هل يكفي الركوع على الركبة لمواجهة العنصرية؟

35 % من لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز من أصحاب البشرة السمراء لكن تمثيلهم في المناصب القيادية والتدريبية لا يتماثل مع نسبتهم

لاعبو الدوري الإنجليزي تضامنوا من أجل حياة السود لكن هؤلاء ينتظرون مزيداً من الفرص في عالم كرة القدم (أ.ف.ب)
لاعبو الدوري الإنجليزي تضامنوا من أجل حياة السود لكن هؤلاء ينتظرون مزيداً من الفرص في عالم كرة القدم (أ.ف.ب)
TT

هل يكفي الركوع على الركبة لمواجهة العنصرية؟

لاعبو الدوري الإنجليزي تضامنوا من أجل حياة السود لكن هؤلاء ينتظرون مزيداً من الفرص في عالم كرة القدم (أ.ف.ب)
لاعبو الدوري الإنجليزي تضامنوا من أجل حياة السود لكن هؤلاء ينتظرون مزيداً من الفرص في عالم كرة القدم (أ.ف.ب)

كان جميع اللاعبين في الدوري الإنجليزي الممتاز يرتدون قمصاناً مكتوباً على ظهرها «حياة السود مهمة» بدلاً من أسمائهم، في الجولة الأولى بعد استئناف المسابقة، كما كانوا يرتدون شارات سوداء عليها أيضا عبارة «حياة السود مهمة». وفي بداية كل مباراة، كل اللاعبين يركعون على ركبتهم، والأمر نفسه ينطبق أيضاً على أفراد طاقم التحكيم والطاقم التدريبي لكل فريق. في حقيقة الأمر، كانت هذه الخطوة قوية ومؤثرة بشكل لا يُصدّق وجعلتني عاجزةً عن الكلام؛ حيث بدأت أدرك أن أعين العالم كانت ترى بياناً قوياً وغير مسبوق للوحدة ضد العنصرية في فترة غير مسبوقة.
وكبادرة رمزية لدعم الكفاح من أجل المساواة العرقية، كان ذلك بمثابة بيان قوي من الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي أرى أنه الأقوى والأفضل في عالم كرة القدم. لكن هذه اللفتة لا يمكن أن تصرف انتباهنا عن العمل الحقيقي والتغيير الكبير اللذين يجب القيام بهما من قبل الدوري الإنجليزي الممتاز والأندية التي تلعب به.
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن 35 في المائة من لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز من أصحاب البشرة السمراء، لكن تمثيل السود في المناصب التنفيذية أو الإدارية أو القيادية بعيد كل البعد عن هذه النسبة. وهناك كثير من العبارات التي يمكن استخدامها لوصف هذا الوضع في الأمور السياسية والتاريخية، مثل «امتياز البيض» أو «التفوق الأبيض»، لكن هذه العبارات باتت تعكس بدقة الوضع الحالي في كرة القدم الإنجليزية.
لقد كانت الصورة النمطية القديمة للرجال السود هي أنهم بطبيعتهم رياضيون أقوياء، لكن لا يمكن الوثوق بهم لإدارة الميزانيات أو قيادة الأشخاص. وهذه هي الأحكام المسبقة المتأصلة والمتجذرة في مجتمعاتنا، وستكون مواجهتها أكثر إزعاجاً من مجرد وضع شارة سوداء على أكمام اللاعبين، لكن من دون التعامل معها لن يتغير الوضع المتعلّق بعدم التنوع العرقي في المناصب الإدارية والتنفيذية في الدوري الإنجليزي الممتاز، ومجالس إدارات الأندية. لقد حان الوقت الآن لتحريك عجلات التغيير.
نؤمن بقدرة كرة القدم على قيادة التغيير في هذا الصدد، لكنني لا أستطيع أيضاً قبول فكرة أن كل شخص أبيض في أي دور إداري أو تنفيذي في هذه اللعبة يستحق تعيينه في هذا المنصب أكثر من أي شخص أسود منافس له. لقد حصل بعض الأشخاص على فرص العمل في هذه المناصب لأنهم من أصحاب البشرة البيضاء ولديهم علاقات أفضل. إن الإحصائيات المتعلقة بهذا الأمر محرجة للغاية، ولن يتغير أي شيء ما لم يجرِ قبولها ومواجهتها.
خلال الأسبوع الماضي، كشفت رابطة اللاعبين المحترفين بدقة عن نسبة الموظفين السود في كل مستوى من المستويات، ودعت جميع الجهات الأخرى لأن تتسم بالشفافية بالقدر ذاته. وكشفت الرابطة عن أن 30 في المائة من أعضائها من أصحاب البشرة السمراء.
لقد سمعتُ اللاعب الإنجليزي جيرمين ديفو يتساءل عما إذا كان الأمر يستحق الحصول على دورات تدريبية في مجال التدريب أم لا، لأنه لا يرى أيّاً من اللاعبين السود الذين كان يتطلع إليهم في حياته يعملون في مجال التدريب، وهو الأمر الذي جعله يعتقد أن فرص العمل في مجال التدريب لن تكون متاحة لأشخاص مثله من أصحاب البشرة السمراء. لقد عمل كل من غاريث ساوثغيت وفرانك لامبارد وستيفن جيرارد في مناصب تدريبية ممتازة في نهاية مسيرتهم الكروية من دون أي خبرات.
