ألقى الجدل الأخير حول ما يعرفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن المخابرات الأميركية بظلال جديدة على كيفية اطلاعه - أو أي رئيس آخر - على المعلومات السرية للغاية.
وأكد مسؤول عسكري لـ«إيه بي سي نيوز»، أن ضباط المخابرات الروسية عرضوا مبالغ مالية لمقاتلي «طالبان» لقتل القوات الأميركية في أفغانستان خلال العام الماضي، وسط محادثات سلام لإنهاء الحرب التي استمرت 18 عاماً هناك.
وكان أعضاء الكونغرس الغاضبون يطالبون بإجابات حول من يعرف أي معلومات عن الأمر، والأهم من ذلك، ما إذا كان ترمب قد اطلع على الأمر أم لا.
ونفى البيت الأبيض ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» عن اطلاع الرئيس خطياً على معلومات المخابرات. ويجادل مساعدو الرئيس بأنه لم يتم التحقق من التقرير، وبينما يقولون على وجه التحديد إنه لم يتم إخباره شفهياً، إلا أنهم كانوا غامضين حول ما إذا كان قد تم تقديم المعلومات إلى الرئيس بشكل مكتوب، فيما يسمى ملخص الرئيس اليومي.
وبدلاً من ذلك، حوّل مسؤولو الإدارة غضبهم تجاه التسريبات.
وقالت مديرة وكالة المخابرات المركزية، جينا هاسبيل، في بيان «عند تطوير تقييمات المخابرات، غالباً ما تتطلب التقارير التكتيكية الأولية معلومات إضافية ووقتاً للتحقق من صحتها. بشكل عام، تتم مشاركة معلومات حماية القوة الأولية في جميع أنحاء مجتمع الأمن القومي - ومع حلفاء الولايات المتحدة - كجزء من جهودنا المستمرة لضمان سلامة قوات التحالف في الخارج».
وتابعت «تظهر التسريبات وتعطل العمل الحاسم بين الوكالات لجمع المذنبين ومحاسبتهم».
ووصف أربعة من كبار مسؤولي المخابرات السابقين لشبكة «إيه بي سي نيورز» الطريقة الدقيقة المتمثلة في إحاطة الرئيس بالمعلومات وكيفية تجميع الوثيقة السرية ستة أيام في الأسبوع.
* ما هو الموجز الرئاسي اليومي (بي دي بي)؟
وصف وزير الدفاع السابق ومدير وكالة المخابرات المركزية في عهد الرئيس باراك أوباما، ليون بانيتا، الموجز بأنه «مهم للغاية».
وقال بانيتا لشبكة «إيه بي سي نيوز»، «إنها ليست طريقة جيدة لبدء يومك... يمكن أن يضع الكثير من القلق في رأسك من خلال القراءة عن جميع التهديدات المحتملة التي تواجهها البلاد».
ولعل أشهر موجز هو الذي نشرته لجنة 11/ 9 في عام 2004، عنوان «بن لادن مصمم على ضرب الولايات المتحدة».
وقد تم تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الرئيس السابق جورج دبليو بوش في 6 أغسطس (آب) 2001، أي قبل أكثر من شهر من تنفيذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول).
وفي حين أنه من النادر أن يطلع الجمهور على هذا الموجز، يمكن إرجاع أصول الوثيقة إلى الرئيس السابق جون كينيدي، الذي أراد أن يكون على اطلاع على القضايا الخارجية والداخلية.
وقال بروس ريدل، مسؤول الأمن القومي السابق، إنه حتى اليوم، فإن الموجز لديه الهدف نفسه الذي كان يخدمه في الستينات.
وأوضح ريدل «في إدارة كينيدي، كان يطلق عليه اسم قائمة المخابرات الخاصة بالرئيس، أو المخلل... إن الغرض هو في الواقع نفس ما كان عليه في إدارة كينيدي - إعطاء الرئيس ملخصاً قصيراً وموجزاً لأهم المعلومات الاستخباراتية».
وأكد أن ضباط المخابرات يعملون الآن على مدار الساعة لإعداد الوثيقة.
من جهته، قال ستيفن ب. سليك، الضابط السابق في عمليات وكالة المخابرات المركزية وعضو مجلس الأمن القومي، إن الوثيقة موجهة لشخص واحد فقط.
وتابع سليك، مدير مشروع دراسات الاستخبارات بجامعة تكساس في أوستن، «إنه مجرد جمع لأهم المعلومات والتحليلات الاستخباراتية التي تعتقد المحكمة الجنائية الدولية أنه يجب مشاركتها مع الرئيس».
وقال سليك، إن الوثيقة هي في نهاية المطاف مسؤولية مدير المخابرات الوطنية، لكنها مليئة بمعلومات وكالة المخابرات المركزية، «التي تقوم بصياغة وتنسيق معظم المقالات التي يتم وضعها».
وأفاد جاويد علي، مسؤول الأمن القومي السابق وعضو مجلس الأمن القومي، بأنه من المفترض أن يجمع الموجز جميع المعلومات المتاحة لكبار المسؤولين.
وأشار علي، الأستاذ الزائر في جامعة ميشيغان «من المفترض نظرياً أن يكون الموجز منتجاً متعدد الوظائف... يجب أن يدمج وجهات نظر مختلفة وتقارير استخبارية، ولا ينبغي أن تكون العلمية عبارة عن مجرد وكالة واحدة تُبلغ باستمرار كبار المسؤولين عما يحدث في العالم».
وشدد سليك على أن كل رئيس مختلف، ولكل رئيس أسلوبه وطريقته الخاصة التي يفضل أن يتم استخدامها في الوثيقة التي يطلع عليها.
* إحاطة شخصية
بالإضافة إلى نسخة عادية من «بي دي بي»، والتي قال ليونيل بانيتا إنها تختلف في طول الصفحة بناءً على اليوم ومعلومات الاستخبارات، يحصل المسؤولون على موجز شخصي للإجابة عن أسئلتهم.
وقال بانيتا «سيأتي ملخص من وكالة المخابرات المركزية ويلخص العناصر الأساسية في الموجز ويرد على الأسئلة».
وأشار ريدل إلى إنه عندما يتم اطلاع الرئيس على الموجز، عادة ما يكون مدير وكالة المخابرات المركزية ومدير المخابرات الوطنية في الغرفة.
وشدد بانيتا على أن أي معلومات حيوية حول الخصوم الرئيسيين مثل روسيا والصين موجودة دائماً في موجز الإحاطة.
وقال بانيتا، إن أي معلومات استخباراتية، حتى وإن لم يتم التحقق منها بشكل كامل، حول الروس الذين يعرضون مكافأة لـ«طالبان» لقتل الجنود الأميركيين مثلاً، ستكون «شيئاً مهماً» يجب أن يعرفه الرئيس.