الانقلابيون يمهدون لطرد منظمات غربية بتهمة توريد أسلحة للشرعية في اليمن

TT

الانقلابيون يمهدون لطرد منظمات غربية بتهمة توريد أسلحة للشرعية في اليمن

هاجمت الجماعة الحوثية المنظمات الإنسانية الغربية العاملة في اليمن، وفي مقدمتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بعد أن اتهمتها بتوريد الأسلحة للقوات الموالية للحكومة الشرعية، وذلك في خطوة يرجح أنها تمهد لقيام الجماعة بوقف النشاط الإنساني لهذه المنظمات.
وكان زعيم الجماعة المدعومة إيرانيا، عبد الملك الحوثي حرض في خطب سابقة أتباعه على المنظمات الدولية، داعيا إلى التخلص منها بعد أن اتهمها بتنفيذ أنشطة استخباراتية ضد جماعته.
وفي الوقت الذي سخرت فيه الحكومة الشرعية من مزاعم الميليشيات الحوثية، كان المتحدث باسم الأخيرة يحيى سريع يعقد مؤتمرا صحافيا في صنعاء، الثلاثاء، اتهم فيه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بتزويد قوات الحكومة والمؤيدين لها بالأسلحة.
وزعم متحدث الميليشيات أن جماعته استولت على كميات كبيرة من الأسلحة في محافظة البيضاء عليها شعار الوكالة الأميركية، كما عثرت على كميات مختلفة من الأسلحة عليها شعار الوكالة في مناطق وجبهات أخرى.
واستعرض المتحدث الحوثي صورا لقذائف مدفعية وعليها الشعار القديم للوكالة، متهما المنظمة بأنها « تمارس أدوارا مشبوهة»، كما اتهم الولايات المتحدة الأميركية بأنها تسخر الوكالة في «تنفيذ أنشطة عسكرية» بحسب زعمه. وفي حين دعا المتحدث الحوثي قادة جماعته المسؤولين عن أنشطة المنظمات الإنسانية إلى كشف ما وصفه بـ«الأنشطة المشبوهة» قال إن المنظمة الأميركية «تدعم وتمول منظمات أجنبية لتنفيذ أنشطتها في المجتمعات المحلية في عدد من المحافظات وتمارس أدواراً استخباراتية بشعارات إنسانية».
ويرجح مراقبون يمنيون أن الجماعة الحوثية اختلقت القصة المزعومة تمهيدا لاتخاذ قرار بوقف أنشطة المنظمات الأجنبية الإنسانية التي رفضت الانصياع لرغبة الجماعة للتحكم في توزيع المساعدات أو إملاء شروط تخدم أجندتها الانقلابية.
وبينما توعد قادة الجماعة فيما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي» بالتحقيق في أنشطة الوكالة الأميركية، زعموا أنهم سيتخذون «الإجراءات القانونية تجاهها وغيرها من المنظمات والوكالات».
في السياق نفسه سخر وزير الإعلام في الحكومة اليمنية من المزاعم الحوثية في شأن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، واصفا إياها بـ«الأكاذيب».
وقال الإرياني في تصريح رسمي إن «الأكاذيب والفبركات التي تروج لها ميليشيا الحوثي الانقلابية على لسان المدعو يحيى سريع بشأن أسلحة أرسلتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لجبهات القتال في اليمن واستخدمت فيها شعارات قديمة لم تعد تستخدمها الوكالة وطبعت وألصقت بشكل بدائي في صناديق أسلحة، استخفاف بعقول اليمنيين‏». وأوضح أن الميليشيات تحاول من وراء هذه الفبركات التي وصفها بـ«الرخيصة والمكشوفة» إقحام الولايات المتحدة لتبرير تبعية الجماعة وانقيادها الكامل خلف إيران، وإعطاء مبررات واهية لحربها على اليمنيين، والاستمرار في التغرير بالبسطاء والمخدوعين بشعاراتها المعادية لأميركا للزج بهم في محارق الموت وجبهات القتال‏.
وأشار الإرياني إلى أن الجماعة «تتعمد استهداف وتشويه المنظمات الدولية التي تقدم المساعدات للشعب اليمني، وترفض الانصياع لضغوطها وابتزازها ومحاولاتها التلاعب بهذا الدعم وتوجيهه لصالح المجهود الحربي، حيث سبق أن اختطفت عاملين في عدد من المنظمات الدولية كمنظمة أوكسفام ومديرة منظمة سيفر وورلد البريطانية‏» بحسب قوله.
وثمن الوزير اليمني جهود الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي بدأت نشاطها في اليمن عام 1959 في مجال (التعليم الأساسي، والصحة، وصحة الأم والطفل، والزراعة، وسبل العيش، والأمن الغذائي، والحكم الرشيد) من خلال العمل لتحسين وتعزيز قدرات الأجهزة الحكومية وتعزيز اللامركزية وتمكين المجتمعات المحلية. يشار إلى أن الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بسرقة المساعدات الغذائية وبيعها في الأسواق أو توزيعها على الموالين لها وعلى المسلحين في جبهات القتال، وحرمان الملايين من الجوعى من الحصول على الدعم الإنساني.
