الجزائر تبحث عن هدنة مع المتظاهرين لـ«تمرير» التعديل الدستوري

الناشط كريم طابو لحظة الإفراج عنه أول من أمس (أ.ف.ب)
الناشط كريم طابو لحظة الإفراج عنه أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تبحث عن هدنة مع المتظاهرين لـ«تمرير» التعديل الدستوري

الناشط كريم طابو لحظة الإفراج عنه أول من أمس (أ.ف.ب)
الناشط كريم طابو لحظة الإفراج عنه أول من أمس (أ.ف.ب)

قررت السلطة الجديدة في الجزائر التخلي، على ما يبدو، عن سياسة التشدد مع نشطاء الحراك، الذين يعارضون الرئيس عبد المجيد، ويرفضون الاعتراف بشرعيته، وذلك بعد إطلاق سراح أربعة من أبرز الناشطين، بموجب قرارات قضائية.
وكانت قنوات تلفزيونية مؤيدة لتبون قد ذكرت بأنه سيصدِر عفواً رئاسياً عن عدد كبير من سجناء الرأي، وعددهم سبعون، بمناسبة احتفالات عيد الاستقلال في الخامس من يوليو (تموز).
وقال محامون يدافعون عن ناشطين بالحراك لـ«الشرق الأوسط»، إن أربعة منهم فقط تم إطلاق سراحهم بصيغة إفراج مؤقت، وليس عفواً رئاسياً، الذي من بين شروطه أن يكون المسجون قد صدر بحقه حكم قضائي نهائي، ولم يقدم أي طعن لدى الهيئات القضائية. ويتعلق الأمر بالمناضل السياسي البارز كريم طابو، والناشطة الطبيبة أميرة بوراوي، والناشطين سمير بلعربي وسليمان حميطوش. وستتم محاكمتهم في سبتمبر (أيلول) المقبل، حسب المحامين عينهم، بتهم «المس بالوحدة الوطنية»، و«التحريض على التظاهر من دون رخصة». وعبر ناشطون سياسيون عن تحفظهم على العفو الرئاسي، ورأوا أنه غطاء سياسي لإنهاء سجن الستة، فهم سجناء رأي أخطأت السلطة بحقهم، وكان ينبغي أن تعترف بخطئها فتلغي الأحكام القضائية التي صدرت ضدهم، حسبهم. والعفو، ضمن هذا المفهوم، يمنح للمساجين الذين ارتكبوا جرماً.
وقرأ مراقبون الإفراج عن طابو وبوراوي وبلعربي وحميطوش، ولو من دون إسقاط المتابعة عنهم، رسالة تهدئة من جانب السلطة إلى المتظاهرين، خصمها العنيد، مفادها أنها تملك حسن نية لـ«تطبيع» العلاقة المتوترة بين الطرفين منذ أكثر من عام، والتي ازدادت حدة في فترة تعليق المظاهرات، بسبب حملة اعتقال مكثفة طالت عشرات الأشخاص، واستدعاءات أمنية للمئات بسبب منشورات لهم في شبكة التواصل الاجتماعي، عدتها السلطات مسيئة لها.
وقال «محامي الحراك» عبد الغني بادي، إن «تهمة الإساءة لرئيس الجمهورية الموجهة للمتظاهرين، حطمت الرقم القياسي مقارنة بفترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة».
وبحسب المراقبين أنفسهم، فإن الإفراج عن الأربعة يعكس رغبة من السلطة في «شراء سلم الحراك» لتمرير مشروع التعديل الدستوري عبر الاستفتاء الشعبي، في هدوء. كما أنها مقبلة على مرحلة صعبة، تتمثل في تسيير الكلفة الاقتصادية لأزمة «كورونا». زيادة على أزمة شح الموارد المالية الخطيرة، وهي في حاجة إلى استقرار سياسي يتيح لها مواجهة المشاكل، بينما يترقب مئات آلاف المتظاهرين العودة إلى الشارع بعد انحسار الوباء. وبحسب ردود أفعالهم على قرارات الإفراج المؤقت، فقد تقدمت السلطة نحوهم بـ«نصف خطوة» لا تكتمل، حسبهم، إلا بإطلاق سراح كل المعتقلين، ووقف الضغط عليهم والتهديد باعتقالهم، إن لم يتوقفوا عن معارضتها.
وكتب أستاذ علم الاجتماع السياسي، نوري إدريس، حول التطورات الأخيرة في ملف معتقلي الحراك «لا تفوت السلطة أي فرصة لتستعرض بشكل مستفز هيمنتها على الدولة والمجتمع، وعدم استعدادها للخضوع لأي قيد، كان قضائياً أو دستورياً أو أخلاقياً. فسجن المواطنين وكيل تهم خطيرة لهم، ثم العفو عنهم بشكل مزاجي، أدوات استعراض، وتذكير الناس بوقوع كل المؤسسات بين أيدي السلطة، والهدف من ذلك هو دفعهم لليأس والاستسلام، والبحث عن من يحميهم من تعسفها بشكل فردي، بدل الانخراط في مشروع جماعي لتقييدها وتقنينها ومأسستها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.