نحن نقر بأنهم يستحقون تماماً الحصول على تلك الفرص، والعمل في تلك المناصب، لأنهم كانوا لاعبين عظماء وقادة بارزين داخل الملعب، وسوف يفقدون وظائفهم بسرعة في حال تحقيق نتائج سيئة. لكن في الوقت ذاته يجب أن نواجه الحقيقة المتمثلة في أن اللاعبين أصحاب البشرة السمراء يجدون صعوبة كبيرة في اتخاذ المسار ذاته.
ويجب أن نعرف أن هناك مواهب هائلة بين أصحاب البشرة السمراء، وأن الأمر لا يقتصر على الـ35 في المائة من اللاعبين السود الذين يلعبون في الدوري الإنجليزي الممتاز. ويجب أن ندرك أن عدداً كبيراً من أبرز المديرين الفنيين في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال القرن الحالي حتى الآن، مثل أليكس فيرغسون، وأرسين فينغر، وجوزيه مورينيو، وجوسيب غوارديولا، ويورغن كلوب، لم يكونوا لاعبين عظماء. لقد كان مورينيو يعمل مترجمًا قبل دخوله عالم التدريب، وأنا أعلم أن هناك رجالاً من أصحاب البشرة السمراء أذكياء ويمكنهم التحدث بست لغات ويفهمون اللعبة جيداً ويعشقونها؛ فهل يمكنهم أن يدخلوا مجال التدريب مثل المدير الفني البرتغالي؟ وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: متى ننظر إلى ما هو أبعد من لاعبي كرة القدم؟ من المؤكد أننا لو فعلنا ذلك فسنجد علماء رياضيين ومحللي أداء رائعين من أصحاب البشرة السمراء.
ولهذا السبب، فإنني أطالب بتطبيق قانون يشبه «قاعدة روني» في دوريات المحترفين بإنجلترا، التي تلزم الأندية بإجراء مقابلة مع مدرب واحد على الأقل من أصحاب البشرة السمراء والأقليات العرقية، في حال خلوّ منصب المدير الفني. ببساطة، يجب ألا يشعر أيّ نادٍ بأنه مضطر لتعيين مدير فني أسود البشرة، لكن يجب أن يوسّع دائرة المرشحين لتولي المنصب، وأن يتعامل مع مجموعة أكبر من المرشحين. ويجب أن يكون هناك هدف في هذا الصدد، كأن يكون ثلث المرشحين للأدوار الإدارية والتنفيذية من خلفيات سوداء أو ينتمون لأقليات عرقية أخرى. الأمر لا يتعلق بمنح أي شخص وظيفة على طبق من ذهب من دون أن يبذل أي مجهود، لكنه يتعلق بالنظر إلى فئات كانت مهمشة دائما في السابق.
ولا يختلف الأمر عن القواعد المنظمة لنسبة وجود اللاعبين المحليين في قوائم الأندية، وهي القواعد التي جرى وضعها بسرعة كبيرة ودون احتجاج وكان لها تأثير كبير: ارتفعت الاستثمارات في أكاديمية الناشئين، وشعر المديرون الفنيون لأكاديميات الناشئين بأهمية العمل الذي يقومون به، وتم تحفيزهم للعمل بشكل أكبر، وحصل اللاعبون الشباب في الأندية الكبرى على المزيد من الفرص، وتغيرت الممارسات التي كنا نراها في سوق انتقالات اللاعبين. والآن، فإننا بحاجة إلى وضع سياسة تشجع الجيل القادم من المديرين الفنيين والمسؤولين التنفيذيين من أصحاب البشرة السمراء لكي يطوروا من أنفسهم حتى يكونوا مرشحين قادرين على المنافسة عندما يحين الوقت لعملهم في مجال التدريب، بدلاً من شعورهم بالتهميش، وبالتالي الاستسلام، لأنهم لا يرون أنهم سيحصلون على الفرص كغيرهم من أصحاب البشرة البيضاء.
ويوجد نادي أستون فيلا، الذي أعمل به مديرة رياضية لكرة القدم للسيدات، في أكثر المدن تنوعاً من الناحية الثقافية في البلاد. إنني ممتنة للغاية لوجودي في هذا المنصب، وأعتقد أنني حصلت على هذه الوظيفة بناءً على مجموعة من العوامل، رغم أنني امرأة من أصحاب البشرة السمراء، لكن الحقيقة هي أنني حصلت على فرصة رائعة، وأنا الآن في وضع يسمح لي بإلهام شخص أسود آخر من هذا المجتمع المتنوع الذي نخدمه للتفوق في عالم كرة القدم، أو يُلهم أي نادٍ آخر لتعيين أشخاص من أصحاب البشرة السمراء في المناصب الإدارية.
لا أحد يطالب بوجود 20 مديراً فنياً من أصحاب البشرة السمراء في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن كل ما نريده هو أن نرى مستوى تمثيل «غير محرج» للسود، بشكل يعكس التنوُّع الموجود داخل الملعب والمجتمعات التي نخدمها عبر المجتمع البريطاني. إن الشارة التي يرتديها اللاعبون على أكمامهم ليست مجرد إشارة إلى تضامن الدوري الإنجليزي الممتاز، لكنها أيضاً بمثابة إشارة على أنه يجب القيام بالمزيد من العمل واتخاذ المزيد من الخطوات لمواجهة العنصرية.


