«التعاون الإسلامي» تدعو لاستئناف المفاوضات حول سد النهضة

مقتل 59 شخصاً في أعمال عنف بأديس أبابا يلقي بظلاله على خلافات مصر وإثيوبيا

جانب من الاحتجاجات المنددة بمقتل المغني الإثيوبي (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات المنددة بمقتل المغني الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

«التعاون الإسلامي» تدعو لاستئناف المفاوضات حول سد النهضة

جانب من الاحتجاجات المنددة بمقتل المغني الإثيوبي (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات المنددة بمقتل المغني الإثيوبي (أ.ف.ب)

تلقت مصر والسودان، أمس، دعما إسلامياً في مفاوضاتهما مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة»، والذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توتّرات حادّة بينها وبين مصر والسودان.
وقالت منظمة التعاون الإسلامي إنها تتابع باهتمام الجهود الأممية والإقليمية المبذولة لإيجاد حل لمسألة «سد النهضة» الإثيوبي. مجددة التأكيد على أهمية الحفاظ على الأمن المائي لكل من مصر والسودان، ورفض المساس بحقوق جميع الأطراف في مياه النيل، وفقا لبيان صحافي صادر عن أمانة المنظمة، أمس. كما دعت المنظمة إلى استئناف الحوار والمفاوضات بين الأطراف للتوصل إلى اتفاق عادل يحفظ مصالحها.
وجاء دعم المنظمة الإسلامية، استكمالا لتأييد عربي مماثل، إذ قال بيان لمجلس وزراء المملكة السعودية، أول من أمس، إن «الأمن المائي لكل من مصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن العربي»، رافضاً «أي عمل أو إجراء يمس حقوق الأطراف كافة في مياه النيل».
وبحسب السفير ماجد عبد الفتاح، مندوب مصر الدائم بالجامعة العربية، فإن «الدول العربية كافة تساند مصر في هذه القضية»، وأوضح عبد الفتاح في تصريحات للتلفزيون المصري، أمس، أن «مصر حريصة حتى الآن على عدم الإضرار بإثيوبيا، ولذلك لم تتضمن مطالبات مصر في مجلس الأمن أي قرارات عقابية تجاه تعسف إثيوبيا في مفاوضات سد النهضة».
وأكد مندوب مصر بالجامعة العربية أنه «في حال عدم تعاطي الجانب الإثيوبي تجاه المناشدات المصرية بمجلس الأمن، فسوف تنتصر الشرعية الدولية، وتطبيق القوانين الدولية المرعية، والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها من كافة الأطراف»، مشددا على أن جامعة الدول العربية لا تسعى للمواجهة، بل تسعى لحماية حقوق الشعبين المصري والسوداني.
وشكل مجلس وزراء الخارجية العرب لجنة خماسية لمتابعة تطورات الملف، وقال عبد الفتاح إن اللجنة ستجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة لمطالبته بدور أكثر فاعلية إلى جانب مجلس الأمن.
وتخشى مصر أن يؤثر السد على حصتها من المياه، ولم تؤد المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا طوال السنوات التسع الماضية إلى اتفاق تقبل به الأطراف الثلاثة، ما دعا مصر إلى إحالة الملف إلى مجلس الأمن.
ويرعى الاتحاد الأفريقي، برئاسة دولة جنوب أفريقيا، المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، منذ يوم الجمعة الماضي، بعد أن اتفق زعماء الدول الثلاث على تشكيل لجنة لحل القضايا القانونية والفنية المعلقة، والتوصل إلى اتفاق في غضون أسبوعين، مع اضطلاع مجلس الأمن الدولي بالنتائج.
من جهة أخرى، ألقت احتجاجات وأعمال عنف واسعة داخل العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بظلالها على الخلافات المصرية - الإثيوبية بشأن سد النهضة. وشهدت صفحات التواصل الاجتماعي مناوشات بين مصريين وإثيوبيين حول تلك الأحداث، والتي حرصت وسائل الإعلام المصرية على تغطيتها. وقتل 59 شخصا على الأقل في يومين خلال احتجاجات وأعمال عنف عرقية على خلفية مقتل مغن شهير من عرقية أورومو، وفق تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى أرقام سلطات إقليمية رسمية وحزب معارض.
وقال المتحدث باسم منطقة أوروميا غاتيتشو بالتشا إن الولاية «سجّلت نحو 50 وفاة» الثلاثاء، فيما أعلن حزب «مؤتمر أورومو الاتحادي» المعارض مقتل تسعة أشخاص الأربعاء في بلدة أمبو، الواقعة غرب العاصمة أديس أبابا، وهي الأحداث التي اتهم فيها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد «أعداء في الداخل والخارج لزعزعة سلامنا ومنعنا من تحقيق الأمور التي بدأناها».وسبق أن اتهمت إثيوبيا مصر بالوقوف وراء احتجاجات عرقية فيها، إلا أن مصر تنفي دائما تدخلها في الشؤون الداخلية لإثيوبيا.
وتداول مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات للمظاهرات، مشيرين إلى الموقف الصعب الذي يواجه نظام آبي أحمد في الحكم.
وينتمي رئيس الوزراء والمغني القتيل إلى عرق «الأورومو»، وهي أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا اشتكت طويلا من تهميشها إلى أن عُين أبي رئيسا للوزراء عام 2018.
وقال الدكتور حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، تعليقا على اغتيال المغني الإثيوبي، الذي يعد من أشد المعارضين لرئيس الوزراء: «ثمة احتجاجات وحالة غضب سوف تلقي بظلالها على مسيرة الانتقال المتعثر في إثيوبيا»، مستنكرا «استدعاء نفس تكتيكات الجبهة الشعبية الحاكمة في السابق، من حيث إلقاء اللوم على أعداء الداخل والخارج»، و«اتهام مصر وجبهة تحرير التيغراي»، بالمسؤولية عنها.
واعتبر عدد من المغردين المصريين الاحتجاجات دليلا على فشل النظام الإثيوبي في الحكم، كما هو الحال في إدارة مفاوضات السد. فيما أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ضرورة احترام حق مصر التاريخي في مياه نهر النيل، لافتاً إلى أن دفاعها عن حقوق شعبها في الحصول على حصته المائية، واجب لا يحتمل الجدل ولا يقبل التهاون.
وطالب شيخ الأزهر في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، المجتمع العربي والدولي بالوقوف إلى جوار مصر للوصول إلى حل سلمي مناسب يضمن حقوقها المائية كاملة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.