدخول والخروج من الصومال يشكل خطراً لا داعي له، سمح الرئيس جو بايدن بعودة الجيش إلى عمليات الانتشار طويلة الأجل هناك.

بحسب القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، يوجد حالياً ما بين 500 و600 جندي أميركي في الصومال. كذلك نفذت الإدارة الجديدة هجمات جوية عدة ضد عناصر تنظيم «داعش» في شمال الصومال.

وقبل أسابيع عدة، تمكنت «حركة الشباب» من التقدم مسافة أكبر من مقديشو بفضل التفوق في ميدان المعركة، بحسب مسؤولين؛ ما أثار مخاوف بشأن سلامة السفارة الأميركية، وهي عبارة عن خندق يشبه الحصن في المطار. وأبطأ موسم الأمطار إيقاع القتال منذ ذلك الحين؛ ما وفر بعض الوقت.

في هذا السياق، قال عمر محمود، محلل بارز لشؤون الصومال والقرن الأفريقي في «مجموعة الأزمات الدولية»، إن هجمات «حركة الشباب»، التي بدأت في أواخر فبراير (شباط) فاجأت الحكومة في البداية، واستعادت المجموعة بعض القرى الريفية التي فقدتها أمام القوات الصومالية منذ عامين. مع ذلك أوضح أن هذه المكاسب مبالغ فيها إلى حد ما، وأن الحركة لا تبدو مهتمة حالياً بمهاجمة مقديشو.

الولايات المتحدة هي واحدة من دول عدّة تقدم المشورة والمساعدة للحكومة الصومالية في حربها ضد «حركة الشباب» (نيويورك تايمز)
الولايات المتحدة هي واحدة من دول عدّة تقدم المشورة والمساعدة للحكومة الصومالية في حربها ضد «حركة الشباب» (نيويورك تايمز)

وكتب في رسالة بالبريد الإلكتروني: «تواجه الحكومة صعوبات بالتأكيد، حيث لم يقدم المجندون الجدد الذين تلقوا تدريباً حديثاً أداءً جيداً في ساحة المعركة، والبلاد منقسمة سياسياً بشدة — لكن هناك مبالغة في المخاوف من سقوط مقديشو. ومن المعتاد في البيئة الصومالية، خصوصاً بين الشركاء الدوليين، أنه بمجرد حدوث سلسلة من الأخطاء، يبدأ الجميع في توقع الأسوأ».

مع ذلك، يدعم بعض مسؤولي وزارة الخارجية إغلاق السفارة وسحب الموظفين الدبلوماسيين بوتيرة محكومة، لتجنب الحاجة إلى عملية إجلاء طارئة مفاجئة، كما حدث في مطار كابل بأفغانستان في أغسطس (آب) 2021.

وتتعرض الخارجية أيضاً لضغوط لدمج عمليات السفارات في أفريقيا؛ لذا فإن تركيز الموظفين الدبلوماسيين المعنيين بالصومال في مكان آخر في شرق أفريقيا، مثل كينيا أو جيبوتي، سيسهم في تحقيق هدف توفير التكاليف، بحسب ما نُقل عن بعض المسؤولين.

انقسمت أجزاء من الصومال إلى مناطق شبه مستقلة. ويُقال إن هناك خياراً آخر قيد الدراسة، وهو نقل بعض المنشآت والمعدات إلى قاعدة جوية تعود إلى الحقبة السوفيتية في إحدى هذه المناطق مثل جمهورية أرض الصومال. وعرض الرئيس الصومالي مؤخراً على إدارة ترمب السيطرة على قواعد جوية وموانئ بحرية، بما في ذلك قاعدة في جمهورية أرض الصومال، رغم أن حكومته لا تسيطر على تلك المنطقة، كما أفادت وكالة «رويترز» أواخر مارس (آذار).

خلال الاجتماع بين الوكالات الأسبوع الماضي، عارض غوركا تقليص الوجود الأميركي، قائلاً إنه لا يمكن تحمل فكرة سيطرة «حركة الشباب» على البلاد، واقترح بدلاً من ذلك تكثيف الهجمات ضد المسلحين.

من شأن أي تغييرات أن تثير أسئلة معقدة حول العلاقات مع الحلفاء المهتمين بالصومال، حيث لدى إثيوبيا، والإمارات، وتركيا ومصر، قوات تسعى أيضاً للتصدي إلى «حركة الشباب». كذلك كانت كينيا ضحية لهجمات خارجية من قِبل الجماعة الإرهابية.

كما سيثير تقليص العمليات مسألة ما إذا كانت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ستستطيع مواصلة تشغيل محطة داخل الصومال. خلال هجوم بنغازي، لم يسيطر المسلحون على البعثة الأميركية فحسب، بل قصفوا أيضاً مبنى قريب تابع لـ«سي آي إيه».

مع ذلك، تعد كل هذه التعقيدات ثانوية في مقابل القرار الذي يحدّد الاستراتيجية الأميركية في الصومال.

السؤال الجوهري هو: هل نستمر في السياسات نفسها إلى أجل غير مسمى لمنع «حركة الشباب» من التقدم، ونزيد الهجمات بشكل كبير ضد مقاتلي الحركة، أم نقلص الوجود مع الاحتفاظ بالقدرة على تنفيذ هجمات بطائرات مسيَّرة ضد أهداف إرهابية مهمة محدودة من قواعد أبعد؟

جزء من المعضلة هو المسألة غير المحسومة بشأن ما تعنيه سيطرة «حركة الشباب» على جزء أكبر من الصومال، بما في ذلك ما إذا كانت سترضى بحكم البلاد فقط، أم ستشن هجمات إرهابية خارجية أو تستضيف جماعات إرهابية تفعل ذلك؟

وظهرت «حركة الشباب» من قلب بيئة الصومال التي تتسم بالفوضى في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأعلنت ولاءها لتنظيم «القاعدة» في 2012. ونفذت أجزاءً من الجماعة هجمات خارج الصومال، بما في ذلك إطلاق نار جماعي في «مركز ويستغيت التجاري» بالعاصمة الكينية نيروبي عام 2013، وهجوم على قاعدة «مانداباي» الجوية الأميركية بكينيا في يناير (كانون الثاني) 2020، بعد أن كثَّفت إدارة ترمب الأولى هجمات الطائرات المسيرة ضد الحركة.

يقع الصومال على ساحل خليج عدن من اليمن، التي كثفت فيها إدارة ترمب حملة قصف ضد الحوثيين المدعومين من إيران، والذين يهددون طرق الشحن الدولية من قناة السويس وإليها. وقال الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، في شهادته أمام الكونغرس خلال الأسبوع الماضي، إن الجيش يراقب علامات تواطؤ بين «حركة الشباب» والحوثيين.