مقالات ذات صلة

هل يستطيع سافينيو أن يحجز مكاناً في التشكيلة الأساسية لمانشستر سيتي؟

رياضة عالمية سافينيو يحتفل بهز شباك باراغواي في «كوبا أميركا» محمولاً (أ.ب)

هل يستطيع سافينيو أن يحجز مكاناً في التشكيلة الأساسية لمانشستر سيتي؟

أصبح سافينيو منافساً قوياً لرافينيا، من أجل حجز مكان في التشكيلة الأساسية للبرازيل في «كوبا أميركا».

رياضة عالمية رودري وفرحة الفوز ببطولة كأس الأمم الأوروبية (أ.ف.ب)

هل رودري أفضل لاعب خط وسط في تاريخ الدوري الإنجليزي؟

تتضمن قائمة الألقاب والبطولات التي حصل عليها رودري كل ما يمكن الفوز به تقريباً في عالم كرة القدم

رياضة عالمية رأسية هالاند في طريقها لهز شباك سلتيك في اللقاء الودي (أ.ف.ب)

جولة مانشستر سيتي: نجوم واعدون وفرصة لغريليش للتألق

بعد استبعاده من قائمة المنتخب الإنجليزي في نهائيات «يورو 2024»، يعلم غريليش أنه سيواجه تحدياً كبيراً هذا الموسم

رياضة عالمية إدي نكيتياه لاعب آرسنال... مطلوب من قبل روبرتو دي زيربي في مرسيليا (أ.ف.ب)

أرتيتا يسعى لتأهيل ساكا ورايس نفسياً بعد أحزان «يورو 2024»

لم يكن هناك من هو أكثر سعادة من أرتيتا عندما تخلص ساكا أخيراً من لعنة ركلة الجزاء في «يورو 2024».

رياضة عالمية فودين يفشل في هز شباك منتخب إسبانيا ... مشهد تكرر كثيرا في "يورو 2024" (أ.ف.ب)

هل تحول فودين من لاعب استثنائي مع ناديه إلى لغز مع منتخب بلاده؟

جون بارنز لم يتمكن أبداً من الظهور مع المنتخب الإنجليزي بالمستوى الرائع نفسه الذي كان يقدمه مع ليفربول.


في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
TT

في أي عمر يتألق الأبطال الأولمبيون؟

تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)
تضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي (جامعة واترلو)

هناك الكثير من العوامل التي تدخل ضمن مساعي الرياضيين الأولمبيين للحصول على الذهب، أبرزها المواظبة على التدريب وقضاء سنوات من الصرامة والشدة مع النفس، لكن عمر الرياضي أيضاً يعد أحد أهم هذه العوامل، وفق فريق بحثي من جامعة واترلو الكندية، استخدم الإحصائيات لمعرفة متى يبلغ أداء الرياضيين الأولمبيين في سباقات المضمار والميدان ذروته؟

ووفق نتائج الدراسة المنشورة في دورية «سيجنيفيكنس» (Significance) يتدرب معظم الرياضيين عادةً على مدار عدة سنوات للوصول إلى أفضل أداء ممكن لديهم أو ما يعرف بـ«ذروة الأداء» في سن معينة، قبل أن يتراجع مستوى الأداء تدريجياً.

