من عمق الجائحة يكتب الأعرج روايته ليتجاوز الموت

الثقافة السعودية تمد جسر التواصل مع الروائي الجزائري وجمهوره بـ«مسيرة أدبية»

الروائي الجزائري واسيني الأعرج ضيفاً في مجموعة حوارية افتراضية
الروائي الجزائري واسيني الأعرج ضيفاً في مجموعة حوارية افتراضية
TT

من عمق الجائحة يكتب الأعرج روايته ليتجاوز الموت

الروائي الجزائري واسيني الأعرج ضيفاً في مجموعة حوارية افتراضية
الروائي الجزائري واسيني الأعرج ضيفاً في مجموعة حوارية افتراضية

حل الروائي الجزائري واسيني الأعرج، ضيفاً على أحد اللقاءات التي تنظمها هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية في مجموعة حوارية افتراضية خلال الفترة من 5 إلى 18 يوليو (تموز) الحالي، في لقاء امتد ساعة كاملة حاورته فيه الدكتورة زينب الخضيري، حول سحر السرد ومراحل تكوين الروائي، والرواية التاريخية وأبعادها، وعن الرواية العربية في الغرب.
وتستضيف هيئة الثقافة في فرع هيئة الأدب والنشر والترجمة نخبة من المثقفين السعوديين والعرب، لمناقشة قضايا ثقافية وفكرية متنوعة، وتُبثّ مباشرة لعموم المهتمين عبر القناة الرسمية لوزارة الثقافة في موقع «يوتيوب» بحلقات متتالية، وذلك لمد جسور التواصل بين المثقفين والجمهور، وإثراء المشهد الثقافي المحلي بلقاءات نوعية تلقي الضوء على قضايا ثقافية متنوعة، وتعزز الحوار الثقافي بين المبدعين والمؤسسات الثقافية والجمهور من مختلف الشرائح.
كانت اللغة العربية مفتاح حوار واسيني الأعرج الذي علّل فيه حبه لها قائلاً إنّه نطق الفرنسية قبل العربية، لكنّ العربية تبقى لغة تعبيره الأعمق عن الوجود، التي اختارها لبناء عالمه السردي، موضحاً أن علاقته بالعربية عشقية واستثنائية، كان شغفه بها ومن خلالها يجسد وفاءه لجدته التي حرضته على تعلم لغة الأجداد من دون إغلاق الباب أمام انفتاحه على لغات العصر، وإصرار والده على التعلم بالفرنسية، لأن العربية كانت ممنوعة آنذاك في الجزائر.
وقال عن الكتابة باللغة العربية وعن غيرها: «هناك اختلاف في البنى اللغوية لكل لغة، فما هو مقبول عند شعب، قد يكون غير مستساغ عند آخرين، فاللغة الفرنسية على سبيل المثال لا تحتمل التكرار والنعوت الكثيرة، وهي لغة تكاد تكون مجردة غير سمينة، وتؤدي المعنى باختصار، فيما الشعرية فيها تخرج من السياق وليس من النعوت والمترادفات، بعكس اللغة العربية التي تمتاز بالجرس والإيقاع، الذي قد ينظر له الأجنبي كتكرار غير مستساغ».
وقال عن الرواية في تراث السرد العربي: «عندما كتبت رواية (الأمير) فكرت كيف أعيد ما قدمه هذا الرجل للثقافة العربية»، وأشار إلى أنّه اعتمد على البحث والتقصي لمدة تجاوزت الأربع سنوات، فيما لا يقبل أن يعتمد على رواية واحدة للحدث التاريخي، بل البحث عن أكثر من ست أو سبع روايات، ليُصيغ بعدها الرؤية التي يريدها، وهذا ما جعله يفوز بجائزة الشيخ زايد في الدورة الأولى عام 2007، وقال التقرير الخاص بالرواية بأنّ الكاتب استطاع أن يجعل من التاريخ مادة أدبية.
وفي خضم الأوضاع الراهنة التي فرضتها جائحة «كورونا»، حارب واسيني قلقه بالكتابة، خصوصاً أن جميع من حوله كانوا يعيشون في حالة ذعر وخوف بسبب الأرقام الكبيرة للوفيات في فرنسا، وهو ما جعله يلجأ للكتابة كطريقة للهروب من الموت، ويذكر: «أنّ الطريقة المثلى كانت لتزجية الوقت هي بالكتابة، تحديداً كتابة شيء متعلق بالجائحة، فعملت على كتابة رواية أنشر منها كل يوم خميس فصلاً في (فيس بوك)، وأرقب ردود الأفعال من خلال تفاعل الناس معها بكتابة (نهاية احتمالية) بعد امتداد أربعة أشهر من بداية الجائحة».
وتطرق الأعرج في روايته لمي زيادة «ثلاث مائة ليلة وليلة في جحيم العصفورية»، وقال إنّ عبارتها القائلة «أتمنى أن يأتي بعد موتي من ينصفني» أثارتني وجعلتني أشعر أنّها صرخة وجهت لي واكتشفت أن النزعة الذكورية حينذاك لم تحتمل وجود امرأة كزيادة.
وتحدث الأعرج عن السلطة التي يتمتع بها كل من الكاتب والقارئ تجاه المادة الأدبية المقدمة، وقال: «تتساوى مساحة السلطتين بين القارئ والكاتب في المنطقة الخاصة المعروفة بـ(مساحة الأدب)، حيث يمارس الكاتب سلطته فيما يقدم، بينما يُعيد القارئ إنتاج هذه السلطة، وفق القيم الأدبية التي تلقاها من الكاتب، وهو ما يجعل العملية متوازنة، خصوصاً عندما يصدم القارئ ببعض القضايا في النص، ليمارس سلطته ويُصدر وجهة نظره على المكتوب».



هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
TT

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)

تحمس وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو الذي تولى حقيبة الثقافة قبل 6 أشهر، لعقد «يوم الثقافة» بُغية تكريم المبدعين في مختلف مجالات الإبداع، من منطلق أن «التكريم يعكس إحساساً بالتقدير وشعوراً بالامتنان»، لكن كثرة عدد المكرمين وبعض الأسماء أثارت تساؤلات حول مدى أحقية البعض في التكريم، وسقوط الاحتفالية الجديدة في فخ «التكريمات غير المستحقة».

وأقيم الاحتفال الأربعاء برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقدمه الفنان فتحي عبد الوهاب، وكان الوزير قد عهد إلى جهات ثقافية ونقابات فنية باختيار من يستحق التكريم من الأحياء، كما كرم أيضاً الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا العام الماضي، وقد ازدحم بهم وبذويهم المسرح الكبير في دار الأوبرا.

ورأى فنانون من بينهم يحيى الفخراني أن «الاحتفالية تمثل عودة للاهتمام بالرموز الثقافية»، وأضاف الفخراني خلال تكريمه بدار الأوبرا المصرية: «سعادتي غير عادية اليوم».

الفنان يحيى الفخراني يلقي كلمة عقب تكريمه في يوم الثقافة المصري (وزارة الثقافة المصرية)

وشهد الاحتفال تكريم عدد كبير من الفنانين والأدباء والمثقفين على غرار يحيى الفخراني، والروائي إبراهيم عبد المجيد، والمايسترو ناير ناجي، والشاعر سامح محجوب، والدكتور أحمد درويش، والمخرجين هاني خليفة، ومروان حامد، والسينارست عبد الرحيم كمال، والفنان محمد منير الذي تغيب عن الحضور لظروف صحية، وتوجه الوزير لزيارته في منزله عقب انتهاء الحفل قائلاً له إن «مصر كلها تشكرك على فنك وإبداعك».

