«المجلس الدستوري» اللبناني يعلّق التعيينات في الوظائف العليا

استجاب لطعن قدّمه رئيس الجمهورية

TT

«المجلس الدستوري» اللبناني يعلّق التعيينات في الوظائف العليا

علَّق المجلس الدستوري في لبنان تنفيذ القانون المتعلق بآلية التعيينات في الفئة الأولى، بعد الطعن الذي قدمه الرئيس ميشال عون، وذلك إلى حين البت في المراجعة من قبل المجلس.
وكان عون قد طعن في القانون المتعلق بآلية التعيينات في وظائف الفئة الأولى في الإدارات العامة وفي المراكز العليا، أمام المجلس الدستوري، ما يعمق الخلافات السياسية مع حزب «القوات اللبنانية» الذي رأى أن الآلية المتبعة الآن تشوبها «المحاصصة» و«التناتش السياسي البحت».
وكان نواب من «القوات» قد تقدموا في وقت سابق باقتراح قانون يحدد آلية التعيينات لموظفي الفئة الأولى، وأقر في الجلسة الأخيرة للمجلس النيابي التي عقدت في قصر الأونيسكو، وصادقت عليه كتل نيابية وازنة باستثناء «تكتل لبنان القوي» الذي يرأسه النائب جبران باسيل الذي لوَّح آنذاك بتقديم طعن فيه. وأقر القانون بعد إدخال تعديل عليه، يلغي حق الوزير المختص في إضافة أسماء يقترحها، وحصر المرشحين فقط بالأسماء الناجحة في مجلس الخدمة المدنية، وهو ما أثار اعتراض «التيار الوطني الحر» الذي اعتبره «غير دستوري».
وكان الرئيس عون قد قدم أول من أمس الأربعاء مراجعة إلى المجلس الدستوري، طلب فيها إبطال القانون النافذ الذي نشر في ملحق عدد الجريدة الرسمية من دون توقيع رئيس الجمهورية. واعتبر عون أن القانون المذكور الذي أقره مجلس النواب في 28 مايو (أيار) الماضي مخالف للدستور، طالباً تعليق مفعوله وفي الأساس إبطاله كلياً.
واستند عون في المراجعة إلى أن «الوزير أصبح جزءاً من السلطة الإجرائية المناطة بمجلس الوزراء، كونه مشاركاً في اتخاذ القرار الإجرائي»، وإلى أنه «لا يصح تقييد صلاحية الوزير المختص الدستورية باقتراح التعيين، وصلاحية مجلس الوزراء الدستورية بالتعيين»، مؤكداً أن «ربط تعيين الموظفين باقتراح الوزير المختص لا يعني مطلقاً تجاوز صلاحيات مجلس الوزراء؛ بل يهدف بالعكس إلى تعزيز روح التضامن بين أعضائه، وتفعيل مسؤولية الوزير تجاه مجلس النواب ومجلس الوزراء معاً».
ويحق لرئيس الجمهورية، بناء على الدستور، أن يرد القانون إلى المجلس النيابي لإعادة الدرس أو يوقعه، وفي حال رده وتأكيد المجلس على قراره بأغلبية مرتفعة، يمكن أن يصدر القانون من دون توقيع الرئيس، بحسب ما قال الخبير الدستوري الدكتور أنطوان صفير لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً أيضاً أنه «يمكن لرئيس الجمهورية أن يتقدم بمراجعة من المجلس الدستوري بشأن قوانين صدرت، أو يعتبرها الرئيس تتناقض مع بعض أحكام الدستور، كي يدرس المجلس تلك القوانين ويصدر قراره بشأنها، وهو ما حصل بقانون آلية التعيينات، وهو حق دستوري لرئيس الجمهورية».
لكن مثار الاعتراض على خطوة عون أن «النظام الديمقراطي وتكافؤ الفرص، يجب أن تحترم فيه آليات التعيين خارج إطار المحاصصات الطائفية والسياسية والحزبية»، بحسب صفير الذي جزم بأن «القانون من الناحية المبدئية يأتي في سياق التطور الطبيعي للإدارة اللبنانية خارج إطار المحاصصة السياسية التي نرى وجوهها المختلفة في التعيينات في كافة المؤسسات والوزارات، وهو ما يؤكد أن التعيينات لا تزال تعيش حالة غير طبيعية لناحية تحديث الإدارة واستقلالية القضاء من ناحية أخرى».
ويعد هذا الأمر مثار اعتراض «حزب القوات اللبنانية» الذي قال رئيسه الدكتور سمير جعجع تعليقاً على «عدم دستورية» القانون»، إن «ما هو ليس دستورياً بالفعل، هو السلاح خارج الدولة، ومصادرة القرار الاستراتيجي العسكري والأمني للدولة، وما ليس دستورياً إطلاقاً هو الفساد والنهب المتفشيان في الدولة، وما هو ليس دستورياً أبداً تفقير الشعب اللبناني وتجويعه».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.