الأطفال ومرض «سكري البالغين»

دراسة بريطانية للتعرف على علاماته مبكراً لدى مَن يعانون من البدانة

الأطفال ومرض «سكري البالغين»
TT

الأطفال ومرض «سكري البالغين»

الأطفال ومرض «سكري البالغين»

تعدّ ظاهرة انتشار مرض السكري من النوع الثاني (Type 2 Diabetes) الذي يصيب البالغين، لدى الأطفال من الأمور الطبية الخطيرة. ويرتبط النوع الثاني من السكري بعدم قدرة الجسم على التخلص من الغلوكوز الزائد عن حاجة الجسم لوجود خلل في عملية التمثيل الغذائي نفسها.
وقد حدث هذا التطور بإصابة الأطفال في نحو آخر عقدين؛ نظراً لانتشار البدانة بين الأطفال بمعدلات غير مسبوقة؛ حيث كان من المتعارف عليه أن النوع الأول من مرض السكري هو الذي يصيب الأطفال في الأغلب، ويكون نتيجة لغياب الإنسولين من الجسم أو ضعف إفرازه بشكل كبير، مما يحتم الحصول عليه من خارج الجسم.
ولكن النوع الثاني لم يكن معروفاً لدى الأطفال؛ حتى إن اللفظ نفسه كان يشير إلى ذلك: «السكري الخاص بالبالغين» لاقتصاره على من تعدوا سن الشباب (maturity onset diabetes).
وقد تناولت أحدث دراسة بريطانية نشرت في نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي في مجلة «العناية بمرضى السكري (the journal Diabetes Care today)»، مخاطر انتشار هذا النوع لدى الأطفال. وأشارت إلى احتمالية أن يبدأ ظهوره لدى الأطفال في عمر الثامنة. وقام العلماء بعمل تحليل لعينات من الدم تم جمعها مما يزيد على 4000 مشارك تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات و16 و18 و25 عاماً لمعرفة العلامات المبكرة لاحتمالية إصابتهم بمرض السكري من النوع الثاني. وأوضحوا أن الهدف من التجربة كان معرفة إلى أي مدى يمكن أن تظهر علامات مرض السكري في عمر مبكر. ويمكن أن تكون هذه العلامات قبل التشخيص الفعلي بسنوات عدة، وهو الأمر الذي يمهد للوقاية المبكرة بهدف منع الحدوث الفعلي للمرض.
- مؤشرات المرض
وجد العلماء علاقة بين نقص نوع معين من الكولسترول هو الكولسترول الحميد في الجسم (HDL) وزيادة احتماليات الإصابة بالسكرى. والكولسترول الحميد هو عالي الكثافة؛ بحيث لا يكون صغيراً بالشكل الذي يستطيع به العبور من فتحات ضيقة في جدران الشرايين وبالتالي فإنه لا يترسب عليها.
وأيضا وجد العلماء أن نسبة الكولسترول الضار (منخفض الكثافة LDL) تكون مرتفعة وذلك لدى الأشخاص المهيئين جينياً لحدوث المرض. وتبين وجود هذه العلاقة في جميع الأعمار، ولكن شملت أيضاً الأطفال في عمر ما دون الثامنة. ومع تقدم السن تظهر علامات أخرى تزيد من الاحتمالية، مثل الالتهابات وارتفاع بعض الأحماض الأمينية. وكانت بداية ظهور هذه العلامات في أعمار 16 و18 عاماً. وهذه النسب تزيد بالطبع مع مرور الزمن.وأوضح العلماء أن هذه العلامات لا تعني بالضرورة أن هؤلاء الأطفال مرضى بالسكري أو حتى سوف يصابون به بشكل حتمي، ولكنهم فقط مؤهلون لحدوث المرض إذا لم يتم تدارك المشكلات الصحية المؤدية لذلك. ومن المعروف أن البدانة الناتجة عن تناول الأطعمة الضارة والمليئة بالدهون والكربوهيدرات من المسببات الرئيسية لارتفاع الدهون الضارة وانخفاض الدهون الجيدة، وهو أمر يمكن تداركه بشكل مبكر إذا تم الالتزام بالغذاء الصحي وممارسة الرياضة حتى من دون شكوى محددة أو حتى من دون زيادة في الوزن، حتى لا تكون هذه الأطعمة بمثابة العامل المساعد للإصابة لاحقاً بمرض السكرى.
- البدانة والكسل
حذر العلماء من أن ارتفاع نسب البدانة وقلة النشاط الرياضي أو الحركة بشكل عام بين الأطفال، من أهم العوامل المؤدية لظهور النوع الثاني من المرض؛ حيث إن تراكم الخلايا الدهنية يقوم بعمل «مقاومة للإنسولين» ويمنعه من تكسير الغلوكوز، وبالتالي تزيد نسبته في الدم. ونتيجة لقلة النشاط البدني، لا تتم الاستفادة من الغلوكوز في إمداد الجسم بالطاقة اللازمة لإتمام نشاط معين، ومن هنا تأتي أهمية الرياضة لدى الأطفال والشباب مع تغير نمط الغذاء والاعتماد على الأطعمة السريعة الغنية بالسكريات والدهون.
ومن المعروف أن مرض السكري له تأثير يشمل جميع أجهزة الجسم ويزيد من احتمالية حدوث جلطات القلب والسكتة الدماغية، وكلما حدثت الإصابة به في عمر مبكر، زادت خطورة التعرض للمضاعفات.
ونصح العلماء بضرورة عمل التحاليل الدورية للكشف عن مرض السكري لدى الأطفال المهيئين لحدوثه من الذين يتعدون الوزن المثالي، خصوصاً مع وجود تاريخ عائلي؛ حيث إن مقاومة الإنسولين وارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم ليس لهما أعراض، ومن الممكن إنقاذ الطفل من حدوث المرض في مرحلة ما قبل السكري (prediabetes) (حيث تكون نسبة الغلوكوز بالدم مرتفعة أكثر من الطبيعي ولكنها لم تصل إلى مرحلة الارتفاع الفعلي لحدوث المرض). وأشاروا إلى أن التحاليل لا تشمل الغلوكوز فقط؛ ولكن من المهم أن تشمل الدهون الثلاثية وعمل «سونار» على البطن لمعرفة وجود ما يطلق عليه «كبد دهنية (fatty liver) من عدمه (نتيجة لتراكم الدهون على سطح الكبد يظهر لامعاً وبراقاً في الأشعة).
وفي النهاية؛ شددت التوصيات على محاربة عوامل الخطورة؛ أكثر من البداية في العلاج؛ بمعنى أن اللجوء للأدوية المخفضة للغلوكوز عن طريق الفم يجب أن يكون آخر خطوة في العلاج في مرحلة ما قبل ظهور السكري؛ خلافاً للبالغين (يمكن للبالغين البدء في تناول الأدوية المخفضة للسكر في إجراء وقائي تحت إشراف الطبيب)، خصوصاً أن هرمونات المراهقة تقاوم عمل الإنسولين، ولذلك يكون الحكم على مستوى الغلوكوز غير دقيق، ويمكن أن تتسبب هذه الأدوية في عمل هبوط للسكر في الدم. ويجب أن يتم تغيير الأنظمة الغذائية ونمط الحياة بالنسبة للأطفال والمراهقين وحثهم على بذل مجهود بدني يستهلك الغلوكوز الزائد في الجسم لتجنب الإصابة بارتفاع الكولسترول والغلوكوز.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.