كما تم تكريم المبدعين الذين رحلوا عن عالمنا، وقد بلغ عددهم 35 فناناً ومثقفاً، من بينهم مصطفى فهمي، وحسن يوسف، ونبيل الحلفاوي، والملحن حلمي بكر، وشيرين سيف النصر، وصلاح السعدني، وعاطف بشاي، والفنان التشكيلي حلمي التوني، والملحن محمد رحيم، والمطرب أحمد عدوية.

وزير الثقافة يرحب بحفيد وابنة السينارست الراحل بشير الديك (وزارة الثقافة المصرية)

وانتقد الكاتب والناقد المصري طارق الشناوي تكريم نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو اختاره مجلس النقابة كان عليه أن ينأى بنفسه عن ذلك»، مشيراً إلى أن الاختيارات جاءت على عُجالة، ولم يتم وضع خطوط عريضة لمواصفات المكرمين، كما أنه لا يجوز أن يُرشح نقيب الموسيقيين ورئيس اتحاد الكتّاب نفسيهما للتكريم، وأنه كان على الوزير أن يتدخل «ما دام أن هناك خطأ». لكن الشناوي، أحد أعضاء لجنة الاختيار، يلفت إلى أهمية هذا الاحتفال الذي عدّه «عودة حميدة للاهتمام بالإبداع والمبدعين»، مشدداً على أهمية «إتاحة الوقت للترتيب له، وتحديد من يحصل على الجوائز، واختيار تاريخ له دلالة لهذا الاحتفال السنوي، كذكرى ميلاد فنان أو مثقف كبير، أو حدث ثقافي مهم»، ضارباً المثل بـ«اختيار الرئيس السادات 8 أكتوبر (تشرين الأول) لإقامة عيد الفن ليعكس أهمية دور الفن في نصر أكتوبر».

الوزير ذهب ليكرم محمد منير في بيته (وزارة الثقافة المصرية)

ووفق الكاتبة الصحافية أنس الوجود رضوان، عضو لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة، فإن «الاحتفال حقق حالة جميلة تنطوي على بهجة وحراك ثقافي؛ ما يمثل عيداً شاملاً للثقافة بفروعها المتعددة»، متطلعة لإضافة «تكريم مبدعي الأقاليم في العام المقبل».

وتؤكد رضوان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تكريم نقيب الموسيقيين لا تُحاسب عليه وزارة الثقافة؛ لأنه اختيار مجلس نقابته، وهي مسؤولة عن اختياراتها».

ورداً على اعتراض البعض على تكريم اسم أحمد عدوية، تؤكد أن «عدوية يُعد حالة فنية في الغناء الشعبي المصري وله جمهور، فلماذا نقلل من عطائه؟!».

ولفتت الناقدة ماجدة موريس إلى أهمية وجود لجنة تختص بالترتيب الجيد لهذا اليوم المهم للثقافة المصرية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي أن تكون هناك لجنة مختصة لمراجعة الأسماء والتأكد من جدارتها بالتكريم، ووضع معايير محددة لتلك الاختيارات، قائلة: «لقد اعتاد البعض على المجاملة في اختياراته، وهذا لا يجوز في احتفال الثقافة المصرية، كما أن العدد الكبير للمكرمين يفقد التكريم قدراً من أهميته، ومن المهم أن يتم التنسيق له بشكل مختلف في دورته المقبلة بتشكيل لجنة تعمل على مدى العام وترصد الأسماء المستحقة التي لعبت دوراً أصيلاً في تأكيد الهوية المصرية».

المخرج مروان حامد يتسلم تكريمه من وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)

وتعليقاً على ما أثير بشأن انتقاد تكريم المطرب الشعبي أحمد عدوية، قال الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، على «فيسبوك»، إن «أحمد عدوية ظاهرة غنائية غيرت في نمط الأغنية الذي ظل سائداً في مصر منذ الخمسينات حتى بداية السبعينات»، معتبراً تكريم وزير الثقافة له «اعترافاً بالفنون الجماهيرية التي يطرب لها الناس حتى ولو كانت فاقدة للمعايير الموسيقية السائدة».