بدأ الرئيس التونسي قيس سعيد سلسلة لقاءات مع عدد من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين الأساسيين في البلاد؛ هدفها مناقشة الأزمة السياسية، التي بدأت تستفحل سريعاً بسبب الاتهامات الموجهة لإلياس الفخفاخ رئيس الحكومة بالتحايل على القانون لجني مكاسب شخصية، وأيضاً بسبب الخلافات المتفاقمة بين ممثلي الكتل البرلمانية والحكومة والمنظمات النقابية.
في هذا السياق، استقبل الرئيس سعيد، أمس، نور الدين الطبوبي، الأمين العام لـ«اتحاد الشغل (نقابة العمال)»، وتمحور اللقاء حول المناخ السياسي خلال الفترة الحالية، وإمكانية إجراء لقاءات حوارية بهدف خفض منسوب العنف في خطاب بعض السياسيين.
في السياق ذاته، استقبل إلياس الفخفاخ بقصر الحكومة، أمس، الأمين العام لـ«الاتحاد العام للشغل». وخلال اللقاء، شدد رئيس الحكومة على أهمية تواصل الحوار الهادف إلى «تنقية المناخ الاجتماعي، وتجاوز الإشكاليات العالقة، وإيجاد حلول لمختلف الملفات المطروحة في إطار اجتماعي وسياسي مستقر، يساعد على إيجاد الحلول، ويمكن من تجسيم البرامج الاجتماعية للحكومة وتنفيذ خطة الإنقاذ الاقتصادي».
من جهته، أوضح الطبوبي أن اللقاء ناقش الوضع الاجتماعي العام في تونس، والمرحلة الصعبة التي تمر بها مؤسسات الدولة، مؤكداً ضرورة تجاوز الخلافات، وتباين وجهات النظر السياسية، وتداعياتها السلبية، التي لا تخدم المصلحة الاجتماعية والاقتصادية، على حد تعبيره.
وكان الطبوبي قد هدد، يوم الأحد الماضي، خلال اجتماع نقابي بمدينة صفاقس (وسط شرقي) بالزحف على البرلمان لـ«تخليصه من الأطراف التي تهدد مدنية الدولة»، مشيراً إلى أن المرحلة التي تمر بها تونس «دقيقة وصعبة في ظل حكومة مرتبكة، وانتظارات اجتماعية كبيرة».
وتفاعلاً مع الأوضاع السياسية والاجتماعية المتأزمة، دعت أطراف سياسية ومنظمات اجتماعية عدة الرئيس قيس سعيد إلى التدخل، وعرض موقفه مما يحصل، وتساءلت في الوقت ذاته عن حدود الدور الممكن لرئيس الجمهورية في نزع فتيل الأزمة السياسية والبرلمانية، خصوصاً بعد استفحال الخلاف بين الحكومة و«اتحاد الشغل»، بالنظر إلى أن سعيد هو من كلف رئيس الحكومة إلياس، المتهم باستغلال منصبه لجني منافع مادية.
ومن هذا المنطلق، تطرح تساؤلات متزايدة داخل المشهد السياسي التونسي؛ من بينها حدود مواصلة دعم الرئيس لإلياس الفخفاخ، وما إذا كان مضطراً لانتظار نتيجة التحقيق الإداري الذي وعد به محمد عبو، وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد في منتصف يوليو (تموز) الحالي، لمعرفة مدى تورط الفخفاخ في التهم الموجهة إليه، أم يستبق نتيجة التقرير بالاعتماد على موقف شوقي الطبيب، رئيس هيئة مكافحة الفساد، الذي أكد أن الفخفاخ خالف القانون والدستور، وما إذا كان سيطالب في هذه الحالة الفخفاخ بالاستقالة؟
وفي قراءة للمشهد السياسي، يرجح عدد من المراقبين أن يكون ملف رئيس الحكومة ومستقبله السياسي ومصير حكومته، التي شكلها نهاية فبراير (شباط) الماضي، على طاولة رئيس الجمهورية، وأنه قد يكون مضطراً للتعامل معه بسرعة فائقة، في ظل الضعف الذي ظهر على الائتلاف الحاكم بسبب كثرة الاتهامات، وحتى لا يفاجأ بتطورات الأحداث ويجد نفسه خارج خط الأزمة.
وكان النائب البرلماني، الصافي سعيد، قد دعا الرئيس في رسالة وجهها إليه إلى أن يكون «شجاعاً ويسحب ثقته من إلياس الفخفاخ». وفي هذا الشأن، أكد زياد كريشان، المحلل السياسي التونسي، أن رئيس الجمهورية مدعو للترجيح بين أمرين أساسيين؛ أولهما تكلفة تشكيل حكومة جديدة، والبحث عن شخصية قادرة وقابلة للقيام بالمهمة الصعبة. أما الأمر الثاني فيتمثل في اندلاع أزمة مؤسساتية ممكنة ومكلفة، وهو ما قد ينذر بتأزم مزداد للوضع العام في تونس.
اتهام الفخفاخ بـ«التحايل» يجبر الرئيس التونسي على التدخل
تساؤلات متزايدة لمعرفة ما إذا كان سعيد سيطالبه بالاستقالة
اتهام الفخفاخ بـ«التحايل» يجبر الرئيس التونسي على التدخل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة