مخاطر التنمر تشمل المتنمرين

المعتدي والضحية يتعرضان للأذى النفسي

مخاطر التنمر تشمل المتنمرين
TT

مخاطر التنمر تشمل المتنمرين

مخاطر التنمر تشمل المتنمرين

لا شك أن التنمر، سواء الإلكتروني cyberbullying، أو الحقيقي، أصبح من الظواهر التي تنال الاهتمام المتزايد، سواء من الآباء أو الأطباء النفسيين، نظراً لتأثيره النفسي بالغ السوء على الأطفال والمراهقين، مما دفع البعض منهم للإقدام على الانتحار نتيجة للضغوط التي يشعر بها.
وبالطبع هناك العديد من الدراسات التي ناقشت هذه الظاهرة وأثرها السلبي على من يعانون منها، ولكن أحدث دراسة تناولت هذه الظاهرة أشارت إلى أن الآثار النفسية السيئة يمكن أن تمتد لتشمل من يقومون بالتنمر على زملائهم من الأطفال والمراهقين، حيث يتعرض الطرفان لاضطراب ما بعد الصدمة post - traumatic stress disorder أو اختصاراً « PTSD ».

أذى نفسي
تعتبر هذه الدراسة التي نشرت في منتصف شهر يونيو « حزيران » من العام الجاري في مجلة أرشيف أمراض الطفولة the journal Archives of Disease in Childhood وقام بها باحثون في الطب النفسي من الكلية الملكية بإنجلترا، من الدراسات القليلة التي تناولت أثر التنمر على المتنمر والتي تشير بوضوح إلى أن أفعال الاعتداء يمكن أن تؤدي إلى الأذى النفسي ليس فقط للمعتدى عليه ولكن أيضاً للمعتدي، حيث يمثل العنف انحرافاً عن الطبيعة النفسية السوية.
لذلك يجب محاربة هذه الظاهرة بمنتهى الجدية، حيث إنها في تزايد مستمر، خاصة في الفضاء الإلكتروني رغم الجهود المبذولة للحد منها. ويكفي أن نعرف أن نسبة المراهقين الذين يتعرضون للتنمر تتراوح بين 10 و40 في المائة خاصة أنه يمكن ممارستها في أي وقت من أوقات اليوم.
وفي الدراسة قام الباحثون بجمع بيانات من 2200 من طلاب المناطق الحضرية من المدارس الإنجليزية المختلفة تتراوح أعمارهم بين 11 و19 عاما حول تجربتهم الشخصية عن التنمر، وشملت عبارات الكراهية أو السخرية أو الاستبعاد من التجمعات والتجنب، أو نشر شائعات أو تداول أكاذيب حول الآخرين أو التهديد أو الأذى المباشر. والأمر نفسه انطبق على التنمر الإلكتروني باستثناء الأذى المباشر.
وتبين أن نسبة 46 في المائة من الذين شملتهم العينة عانوا من التنمر بشكل من الأشكال، سواء في المدرسة أو النادي أو عبر الإنترنت والهاتف المحمول. وكانت هناك نسبة بلغت 17 في المائة ضحايا بينما بلغت نسبة مرتكبي التنمر 12 في المائة. ورصدت نسبة بلغت 4 في المائة لمن مارسوا التنمر وأيضاً عانوا منه. ورغم أن التنمر التقليدي كان أكثر من التنمر الإلكتروني فإن هناك نسبة بلغت 13 في المائة عانوا من التنمر الإلكتروني و8 في المائة مارسوا التنمر الإلكتروني ضد الآخرين. وشملت العينة التنمر بشكل شخصي وبلغت نسبته 16 في المائة، بينما التنمر عبر شخص أو أشخاص آخرين كانت نسبته 12 في المائة.