وقاد سلوك الجماعة الحوثية إزاء المساعدات العديد من المانحين إلى تقليص المنح المقدمة للإغاثة الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة وهو الأمر الذي يهدد بوقف نحو 41 برنامجا تديرها الأمم المتحدة في اليمن.
وفي أحدث تصريحات لمنسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي قالت إن اليمن «يبدو على حافة مجاعة من جديد، بينما لا تملك الأمم المتحدة أموالا كافية لمواجهة الكارثة التي تم تجنبها قبل 18 شهرا في هذا البلد الغارق بالحرب».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن غراندي قولها إنّ «برامج المساعدات التي تشمل الصرف الصحي والرعاية الصحية والغذاء، تغلق بالفعل بسبب نقص الأموال، فيما يبدو الوضع الاقتصادي مشابها بشكل مخيف» لما كان عليه في أسوأ مراحل الأزمة حين واجه ملايين السكان خطر المجاعة قبل نحو 18 شهرا.
وبحسب غراندي فإن الأمم المتحدة ستواجه في الأيام القليلة المقبلة، «وضعا غير معقول»، إذ إنها قد تضطّر إلى التوقف عن توفير الوقود للمستشفيات، وكذلك أنظمة إمدادات المياه والصرف الصحي في جميع أنحاء اليمن.
وكان السعودية نظمت مطلع يونيو (حزيران) الماضي مؤتمرا افتراضيا للمانحين لدعم اليمن، حيث قدموا تعهدات بقيمة 1.35 مليار دولار، من بينها نصف مليار دولار قدمتها المملكة وحدها.
من جهتها شددت الحكومة اليمنية على أهمية قيام المنظمات الدولية بالاستفادة من المبالغ المقدمة من المانحين، وذلك من خلال اتباع لامركزية العمل الإغاثي، وتقييم وتقويم الأداء للمرحلة السابقة، وتعزيز الاقتصاد اليمني من خلال دعم العملة الوطنية والحفاظ على دورة نقدية سليمة يقودها البنك المركزي اليمني.
كما دعت المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغوط على الحوثيين لوقف التدخل في العملية الإنسانية والسماح للمنظمات الأممية والدولية بتنفيذ برامجها الإنسانية وعدم التعرض لها، وإدانة كافة أعمال الانتهاكات التي تقوم بها الميليشيات بحق الأعمال الإنسانية في المحافظات غير المحررة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة، باستخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك غداة تبنيها 4 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 24 ساعة.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصر الفلسطينيين في غزة.

المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قال في بيان متلفز إن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع لجماعته استهدفا حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وأوضح المتحدث أن العملية الهجومية نفذت بواسطة عدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، زاعماً أنها المرة السادسة التي يتم فيها مهاجمة الحاملة منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

صورة جوية لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وتوعدت الجماعة على لسان متحدثها العسكري بالاستمرار في شن الهجمات، وقالت إنها جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وإن هجماتها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب في قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

وسبق أن اعترف الجيش الأميركي بالتصدي لهجمات حوثية مماثلة استهدفت سفناً عسكرية في البحر الأحمر دون حدوث أي أضرار أو إصابات.

وكان المتحدث الحوثي تبنى، الثلاثاء، تنفيذ جماعته أربع هجمات باتجاه إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال 24 ساعة. وأكد الجيش الإسرائيلي، من جهته، اعتراض صاروخين وطائرة مسيرة، في حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء» بوقوع عدد من الإصابات جراء التدافع نحو الملاجئ، بعد تفعيل صفارات الإنذار.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ألف غارة

أدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 14 شهراً إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي الذي بدأ في 12 يناير 2024، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين. وفق ما أقر به الحوثيون.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الضربات استهدفت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.

وأعاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب الإعلان عن خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.