رقابة صينية على الإنترنت في هونغ كونغ تعمق الخلاف مع واشنطن

قوات أمن تواجه صحافياً لدى اقترابه من فندق في هونغ كونغ يُعتقد أنه يستخدم مقراً مؤقتاً لوكالة الأمن القومي (رويترز)
قوات أمن تواجه صحافياً لدى اقترابه من فندق في هونغ كونغ يُعتقد أنه يستخدم مقراً مؤقتاً لوكالة الأمن القومي (رويترز)
TT

رقابة صينية على الإنترنت في هونغ كونغ تعمق الخلاف مع واشنطن

قوات أمن تواجه صحافياً لدى اقترابه من فندق في هونغ كونغ يُعتقد أنه يستخدم مقراً مؤقتاً لوكالة الأمن القومي (رويترز)
قوات أمن تواجه صحافياً لدى اقترابه من فندق في هونغ كونغ يُعتقد أنه يستخدم مقراً مؤقتاً لوكالة الأمن القومي (رويترز)

كشفت الصين عن سلطات جديدة لفرض رقابة على الإنترنت في هونغ كونغ والولوج إلى بيانات مستخدمين بموجب قانون الأمن القومي الصارم، لكن عمالقة التكنولوجيا الأميركيين رفضوا القرار، مشيرين إلى مخاوف على الحقوق والحريات.
وجاءت خطط فرض الرقابة على الإنترنت في وثيقة حكومية من 116 صفحة نشرت مساء الاثنين، كشفت أيضاً عن توسيع صلاحيات الشرطة بما يخولها القيام بمداهمات من دون إذن ومراقبة بعض التحقيقات المتعلقة بالأمن القومي.
وكانت الصين قد فرضت القانون في هونغ كونغ التي تتمتع بحكم شبه ذاتي قبل أسبوع. ويعاقب القانون على التخريب والأنشطة الانفصالية والإرهاب والتواطؤ مع قوى أجنبية. وبقيت بنوده سرية إلى أن دخل حيز التطبيق.
ورغم ضمانات بأن القانون يستهدف قلة من الناس، فإن التفاصيل الجديدة تكشف أنه أكبر تغيير راديكالي للحريات والحقوق في هونغ كونغ منذ أن أعادتها بريطانيا إلى الصين عام 1997.
وليل الاثنين، ندد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالتدابير «الأورويلية» لفرض رقابة على النشطاء والمدارس والمكتبات منذ تطبيق القانون.
وقال بومبيو في بيان: «في حين لم يجفّ بعد الحبر الذي كتب به قانون الأمن القومي القمعي، فإنّ السلطات المحليّة - وفي إجراء أورويلّي - بدأت بإزالة الكتب التي تنتقد الحزب الشيوعي الصيني من رفوف المكتبات العامّة، وبحظر الشعارات السياسية، وهي تطلب الآن من المدارس فرض الرقابة». وأضاف أن «هونغ كونغ ازدهرت حتى الآن لأنها سمحت بالتفكير الحر والكلمة الحرة بموجب سيادة مستقلة للقانون. لقد انتهى ذلك».
وبموجب اتفاقها مع بريطانيا بشأن إعادة هونغ كونغ، وعدت بكين بضمان 2047 من الحريات والحكم الذاتي الذي لا مثيل له في البر الرئيسي.
وأدت سنوات من القلق المتصاعد من أن الحزب الشيوعي الصيني الحاكم يقلص باطراد تلك الحريات، إلى حراك شعبي مطالب بالديمقراطية أدى إلى مظاهرات عارمة تخللتها أحياناً أعمال عنف، لسبعة أشهر العام الماضي.
ولم تخفِ الصين رغبتها في استخدام القانون لسحق الحراك الديمقراطي.
