البرلمان العربي يُقر «منظومة تشريعية» للتكامل الاقتصادي

TT

البرلمان العربي يُقر «منظومة تشريعية» للتكامل الاقتصادي

أقر البرلمان العربي منظومة تشريعية للتكامل الاقتصادي العربي، تتضمن خمسة مشاريع قوانين ورؤيتين، وهي: قانون استثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية، وقانون لتحقيق الأمن الغذائي في العالم العربي، وقانون تنظيم التوجه نحو الاقتصاد الرقمي في الدول العربية، وقانون يتعلق بالمواصفات والمقاييس والجودة لتيسير التبادل التجاري العربي، وقانون للنقل في العالم العربي، فضلاً عن رؤية البرلمان العربي بشأن تفعيل السوق العربية المشتركة، ورؤية البرلمان العربي بشأن مشروع الربط الكهربائي بين الدول العربية.
وأكد البرلمان أهمية هذه المنظومة في ظل الظروف الأمنية والسياسية الدقيقة، التي يمر بها العالم العربي، وإيماناً من البرلمان العربي بأن التكامل الاقتصادي العربي هو السبيل الأمثل لتعزيز التعاون، وتوحيد الصف العربي، بوصفه ركيزة أساسية لبناء قوة اقتصادية عربية في عالم التكتلات الاقتصادية الكُبرى، وسبيلاً إلى هدف أسمى وأعلى، وهو التضامن والوحدة العربية.
وقال الدكتور مشعل بن فهم السلمي، رئيس البرلمان العربي في بيان أمس، إن البرلمان العربي عكف على إقرار منظومة التكامل الاقتصادي العربي على مدار عام كامل، وأتمّها في جلسته التي عقدها مؤخراً، مؤكداً أن إقرار البرلمان العربي لهذه المنظومة التشريعية يأتي في ظل انخفاض معدل التبادل التجاري بين الدول العربية، مقارنةً بمعدل التبادل التجاري بينها وبين الدول الأخرى والتكتلات الاقتصادية العالمية، رغم امتلاك الدول العربية من المقومات الاقتصادية ما يُمّكنها من تحقيق مستويات مرتفعة من التبادل التجاري بينها في مختلف المجالات.
وأضاف رئيس البرلمان العربي أن إقرار البرلمان العربي للمنظومة التشريعية للتكامل الاقتصادي العربي يهدف إلى تقوية اقتصاديات الدول العربية، ورفع قدرتها على مواجهة التحديات من خلال تعزيز القواسم المشتركة بينها، على أسس تكاملية، ورفع معدلات استثمار رؤوس الأموال العربية داخل الدول العربية، وزيادة نسب التجارة البينية العربية، وتفعيل منطقة التجارة العربية الحرة، والاتحاد الجمركي العربي، والسوق العربية المشتركة، وإنشاء المشاريع الاقتصادية والاستثمارية والزراعية المشتركة في البلدان العربية، وتحقيق الأمن الغذائي العربي.
وشدد السلمي على أن المنظومة التشريعية للتكامل الاقتصادي العربي عالجت التحديات والمعوقات التشريعية والاقتصادية التي تواجه التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، وغياب التنسيق بين الخطط الاقتصادية العربية، والتفاوت بين اقتصاديات الدول العربية، وضرورة تحييد المجالات الحيوية للعمل العربي المشترك، وعلى وجه الخصوص العلاقات الاقتصادية والتجارية العربية عن أي خلافات سياسية، بوصفها الأرضية المشتركة لبناء التضامن العربي، وتحقيق مصالح الدول العربية وتطلعات الشعب العربي في النهضة والازدهار، والتقدم والأمن والاستقرار.
كما أكد رئيس البرلمان العربي أن المنظومة التشريعية للتكامل الاقتصادي تستوجب دعم الدول والحكومات، والبرلمانات العربية لكل ما من شأنه تفعيل آليات التكامل الاقتصادي العربي، مشيراً إلى أن البرلمان العربي سيرسل المنظومة إلى جامعة الدول العربية للعمل بها، وتضمينها في القرارات التي تصدر عن مجالس الجامعة، كما سيُعممها على المجالس والبرلمانات العربية ومنظمات العمل العربي المشترك.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».