إيران تلمّح لهجوم إلكتروني على منشأة «نطنز» وتتوعد بالرد

«أدلة أولية» تشير إلى «عمل تخريبي» استهدف مصنعاً لأجهزة الطرد المركزي

وزير الأمن الإيراني يزور منشأة «نطنز» النووية قبل عامين (إرنا)
وزير الأمن الإيراني يزور منشأة «نطنز» النووية قبل عامين (إرنا)
TT

إيران تلمّح لهجوم إلكتروني على منشأة «نطنز» وتتوعد بالرد

وزير الأمن الإيراني يزور منشأة «نطنز» النووية قبل عامين (إرنا)
وزير الأمن الإيراني يزور منشأة «نطنز» النووية قبل عامين (إرنا)

في وقت كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، عن أن «الأدلة الأولية» ترجح أن الانفجار الغامض الذي استهدف منشأة نطنز النووية الإيرانية، أول من أمس، كان «عملاً تخريبياً»، قالت طهران إنها حددت سبب «الحادث»، وستعلنه «في الوقت المناسب... لاعتبارات أمنية». لكنها لمحت إلى أن هجوماً سيبرانياً تسبب به، إذ توعدت بالرد على أي دولة تنفّذ هجمات إلكترونية على مواقعها النووية.
وأعلنت أعلى هيئة أمنية إيرانية، أمس، تحديد سبب «الحادث» في الموقع النووي، ولكن «لاعتبارات أمنية» سيتم الإعلان عنه في وقت مناسب، حسبما نقلت عنها وكالة «رويترز».
وقال المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي كيوان خسروي، إن «التحقيقات التي تقودها الوكالات المعنية حددت بدقة سبب الحادث في مجمع نطنز النووي... لاعتبارات أمنية، سيتم الإعلان عن سبب وطريقة وقوع الحادث في الوقت المناسب».
ورأى رئيس الدفاع المدني غلام رضا جلالي في تصريحات للتلفزيون الحكومي، مساء أول من أمس، أن «الرد على الهجمات الإلكترونية جزء من قوة الدفاع في البلاد. إذا ثبت أن بلادنا استُهدفت بهجوم إلكتروني سنردّ».
وتحدثت «وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية» عن «احتمال قيام أعداء مثل إسرائيل والولايات المتحدة بأعمال تخريب»، لكنها لم تصل إلى حد اتهام أي منهما بشكل مباشر. وقالت الوكالة: «حتى الآن، تحاول إيران التصدي للأزمات المتفاقمة والظروف والأوضاع التي لا يمكن التنبؤ بها... لكن تجاوز الخطوط الحمراء لجمهورية إيران الإسلامية من الدول المعادية، خصوصاً الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، يعني أنه تجب مراجعة الاستراتيجية».
وأظهرت صورة وزعتها وكالة الطاقة الذرية الإيرانية، أول من أمس، دماراً في المبنى المنشأ حديثاً الذي خلعت أبوابه وانهار سقفه، واسودت أجزاء منه بفعل الحريق الناجم عن الانفجار الشديد. لكن لم يتضح مدى الدمار تحت الأرض في المنشأة التي وزعت إيران مقاطع مصورة فيها العام الماضي لتجميع أجهزة الطرد الأحدث لديها.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن «مسؤول استخباراتي شرق أوسطي»، أن «الانفجار نتج من عبوة ناسفة زرعت داخل المنشأة»، مشيراً إلى أنه «دمر معظم الجزء العلوي من المنشأة، حيث تتم موازنة أجهزة الطرد المركزي الجديدة قبل تشغيلها».
واندلعت في الأيام الأخيرة سلسلة من الحرائق الغامضة في منشآت أخرى تتعلق بالبرنامج النووي. كما كانت منشآت إنتاج الوقود النووي في مجمع نطنز الصحراوي المحاط بالأسلاك الشائكة والمدافع المضادة للطائرات، هدفاً لهجمات إلكترونية بالغة التعقيد نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل قبل عقد واستمرت لسنوات، لتغير رمز الكومبيوتر للمعدات الصناعية في المنشآت وتدمر نحو 1000 جهاز طرد مركزي؛ مما عطل برنامج إيران النووي لمدة عام أو أكثر.
وتلقى صحافيون من خدمة «بي بي سي» الفارسية رسالة بريد إلكتروني من مجموعة غير معروفة أطلقت على نفسها اسم «فهود الوطن»، تتبنى الهجوم قبل أن تصبح أنباء الحريق علنية. وقالت الجماعة، إنها تتألف من منشقين عن الجيش والأجهزة الأمنية الإيرانية، وإن الهجوم استهدف أجزاء فوق الأرض من المنشآت «حتى لا تتمكن الحكومة من تغطية الأضرار».
وتعد المنشأة مرتكزاً رئيسياً لطموحات إيران تسريع برنامجها النووي، كجزء من محاولة للضغط على الولايات المتحدة لتعليق العقوبات التي أعاد الرئيس دونالد ترمب فرضها، وإقناع أوروبا بتعويضها عن خسائرها.
وقال ديفيد أولبرايت، رئيس «معهد العلوم والأمن الدولي»، وهي مجموعة غير ربحية في واشنطن تتعقب الانتشار النووي، إن عوامل عدة تشير إلى أن ما جرى كان «عملاً تخريبياً». وأوضح أن الموقع المستهدف «منشأة تجميع تحصل على مكونات فرعية وتجمعها. لا تكون فيها عادة سوائل كثيرة قابلة للاشتعال (كي تتسبب في حريق كبير). عمليات التجميع ليست خطيرة في حد ذاتها. يبدو تخريباً. إنه موقع عالي القيمة للإيرانيين ومبنى بالغ الأهمية».
وتجمّع إيران في المبنى جيلاً جديداً من أجهزة الطرد المركزي يهدف إلى مضاعفة وتيرة إنتاج الوقود الذري. وقال أولبرايت، إن الدور المركزي للمجمع وأهميته في تقدم الطموحات النووية الإيرانية أضاف وزناً لفكرة الضربة المتعمدة. وأضاف أنه الهدف الأسلم «إذا كنت ترغب في توجيه ضربة تؤخر البرنامج النووي» الإيراني.
غير أنه لفت إلى أن «الحضور الظاهر لمولد لوقود الديزل لإنتاج الكهرباء في الموقع قد يقدم تفسيراً نظرياً آخر للانفجار»، مشيراً إلى أن فكرة التخريب يجب التعامل معها بالشك حتى تثبت صحتها.
ويرى الخبير في الأمن الإيراني في «مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار» فابيان هينز، أن «المصنع هدف ناضج... إنه موقع جديد ومهم للغاية وقد تم تشغيله بالفعل».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.