قال ديفيد أووسوجا، طالب الماجستير في علوم البيانات بجامعة واترلو، والباحث الرئيسي للدراسة: «على عكس الرياضات الأولمبية الأخرى مثل كرة القدم، والتنس، التي لها منافساتها رفيعة المستوى خارج نطاق الألعاب الأولمبية، فإن دورة الألعاب الأولمبية هي أكبر مسرح يتنافس فيه رياضيو سباقات المضمار والميدان».

عبد الرحمن سامبا العدّاء القطري (الأولمبية القطرية)

وأضاف في بيان، نشر الأربعاء، على موقع الجامعة: «نظراً لأن الألعاب الأولمبية تقام مرة واحدة فقط كل أربع سنوات، يجب على الرياضيين في سباقات المضمار والميدان، أن يفكروا بعناية في متى وكيف يجب أن يتدربوا لزيادة فرص تأهلهم للأولمبياد لأقصى حد، بينما يكونون في ذروة الأداء الشخصي لهم». وتضم سباقات المضمار والميدان رياضيات متنوعة تعتمد على مهارات الجري والقفز والرمي.

قام باحثو الدراسة بتنظيم مجموعة بيانات الأداء الرياضي الاحترافي، سنة بعد سنة، لكل رياضي مسابقات «المضمار والميدان» الذين شاركوا ضمن المنافسات الفردية في دورات الألعاب الأولمبية، منذ دورة الألعاب التى أقيمت في عام 1996 في أتلانتا بالولايات المتحدة.

حلل الباحثون البيانات التي أخذت في الاعتبار خمسة عوامل: «الجنس، والجنسية، ونوع المسابقة الرياضية، ومدة التدريب الرياضي على مستوى النخبة المتميزة من الرياضيين، وما إذا كان هذا العام هو العام الذي عقدت فيه مسابقات الأولمبياد أم لا».

ووجدوا أن متوسط ​​عمر مشاركة الرياضيين الأولمبيين في ألعاب المضمار والميدان ظل ثابتاً بشكل ملحوظ لكل من الرجال والنساء على مدى العقود الثلاثة الماضية: أقل بقليل من 27 عاماً.

وهو ما علق عليه أووسوجا: «من المثير للاهتمام أن تحليلنا أظهر أن متوسط ​​​​ العمر للوصول إلى (ذروة الأداء) لهؤلاء الرياضيين كان 27 عاماً أيضاً».

ووفق النتائج، فإنه بعد سن 27 عاماً، هناك احتمال تبلغ نسبته 44 في المائة فقط، أن تكون لا تزال هناك فرصة أمام المتسابق للوصول إلى ذروة الأداء الرياضي، ولكن ​​في الأغلب ينخفض هذا الرقم مع كل عام لاحق لهذا السن تحديداً.

وقال ماثيو تشاو، الباحث في الاقتصاد بالجامعة، وأحد المشاركين في الدراسة: «العمر ليس العامل الوحيد في ذروة الأداء الرياضي»، موضحاً أن «الأمر المثير حقاً هو أننا وجدنا أن مدى وعي الرياضي بتوقيت البطولة، يساعد على التنبؤ بأدائه الرياضي بجانب درجة استعداده لها». وبينما يؤكد الباحثون أن تحليلهم نظري في الأساس، فإنهم يأملون أن تكون النتائج مفيدة لكل من الرياضيين والمشجعين.

ووفق أووسوجا فإن أهم النقاط التي نستخلصها من هذه الدراسة، هي أن «هناك قائمة من المتغيرات تساعد في التنبؤ بموعد ذروة الأداء لدى الرياضيين الأولمبيين».

وأضاف: «لا يمكنك تغيير سنة الألعاب الأولمبية، أو تغيير جيناتك، أو جنسيتك، ولكن يمكنك تعديل أنظمة التدريب الخاصة بك لتتماشى بشكل أفضل مع هذه المنافسات الرياضية».

وأشار تشاو إلى أن هذا النوع من الأبحاث يظهر لنا مدى صعوبة الوصول إلى الألعاب الأولمبية في المقام الأول، مضيفاً أنه «عندما نشاهد الرياضيين يتنافسون في سباقات المضمار والميدان، فإننا نشهد وفق الإحصائيات كيف يكون شخص ما في ذروة أدائه البدني، بينما يستفيد أيضاً من توقيت المنافسات ويكون محظوظًا للغاية».