الانقلابيون يعترفون بنهب 72 % من إيرادات النفط في الحديدة

مصادر يمنية: غريفيث يسعى إلى إحياء آلية استيراد الوقود وسط تحفظات حكومية

رئيس الوزراء اليمني لدى لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني لدى لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (سبأ)
TT

الانقلابيون يعترفون بنهب 72 % من إيرادات النفط في الحديدة

رئيس الوزراء اليمني لدى لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني لدى لقائه المبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض أمس (سبأ)

أقرت الميليشيات الحوثية الأسبوع الماضي مصادرتها مبلغ 36 مليار ريال يمني حوالي (60 مليون دولار) من إيرادات الوقود المثبتة والمقدرة بحوالي 50 مليار ريال يمني حوالي (84 مليون دولار) دون اطلاع للمبعوث الأممي أو مكتبه، وهما الجهة المشرفة والمراقبة على الحساب الخاص بالإيرادات القانونية لتجارة الوقود واستيراده إلى موانئ الحديدة، ما يكشف نهب الانقلابيين ما يربو على 72 في المائة من تلك الإيرادات، يذهب نصفها للمجهود الحربي الحوثي، وفقا لما ذكره عضو اللجنة الاقتصادية اليمنية الدكتور فارس الجعدبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط».
وجرى جمع الأموال في حساب يشرف عليه ويراقبه مكتب المبعوث الدولي، خصص لصرف رواتب المدنيين في مناطق الخضوع وفق آلية كان يجري نقاشها مع مكتب المبعوث وتعثرت بسبب قيام الميليشيات بتجريم تداول العملة الجديدة ومصادرتها لتلك الأموال من ذلك الحساب، وذلك وفق أحد التقارير التي ترفعها الميليشيات.
ومارس الحوثيون دور الإرجاء والخداع حين طلب مكتب المبعوث من الحوثيين تقريرا عن تلك الأموال التي صدرت دون علم مكتب المبعوث لمدة تزيد على الشهر، وبعد الطلب المتكرر يكشف عن مصادرة 44 مليار ريال يمني تم صرف حوالي 50 في المائة منها على النشاط العسكري لهم و50 في المائة نصف راتب لبعض الفئات التابعة لهم.
في المقابل علمت «الشرق الأوسط» أن مناقشات تدور حالياً بين الحكومة الشرعية ومبعوث الأمم المتحدة للسماح بدخول أربع سفن نفط للحديدة بدعم من التحالف للجهود الإنسانية.

- إعادة الآلية
أفادت مصادر حكومية يمنية بأن غريفيث يواصل جهوده مع قادة الشرعية في الرياض لإحياء آلية اتفاق استيراد الوقود إلى موانئ الحديدة بعد أن انقلبت عليها الجماعة الحوثية قبل أسابيع.
وكان الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة العام الماضي يقضي بتوريد عائدات رسوم الضرائب والجمارك على الشحنات إلى حساب خاص في فرع البنك المركزي بمحافظة الحديدة لدفع رواتب الموظفين قبل أن تقوم الجماعة حديثا بنهب المبالغ المحصلة وهي قرابة 60 مليون دولار.
وأفاد مصدر حكومي مطلع لـ«الشرق الأوسط» بأن الشرعية ما زالت تتحفظ على العودة لتطبيق الآلية نفسها وتطلب من المبعوث الأممي توفير ضمانات تكفل عدم سطو الجماعة الحوثية على عائدات الرسوم.
من ناحيته، أكد الدكتور معين عبد الملك، رئيس الوزراء اليمني، أن افتعال ميليشيا الحوثي الانقلابية لأزمة المشتقات النفطية، والتنصل عن تطبيق الآلية المتفق عليها برعاية أممية، «محاولة للعودة إلى تهريب الوقود الإيراني واستخدام العائدات لاستمرار تمويل حربها العبثية ضد الشعب اليمني، الذي تعمق معاناته الإنسانية بغرض تحقيق مكاسب سياسية».
‎وأشار رئيس الوزراء لدى استقباله، أمس، المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ونائبه معين شريم، إلى ضرورة اتخاذ موقف واضح تجاه استخدام الحوثيين للمواطنين والمتاجرة بمعاناتهم كذريعة للتنصل عن الآلية المتفق عليها وتسخير عائدات ضرائب النفط لصرف رواتب موظفي الدولة... لافتا إلى عدم قبول إسقاط الآليات التي رعتها الأمم المتحدة وأهمية أن يكون هناك رد واضح وقوي من المبعوث الأممي. وقال عبد الملك: «لا بد أن يكون للأمم المتحدة ومبعوثها موقف واضح حيال محاولة الحوثيين الاتجار بمعاناة المواطنين في مناطق الحوثيين عبر افتعال أزمة في المشتقات النفطية لإنعاش السوق السوداء التي تدر عليهم مبالغ طائلة، وما حدث من انفجارات في صنعاء وصعدة لخزانات نفطية وسط أحياء سكنية دليل واضح على ذلك»، مشددا على أن الحكومة ما زالت تحاول تحييد الملف الاقتصادي بكل الطرق، لكن كل محاولاتها قوبلت برفض وتعنت الميليشيات الحوثية، ومن بينها منع تداول العملة الوطنية وعرقلة صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل بكل جهدها رغم التحديات والظروف الاستثنائية على الحفاظ على تماسك الاقتصاد الوطني والعملة، بما يمنع الانهيار الشامل الذي ستكون تبعاته خطيرة وكارثية على جميع أبناء الشعب اليمني دون استثناء.
واستعرض اللقاء، جهود المبعوث الأممي الرامية إلى التوصّل إلى وقف إطلاق نار شامل في اليمن، بما تتضمنه من تدابير إنسانية واقتصادية واستئناف عملية السلام... وأكد رئيس الوزراء بهذا الخصوص أن الحكومة كانت وافقت على المقترحات الأممية السابقة، التي رفضتها ميليشيات الحوثي، مجددا الحرص على تحقيق السلام واستعادة الدولة ورفع معاناة الشعب اليمني وفق المرجعيات الثلاث للحل السياسي المتفق عليها محليا والمؤيدة إقليميا ودوليا.
‎كما لفت رئيس الوزراء إلى ضرورة ضغط الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على الحوثيين لإنقاذ خزان صافر النفطي وتفادي أكبر كارثة بيئية يمكن أن تحدث في المنطقة، وإيصال رسالة قوية بأن هذا الملف غير قابل للمساومة أو الابتزاز.

