الموظفون العراقيون بانتظار «حل عقدة» المرتبات

TT

الموظفون العراقيون بانتظار «حل عقدة» المرتبات

رغم إعلان مصرفي الرشيد والرافدين مباشرتهما بتسليم مرتبات الموظفين العراقيين لشهر يونيو (حزيران) الماضي بعد نحو أسبوعين على حلول موعد استحقاقها، فإن أعداداً غير قليلة من الموظفين في القطاع العام ما زالت في انتظار «حقل العقدة» والفرج لعدم وصولها إشعاراً حتى الآن بتحويل المرتب إلى حساباتهم الخاصة، ما يعزز مخاوف الموظفين والمواطنين بشكل عام من تردي أوضاعهم المعيشية في الأشهر المقبلة في ظل تنامي معدلات الفقر ووصولها إلى نسبة 34 في المائة من عموم السكان، كما صرح بذلك وزير العمل عادل الركابي نتيجة تفشي فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط في السوق العالمية.
ونقلت صحيفة «الصباح» شبه الرسمية عن الركابي، قوله إنه «وبعد انتشار فيروس كورونا في عموم العالم أدى إلى انخفاض أسعار النفط عالمياً، مما انعكس الأمر سلباً على زيادة نسبة الفقر في البلاد، حيث ارتفعت المعدلات من 22 في المائة إلى 34 في المائة، وهو ما سيؤدي إلى حدوث أزمات اقتصادية وصحية في العراق». كانت إحصائية سابقة وزارة التخطيط العراقية كشفت عن نسب فقر تتجاوز الـ20 في المائة من عدد سكان العراق البالغ نحو 40 مليون نسمة. ووصلت معدلات الفقر في 3 محافظات جنوبية (ذي قار، المثنى، ميسان) إلى نحو 50 في المائة من مجموع السكان.
وأشار وزير العمل الركابي إلى «السعي لتجاوز الأزمة من خلال التعاون مع مختلف الجهات الدولية لإيجاد حلول سريعة لزيادة معدلات الفقر والبطالة، إضافة إلى الإجراءات التي ترعاها الوزارة من خلال توزيع المنح بين المواطنين من أصحاب الدخل المحدود الذين تضرروا من إجراءات حظر التجوال الوقائي بسبب فيروس كورونا». وأوضح أن من «بين الجهات الدولية التي يجري التنسيق معها البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية، لتنفيذ برامج في العراق لتجاوز الأزمة الحالية كتمويل القروض والتدريب والتأهيل وإنجاز المشروع الطارئ للمناطق المحررة». وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تحدثت في وقت سابق، عن أن نحو 15 مليون مواطن عراقي تقدموا بطلبات للحصول على المبالغ المالية البسيطة (نحو 100 دولار أميركي) التي قررت الحكومة العراقية منحها للعوائل الفقيرة لمواجهة حالة الركود الاقتصادي وتراجع فرص العمل بسبب جائحة كورونا.
في مقابل ذلك، رفض مصدر مسؤول في وزارة التخطيط المعنية بإجراء إحصاءات الفقر والبطالة والمسوحات السكانية، التعليق حول نسبة الفقر الجديدة التي أعلنتها وزارة العمل، لكنه ذكر لـ«الشرق الأوسط» أن الوزارة «بصدد إصدار إحصاءات متكاملة حول نسب البطالة والفقر في عموم البلاد هذا الأسبوع». وفي إطار سعيها لتوفير فرص العمل ومواجهة مشكلة البطالة بين الشباب، أعلنت وزارة التخطيط، أمس، عن تشكيل لجنة لإعادة النظر في آليات «المشروع الوطني لتشغيل الشباب».
وذكر المتحدث الرسمي باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي في تصريحات أن «الوزارة وضمن سعيها لتطوير المشروع الوطني لتشغيل الشباب شكلت لجنة مكونة من الجهات ذات العلاقة وهي البنك المركزي ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية وممثلون عن القطاع الخاص من أجل إعادة النظر بالآليات والتعليمات الخاصة بالمشروع الوطني لتشغيل الشباب وتطويرها لضمان تنفيذه بالشكل الأمثل»، مشيراً إلى أن «اللجنة ستعمل على إصدار دليل استرشادي لتنفيذ العقود الخاصة بالمشروع بهدف رسم مسارات جديدة للمرحلة المقبلة والخروج بالصيغة النهائية له وبما يمكن شريحة الشباب من تنفيذ مشاريع مدرة للدخل ورفع مستواهم الاقتصادي».
محللون وخبراء اقتصاد في العراق، يرون أن مشكلة البطالة والفقر من بين أعقد المشاكل التي تواجه حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، خاصة في ظل الظروف المالية القاهرة التي تواجهها حكومته، ويعتقدون أن حل هذه المشكلة بحاجة إلى سنوات طويلة من التخطيط والعمل الجاد ودعم فرص الاستثمار الحقيقية في البلاد وعدم الاعتماد على عوائد النفط المالية كمصدر وحيد للدخل الوطني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.