انفراط العقد الأوروبي لتنظيم فتح الحدود الخارجية للاتحاد

الحدود الفرنسية-الإيطالية بعد رفع الإغلاق الشهر الماضي (أ.ب)
الحدود الفرنسية-الإيطالية بعد رفع الإغلاق الشهر الماضي (أ.ب)
TT

انفراط العقد الأوروبي لتنظيم فتح الحدود الخارجية للاتحاد

الحدود الفرنسية-الإيطالية بعد رفع الإغلاق الشهر الماضي (أ.ب)
الحدود الفرنسية-الإيطالية بعد رفع الإغلاق الشهر الماضي (أ.ب)

يوماً بعد يوم، ينفرط العقد الأوروبي الذي اقتضى إنجازه ثلاثة أسابيع من المفاوضات المعقّدة بين الدول الأعضاء في الاتحاد للتوصل إلى قائمة مشتركة بالبلدان التي يُسمح لمواطنيها بالدخول من غير قيود أو شروط مسبقة إلى دول الاتحاد اعتباراً من مطلع هذا الشهر، وتحاشي الاضطرار للعودة إلى وقف حريّة التنقّل داخل منطقة شينغن التي ما زال الأوروبيون يعدّونها أهمّ إنجازات المشروع الأوروبي حتى الآن.
وبعد أن كانت إيطاليا قد أعلنت عدم التزامها الاتفاق بعد ساعات من إبرامه وقررت فرض الحجر الصحي الإلزامي على جميع الوافدين من خارج منطقة شينغن، وقرار النمسا حظر دخول مواطني دول البلقان رغم إدراجها على القائمة المشتركة، أعلنت الحكومة المجرية أيضاً خروجها عن الاتفاق وقصرت الدخول غير المشروط إلى أراضيها على مواطني صربيا. وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان: «ليس بوسعنا التجاوب مع طلب الاتحاد الأوروبي والسماح بدخول وافدين من خارج الكتلة، لأن ذلك يتضارب مع المصالح الصحية لسكّان المجر».
السويد من جهتها، وهي من أكثر البلدان الأوروبية تضرّراً من الوباء بسبب استراتيجيتها القائمة على عدم العزل، أعلنت أيضاً أن القيود ستبقى مفروضة على جميع الوافدين إلى أراضيها من خارج منطقة شينغن، وأنها قد تعود إلى الاتفاق منتصف الشهر الجاري. أما سويسرا، التي ليست عضواً في الاتحاد لكنها ضمن منطقة شينغن، فقد أعلنت أنها ستنتظر حتى أواخر هذا الشهر قبل اتخاذ قرارها النهائي، وأنها في جميع الأحوال ستبقي الحظر مفروضاً المسافرين الوافدين من صربيا. الجمهورية التشيكية قررت السماح لمواطني 8 دول من أصل الدول الخمس عشرة المدرجة على القائمة بالدخول من غير قيود إلى أراضيها.
كانت الحكومة الإسبانية قد أعلنت صباح أمس (الجمعة)، أنها ستُبقي حدودها مقفلة في وجه الوافدين من المغرب والجزائر، استناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل، حيث إن الحدود المغربية والجزائرية ما زالت مقفلة بوجه الوافدين من إسبانيا. وتقول مصادر إسبانية مطّلعة إن الحدود ستبقى مُقفلة مع المغرب والجزائر حتى نهاية الشهر الجاري كحد أدنى، وأن شرط المبادلة بالمثل أساسي خصوصاً في حالة المغرب الذي يتقاسم حدوداً بريّة مع إسبانيا عند مدينتي سبته ومليلية. وتجدر الإشارة إلى أن المغرب لا يسمح حالياً بالخروج بلا شروط من أراضيه، باستثناء الأجانب أو الذين يحملون جنسية مزدوجة أو إقامة في الخارج، بحيث إن قرار الإقفال لن تكون له تبعات عملية تُذكر.
الدوائر الأمنية والصحية في المفوضية الأوروبية بدأت تشعر بالقلق من تكاثر الاستثناءات التي أعلنتها الدول الأعضاء على القائمة المشتركة التي كانت ثمرة مفاوضات معقّدة، وتخشى من تفاقم الوضع على الحدود الخارجية وانعكاساته على الحركة عبر الحدود الداخلية للاتحاد. ولا تعدو القائمة المشتركة كونها توصية موجهة إلى الدول الأعضاء، جاءت ضمن حزمة من الاستثناءات التي تتيح الدخول للوافدين من البلدان خارج القائمة إذا كانوا من الطلّاب والعمّال ذوي المهارات العالية والذين يقيمون منذ فترة طويلة في أحد بلدان الاتحاد، أو أفراد الطواقم الصحّية والعمّال المياومين في القطاع الزراعي وموظفي قطاع النقل والدبلوماسيين والذين يثبتون دواعي عائلية أو صحّية للسفر إلى الاتحاد الأوروبي.
وتركّز المفوضية الأوروبية جهودها في الوقت الراهن على إقناع الدول الأعضاء التي خرجت عن القائمة المشتركة بأن تلتزم عدم السماح بدخول وافدين من بلدان خارج القائمة من غير اتفاق أو تنسيق مع الدول الأخرى، خشية أن ينهار نظام ترتيب فتح الحدود الخارجية بكامله. وتجدر الإشارة إلى أن صلاحيات ضبط الحدود الداخلية والخارجية للاتحاد تعود حصراً للدول الأعضاء ولا يسع المفوضية سوى إصدار التوصيات والتوجيهات بشأنها.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».