النجاة من كورونا ليست نهاية الكابوس... طريق التعافي طويل

مريض مصاب بكورونا يتلقى العلاج في مستشفى بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)
مريض مصاب بكورونا يتلقى العلاج في مستشفى بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)
TT
20

النجاة من كورونا ليست نهاية الكابوس... طريق التعافي طويل

مريض مصاب بكورونا يتلقى العلاج في مستشفى بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)
مريض مصاب بكورونا يتلقى العلاج في مستشفى بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

أول شيء يمكن أن يتذكره سيمون فاريل، بعد استيقاظه من غيبوبة، هو محاولة تمزيق قناع الأكسجين الخاص به. لقد كان في العناية المركزة لمدة 10 أيام، ويعتمد على جهاز التنفس الصناعي فقط للعيش.
ويتذكر ما حصل قائلاً: «كنت أحاول نزع القناع عن وجهي، واستمرت الممرضة في وضعه مرة أخرى»، وفقاً لتقرير لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وعندما أيقظه الأطباء، كان جسمه قد حارب أسوأ مراحل فيروس كورونا لكنه كان لا يزال بحاجة إلى الأكسجين لدعم رئتيه المتضررتين. وكان الرجل البالغ من العمر 46 عامًا يعاني من هذيان شديد.
وقالت الممرضات في مستشفى الملكة إليزابيث في برمنغهام إنه تعين إجباره على ارتداء قفازات كبيرة لأنه لم يكن مسترخيًا. وفي النهاية كان عليهن أن يثبتن يديه لأنه كان يحاول تمزيق القفازات.
وإنها ليست قصة غير مألوفة لأي شخص يعمل في العناية المركزة.
وأوضح الدكتور كولوانت دادوال، المستشار الذي يدير وحدة العناية المركزة في مستشفى رويال فري بلندن، أن حاجة المرضى للتنفس الصناعي وقضائهم أوقاتا طويلة في العلاج أنتج «الكثير من حالات الهذيان والارتباك».
وتابع: «كانت هذه المجموعة من المرضى أكثر صعوبة في التخلص من جهاز التنفس الصناعي».
وحتى عندما تكون هذه العملية ناجحة، فهي ليست سوى بداية عملية طويلة من التعافي البدني والنفسي من الفيروس. والآن تجاوزت المملكة المتحدة ذروة الفيروس ويتحول الانتباه إلى التحدي الضخم - سواء في الخدمة الصحية أو في المجتمع - لإعادة تأهيل الناجين من كورونا.
وتقول سالي سينغ، أستاذ إعادة التأهيل الرئوي والقلب في جامعة ليستر: «غالبًا ما يُنظر إلى إعادة التأهيل على أنها خدمة ثانوية وليست أولوية.. ولكن بسبب كورونا، وعدد الأشخاص الذين أثر عليهم، هناك حاجة ملحة لها. لقد أصبحت أولوية وطنية - لدعم الناس ليصبحوا أفضل».