عواقب وخيمة
وكان هناك 1500 طفل تم تشخيصهم باضطراب ما بعد الصدمة، ومنهم نسبة بلغت 29 في المائة كانوا من المتنمرين. وعلى وجه التقريب نصف الأطفال الذين عانوا من التنمر الإلكتروني هم أنفسهم ضحايا للتنمر التقليدي والنسبة نفسها تقريبا من الجناة.
وتم تقييم الضحايا والجناة عبر مجموعة من الأسئلة مثل مدى اتفاق المراهق أو اختلافه مع عبارات مثل «عانيت من إطلاق أسماء سخيفة» أو «تمت السخرية مني»، وكذلك تم تقييم أعراض ما بعد الكرب من خلال أسئلة مثل «هل عانيت من تذكر المضايقات حتى بدون قصد؟» و«هل تعاني من فقدان الثقة بالنفس وأنك موضع مراقبة من الآخرين؟».
يوضح الخبراء أن جزءاً من مخاطر التنمر هو أن يصبح الضحية جانياً بعد فترة من الوقت خاصة في وجود الوسيط الإلكتروني مع وجود الدافع النفسي كنوع من رد الاعتداء الذي حدث له. ورغم أن قيامه بالتنمر يجعله يشعر بشيء من التعويض فإن وجود ضحايا آخرين يؤدي إلى الشعور بالذنب، وفي بعض الأحيان يسبب اضطرابات نفسية مضاعفة نتيجة للشعور بالندم على ارتكاب أمر مؤلم بالنسبة للآخرين، خاصة أن ردود أفعال الضحايا من الخوف والشعور بالتهديد تستدعي الذكريات السابقة الخاصة به.
ويرى الأطباء النفسيون أن ما يمكن تعريفه بنظرية الذات egotism theory أو ما يمكن اعتباره استرداد قيمة الذات بعد الإحساس بالمهانة ربما يكون المسؤول الأساسي عن هذه الظاهرة. وعلى سبيل المثال، تبين أن الطلاب الذين يتمتعون بتقدير ذاتي جيد high self - esteem هم أكثر الفئات عرضة لأن يصبحوا متنمرين في المستقبل إذا تعرضوا لتنمر سابق. وأشاروا إلى أن هناك عدة عوامل تحكم تحول ضحية التنمر إلى ممارس له ومنها عوامل عامة مثل بيئة المدرسة أو النادي ومدى جدية تعاملها مع حادثة التنمر ومنها عوامل عائلية مثل علاقة الطفل بذويه وإلى أي مدى هذه العلاقة جيدة. ومنها عوامل شخصية مثل التحكم في الذات والقدرة على السيطرة على الغضب، وكما أوضحت الدراسة أن هؤلاء الأطفال يعانون من اضطراب نفسي رغم أنهم جناة وليسوا ضحايا ويحتاجون للعلاج.
وفي النهاية، حذرت الدراسة من العواقب الوخيمة جداً لهذه الظاهرة وحتمية التصدي لها والتوعية بأخطارها ليعرف جميع المراهقين حتى من يظنون أنهم الأقوى، لأنهم الجناة ويعتبرون أنفسهم بمنأى عن هذه الأخطار التي تصيب الضحايا فقط، أنهم يمكن أن يعانوا بالقدر نفسه، ولذلك يجب أن تتعامل المدارس وتجمعات المراهقين بمنتهى الحزم مع هذه الظاهرة ومنعها حتى على سبيل الدعابة مثل السخرية من لون البشرة، أو العجز الجسدي، أو الوزن. ويجب الوضع في الاعتبار أن الطفل الضحية ربما يكون غير قادر على المقاومة، وبالتالي يتظاهر بتقبل الدعابة.* استشاري طب الأطفال



بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال
TT

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

من المعروف أن مرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد «اللوكيميا» (acute lymphoblastic leukemia) يُعد من أشهر الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نسبة الشفاء في المرض كبيرة جداً وتصل إلى نسبة 85 في المائة من مجموع الأطفال المصابين، فإن خطر الانتكاس مرة أخرى يعد من أكبر المضاعفات التي يمكن أن تحدث. ولذلك لا تتوقف التجارب للبحث عن طرق جديدة للحد من الانتكاس ورفع نسب الشفاء.