وقالت المسؤولة التنفيذية لهونغ كونغ المعينة من بكين للصحافيين الثلاثاء، إن «حكومة هونغ كونغ ستطبق القانون بصرامة». وأضافت: «أنا أحذّر أولئك المتطرّفين من محاولة انتهاك هذا القانون أو تجاوز الخطوط الحمر، لأنّ عواقب خرق هذا القانون خطيرة للغاية». ومع سحب كتب عن الديمقراطية بسرعة من المكتبات والمدارس، أشارت الحكومة في الوثيقة التي نشرت مساء الاثنين إلى أنها تتوقع الطاعة على الإنترنت أيضاً.
ومُنحت الشرطة صلاحيات لمراقبة وحذف معلومات إلكترونية إذا كانت هناك «أسباب منطقية» للاشتباه في أن المعطيات تنتهك قانون الأمن القومي.
ويمكن الطلب من شركات الإنترنت ومزودي الخدمات حذف المعلومات ويمكن مصادرة معدات تلك الشركات. ويمكن أيضاً فرض غرامة على مديرين تنفيذيين، ومعاقبتهم بالسجن مدداً تصل إلى سنة إذا رفضوا الامتثال.
ويتوقع من الشركات تقديم سجلات تحديد الهوية والمساعدة في فك التشفير.
غير أن أكبر شركات التكنولوجيا الأميركية تحفظت على هذا القرار. وقالت كل من «فيسبوك» و«غوغل» و«تويتر» الاثنين، إنها علقت طلبات من حكومة هونغ كونغ أو شرطتها لتزويد معلومات عن مستخدمين.
وأعلنت «فيسبوك» في بيان، أنها مع خدمة «واتساب» الشهيرة التابعة لها، سترفض طلبات حتى القيام بمراجعة للقانون تتضمن «إجراءات رسمية بشأن الامتثال لحقوق الإنسان ومشاورات مع خبراء في مجال حقوق الإنسان». وقال متحدث باسم «فيسبوك»: «نعتقد أن حرية التعبير من حقوق الإنسان الأساسية وندعم حق الناس في التعبير عن أنفسهم من دون الخوف على سلامتهم أو من أي تداعيات أخرى».
من جهتها، قالت خدمتا «تويتر» و«غوغل» لوكالة الصحافة الفرنسية، إنهما أيضاً لن تلتزما بطلبات سلطات هونغ كونغ عن معلومات في المستقبل القريب.
وأوضحت «تويتر» لوكالة الصحافة الفرنسية أن لديها «مخاوف كبيرة إزاء مرحلة التطوير والنية الكاملة لهذا القانون».
وأعلنت منصة «تيك توك»، المملوكة من شركة «بايت دانس» الصينية، انسحابها من هونغ كونغ كلياً. وقالت «تيك توك» لوكالة الصحافة الفرنسية: «في ضوء الأحداث الأخيرة، قررنا وقف عمليات تطبيق تيك توك في هونغ كونغ».
وتحظى «تيك توك» بشعبية كبيرة لدى شريحة الشباب في أنحاء العالم. لكن كثيرا من مواطني هونغ كونغ لا يثقون بها لأنها مملوكة من صينيين.
وتنفي شركة «بايت دانس» باستمرار أي تشارك لمعطيات حول المستخدمين مع السلطات في الصين، وأكدت أنها لا تعتزم أن تبدأ في الموافقة على مثل تلك الطلبات. في أقل من اسبوع منذ تطبيق القانون، حذف نشطاء مدافعون عن الديمقراطية والعديد من الناس العاديين ملفات شخصية على الإنترنت لأي شيء قد تجرّمه الصين. وكشفت الوثيقة التي نشرت ليل الاثنين أيضاً، أن الإشراف القضائي السابق على صلاحيات المراقبة الممنوحة للشرطة، تم إلغاؤه في التحقيقات بشأن الأمن القومي. وسيتمكن رجال الشرطة من القيام بعمليات تفتيش من دون مذكرة لذلك، إذا اعتبروا أن تهديداً للأمن القومي «عاجل».
وقال المحامي انسون ونغ يو - يات لصحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست»: «القواعد الجديدة مخيفة، تمنح جهاز الشرطة صلاحيات عادة ما يحميها الجهاز القضائي».



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.