*طريق طويل
ينطلق عشرات الآلاف من الأشخاص حول المملكة المتحدة في هذه الرحلة. واقترب البعض من الموت في وحدات العناية المركزة، واحتاج البعض الآخر إلى علاج أقل قوة في المستشفى لمساعدتهم على تجاوز الأسوأ. جميعهم تغيرت حياتهم بعد الإصابة.
ولكن بالنسبة للمرضى المصابين بأعراض خطيرة في العناية المركزة، تبدأ إعادة التأهيل قبل أن يتم إيقاظهم من غيبوبة. ويجب أن يكون هناك دعم بدني ونفسي من البداية. وحتى عندما يكون المريض نائمًا، فإن الممرضين والمعالجين يقومون بتحريك مفاصله وجسده للتأكد من عدم حصول أي ضرر له أثناء الاستلقاء لوقت طويل.
وتشرح كيت تانتام، اختصاصية التأهيل في العناية المركزة في مستشفى «بليموث إن إتش إس ترست»: «على سبيل المثال، لدينا دراجة في السرير».
وتضيف: «حتى لو كان المريض يحتاج لجهاز التنفس الصناعي ويأخذ على الكثير من الأدوية لإبقائه على قيد الحياة، سنظل نضعه على الدراجة».
وتتابع: «نأتي بهم إلى السرير، ويمكننا وضع أقدامهم فيها، ويمكن للآلة بعد ذلك القيام بالعمل نيابة عنك».
كما يتحدث موظفو وحدة العناية المركزة أيضًا باستمرار مع المرضى أثناء خضوعهم للتخدير العميق، ويخبرونهم بمكانهم وما الذي يحدث لهم ويطمئنوهم بأنهم في أمان. ويعتبر كل هذا جزءا من عملية إعدادهم للحظة عندما يستيقظون.
وإن التحدي الآخر في التعافي الفوري من المرض الحرج هو الالتهاب الشديد.
ولا يستطيع العديد من المرضى التعامل مع أنبوب التنفس الذي يتم إدخاله عبر الفم لأن الحنجرة والمنطقة الواقعة فوق الحبال الصوتية متورمة بشدة كجزء من الفيروس. وهذا يعني أن الأطباء غالبًا ما كان عليهم إجراء عمليات ثقب القصبة الهوائية في كثير من الأحيان، وخلق فتحة في الرقبة للوصول إلى القصبة الهوائية، من أجل إزالة أنبوب التنفس الذي يرتبط بجهاز التنفس الصناعي.
ويشرح كارل والدمان، استشاري العناية المركزة في مستشفى رويال بيركشاير في ريدينغ: «عليك أن تعتني بالقصبة الهوائية، خاصة مع وجود جرح في الرقبة، لذا، فقد كانت العملية طويلة وبطيئة لإبعادهم عن جهاز التنفس الصناعي. قد تستغرقنا أسبوعًا أو أسبوعين أو حتى أكثر».

*الهذيان
يعاني ما يصل إلى ثلاثة أرباع مرضى العناية المركزة الذين يحتاجون إلى أجهزة التنفس الصناعي من الهذيان. وتشير ملاحظات العديد من الأطباء إلى أن الهذيان كان حادًا بشكل خاص، والهلوسة موجودة بشكل غير عادي، بالنسبة للأشخاص الذين يصابون بأعراض شديدة من كورونا.
ويمكن أن يكون الهذيان ناتجًا عن العدوى نفسها والحمى المصاحبة لها. ولكن يتم تكثيفه من خلال الأدوية المهدئة القوية التي يجب استخدامها للحفاظ على راحة المرضى، والبيئة المقلقة للعناية المركزة التي يجدون أنفسهم فيها.
وعندما يكون المرضى في غيبوبة ويستيقظون، ومع البدء في تخفيف هذه الأدوية، غالبًا ما يعانون من هلوسة مخيفة، ويتمسكون بمعتقدات مقلقة حول ما يجري.

* مشاكل طويلة الأمد
لا يزال بعض المرضى يعانون من الهذيان بعد أسابيع من الاستيقاظ. والهذيان، كما تقول كيت تانتام، إلى جانب العوارض المخيفة الأخرى، «هو الرابط الرئيسي لضغوط ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب» بين الأشخاص الذين ينجون من وحدة العناية المركزة.
إن ما يقرب من واحد من كل خمسة أشخاص يمرون بالعناية المركزة في الأوقات العادية يستمرون في إظهار أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لاحقاً.
وينطبق الشيء نفسه على القلق والاكتئاب بشكل عام بعد مغادرة المستشفى. ومن المرجح أن تؤدي الظروف القصوى لوباء «كوفيد-19» والعزلة الاجتماعية التي تصاحبها إلى تفاقم هذه الأمور.


مقالات ذات صلة

فيروس كورونا الجديد في الصين... هل يهدد العالم بجائحة جديدة؟

صحتك جائحة كورونا نشأت «على الأرجح» داخل مختبر ولم تكن طبيعية (أ.ف.ب)

فيروس كورونا الجديد في الصين... هل يهدد العالم بجائحة جديدة؟

أثار إعلان علماء في معهد «ووهان» لعلم الفيروسات عن اكتشاف فيروس كورونا جديد يُعرف باسم «HKU5 - CoV - 2» قلقاً عالمياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك عالمة تظهر داخل مختبر معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (إ.ب.أ)

يشبه «كوفيد»... اكتشاف فيروس كورونا جديد لدى الخفافيش في مختبر صيني

أعلن باحثون في معهد ووهان لأبحاث الفيروسات في الصين، أنهم اكتشفوا فيروس «كورونا» جديداً في الخفافيش يدخل الخلايا باستخدام البوابة نفسها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» بنيويورك (أ.ب)