- حقيقة الأزمة المفتعلة
يصر الحوثيون على خلق أزمة مشتقات نفطية في مناطق سيطرتهم، ومنع دخول قاطرات النفط المحتجزة في المنافذ غير القانونية التي وضعتها حكومتهم غير المعترف بها دولياً على مداخل مناطق سيطرتهم بحجة أنها غير كافية للاحتياج اليومي ويزعمون أن سبب أزمة مشتقات النفط أنهم من اختلقوها بسبب احتجاز سفن نفط.
أمام ذلك أكد عضو اللجنة الاقتصادية اليمنية الدكتور فارس الجعدبي لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة لم تحتجز أي سفينة ملتزمة بكل الضوابط القانونية والمالية والفنية، مشيراً إلى أن السفن التي تسدد الرسوم القانونية للحكومة يسمح بدخولها.
وشدد على أن سياسة الحكومة اليمنية واضحة في التخفيف من معاناة المواطنين وعدم إحداث أي أزمات، سواء كانت أزمات وقود أو رواتب أو صحة وتعليم، لافتاً إلى أن اختلاق الحوثيين لهذه الأزمة جاءت بعد التقرير الذي أرسله الحوثي لمكتب مبعوث الأمم المتحدة ليبرر أين ذهب مليارات الريالات دون علم المبعوث وانكشاف أمر تبديد ما يقارب 88 في المائة من إيرادات النفط.
وقال الجعدبي: «إذا كان الهدف من ادعاءاتهم هو الوقود فالوقود متوفر في المقطورات في مداخل المدن وخزانات تجار السوق السوداء داخل الأحياء، وإذا كان الهدف هو تمويل الحوثيين وإنعاش تجارة الوقود التابع أغلبها لهم دون حتى ضمان صرف رواتب المواطنين المدنيين ودون السماح للمبعوث للقيام بمهامه الرقابية والإشرافية ودون احترامه واحترام الاتفاقات معه فلا أظن الحكومة ستسمح بذلك أو توافق عليه».
وبناء على اتفاق استوكهولم وتفاهماته الذي وقع عليه الحوثيون نتيجة الضغط العسكري الذي تعرضوا له في الحديدة وقعت الميليشيات تنازلات من بينها توريد المبالغ المستحقة للدولة من سفن المشتقات النفطية الواصلة على ميناء الحديدة ورأس عيسى إلى حساب في البنك المركزي بالحديدة لصالح صرف مرتبات الموظفين وفق كشوفات 2014 ويكون الحساب تحت إشراف الأمم المتحدة.
وكون هذا الإجراء سيحرم الحوثيين إيرادات كبيرة تقدر بالمليارات كانت تستخدمها في تموين أنشطتها وجبهات الحرب على حساب قوت الموظفين ومرتباتهم، قام الحوثيون بخرق الاتفاق واستخدموا المبالغ المودعة في الحساب وبرروا ذلك بأنهم صرفوا نصفها رواتب في مناطق سيطرتهم خلال شهر رمضان والنصف الآخر في المجهود العسكري وهو الأمر الذي يتناقض مع اتفاق الحديدة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.