تجربة سريرية جديدة

أحدث تجربة سريرية أُجريت على 1440 طفلاً من المصابين بالمرض في 4 دول من العالم الأول (كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا) أظهرت تحسناً كبيراً في معدلات الشفاء، بعد إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي، ما يتيح أملاً جديداً للأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بسرطان الدم. والمعروف أن العلاج الكيميائي يُعدُّ العلاج الأساسي للمرض حتى الآن.

علاجان مناعي وكيميائي

التجربة التي قام بها علماء من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بتورونتو في كندا، بالتعاون مع أطباء من مستشفى سياتل بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في «مجلة نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، اعتمدت على دمج العلاج الكيميائي القياسي مع عقار «بليناتوموماب» (blinatumomab)، وهو علاج مناعي يستخدم بالفعل في علاج الأطفال المصابين ببعض أنواع السرطانات. وهذا يعني تغيير بروتوكول العلاج في محاولة لمعرفة أفضل طريقة يمكن بها منع الانتكاس، أو تقليل نسب حدوثه إلى الحد الأدنى.

تحسُّن الحالات

قال الباحثون إن هذا الدمج أظهر تحسناً كبيراً في معدلات الفترة التي يقضيها الطفل من دون مشاكل طبية، والحياة بشكل طبيعي تقريباً. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً على البروتوكول السابق، في التعامل مع المرض الذي كان عن طريق العلاج الكيميائي فقط، مع استخدام الكورتيزون.

وللعلم فإن بروتوكول العلاج الكيميائي كان يتم بناءً على تحليل وراثي خاص لخلايا سرطان الدم لكل طفل، لانتقاء الأدوية الأكثر فاعلية لكل حالة على حدة. ويحتوي البروتوكول الطبي عادة على مجموعة من القواعد الإرشادية للأطباء والمختصين.

تقليل حالات الانتكاس

أظهرت الدراسة أنه بعد 3 سنوات من تجربة الطريقة الجديدة، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض إلى 97.5 في المائة (نسبة شفاء شبه تامة لجميع المصابين) مقارنة بنسبة 90 في المائة فقط مع العلاج الكيميائي وحده. كما حدث أيضاً انخفاض في نسبة حدوث انتكاسة للمرضى بنسبة 61 في المائة. وبالنسبة للأطفال الأكثر عرضة للانتكاس نتيجة لضعف المناعة، أدى تلقي عقار «بليناتوموماب» بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض، من 85 في المائة إلى أكثر من 94 في المائة.

علاج يدرب جهاز المناعة

وأوضح الباحثون أن العلاج المناعي يختلف عن العلاج الكيميائي في الطريقة التي يحارب بها السرطان؛ حيث يهدف العلاج المناعي إلى تعليم الجهاز المناعي للجسم الدفاع عن نفسه، عن طريق استهداف الخلايا السرطانية، على عكس العلاج الكيميائي الذي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة فقط بشكل مباشر، وحينما تحدث انتكاسة بعده يحتاج الطفل إلى جرعات جديدة.

كما أن الأعراض الجانبية للعلاج المناعي أيضاً تكون أخف وطأة من العلاج الكيميائي والكورتيزون. وفي الأغلب تكون أعراض العلاج المناعي: الإسهال، وتقرحات الفم، وحدوث زيادة في الوزن، والشعور بآلام الظهر أو المفاصل أو العضلات، وحدوث تورم في الذراعين أو القدمين، بجانب ألم في موقع الحقن.

وقال الباحثون إنهم بصدد إجراء مزيد من التجارب لتقليل نسبة العلاج الكيميائي إلى الحد الأدنى، تجنباً للمضاعفات. وتبعاً لنتائج الدراسة من المتوقع أن يكون البروتوكول الجديد هو العلاج الأساسي في المستقبل؛ خاصة بعد نجاحه الكبير في منع الانتكاس.