دراسة: بعض الأشخاص يصابون بـ«متلازمة ما بعد التطعيم» بسبب لقاحات «كوفيد-19»

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن اللقاحات التي تلقّاها الناس، خلال فترة جائحة «كوفيد-19»، منعت ملايين الوفيات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
يوميات الشرق المرح سمة شخصية تعكس القدرة على التفاعل مع الحياة بروح مرحة ومتفائلة (جامعة ساسكس البريطانية)

الأشخاص المَرِحون أكثر صموداً في الأزمات

أفادت دراسة أميركية بأن الأشخاص الذين يتمتّعون بمستويات عالية من المرح كانوا أكثر قدرة على الصمود والتكيف، خصوصاً خلال جائحة كورونا مقارنةً بغيرهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

النساء أكثر عرضة للإصابة بـ«كورونا طويل الأمد»

كشفت دراسة جديدة أن النساء معرضات لخطر أعلى بكثير للإصابة بـ«كورونا طويل الأمد» مقارنة بالرجال.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لصوص يسرقون مرحاضاً ذهبياً قيمته 6 ملايين دولار «في 5 دقائق»

المرحاض الذهبي المسروق (بي بي سي)
المرحاض الذهبي المسروق (بي بي سي)
TT
20

لصوص يسرقون مرحاضاً ذهبياً قيمته 6 ملايين دولار «في 5 دقائق»

المرحاض الذهبي المسروق (بي بي سي)
المرحاض الذهبي المسروق (بي بي سي)

سرق لصوص مرحاضاً مصنوعاً من الذهب الخالص بقيمة 4.8 مليون جنيه إسترليني (نحو 6 ملايين دولار) من قصر بلاينهايم في «غارة جريئة» استغرقت 5 دقائق فقط، وفق أقوال ذُكرت أمام المحكمة ونقلتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وتم توصيل المرحاض وتشغيله بكامل طاقته كجزء من معرض فني في المنزل الريفي الضخم الكائن بمقاطعة أوكسفوردشاير في جنوب شرقي إنجلترا في سبتمبر (أيلول) 2019.

ونفى مايكل جونز (39 عاماً) من أكسفورد تهمة السطو. كما دفع متهمان آخران ببراءتهما من تهمة «التآمر لنقل ممتلكات» بطريقة إجرامية. وقيل للمحكمة الواقعة في أكسفورد إن المرحاض «قد تم تفتيته على الأرجح» و«لن تتم استعادته قط».

بدوره، قال المدعي العام جوليان كريستوفر للمحكمة إن «عصابة مكونة من 5 أفراد في سيارتين اقتحمت بوابات قصر بلاينهايم المغلقة في الساعات الأولى من يوم 14 سبتمبر 2019 واقتحمت المبنى بمطارق ثقيلة». وتُركت المطارق في مكان الحادث.

وأضاف كريستوفر أن جونز التقط صورة قبل نحو 17 ساعة من سرقة المرحاض أثناء وجوده في المكان «في إطار عملية استطلاع للتجهيز للسطو». وأشار كريستوفر إلى أن المداهمة استغرقت 5 دقائق فقط.

واستطرد: «لم يتم استرداد العمل الفني مُطلقاً. ويبدو أنه تم تقسيمه إلى كميات أصغر من الذهب ولن تتم استعادته قط».

واعترف رجل رابع يسمى جيمس شين ويبلغ 40 عاماً بالذنب في جريمة السطو وجريمة نقل الممتلكات بصورة الإجرامية والتآمر لفعل الشيء نفسه في أبريل (نيسان) 2024، حسبما أُبلغ المحلفون.

وكان المرحاض المصنوع من الذهب عيار 18 قيراطاً جزءاً من معرض للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان، الذي يتم عرض أعمال له في القصر. وكان وزن المرحاض 98 كيلوغراماً وتم التأمين عليه بمبلغ 6 ملايين دولار.

وقال المدعي العام إن سلسلة من الرسائل النصية والصوتية و«لقطات الشاشة» تم اكتشافها على هواتف المتهمين، أظهرت تفاوضهم على سعر بيع الذهب المسروق.

وتم بناء القصر قبل أكثر من 300 عام، وهو أحد مواقع التراث العالمي لـ«اليونيسكو»، وكان مسقط رأس السير ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني الراحل.