دعوة لجهوزية المنشآت مع دخول الضريبة المضافة المعدلة حيز التنفيذ في السعودية

«الزكاة والدخل» تشدد على ضرورة التزام الأحكام الانتقالية

ما زالت الأسواق ومنافذ البيع تعيش نشوة الانتعاش بعد رفع الإغلاق وعودة الحياة الطبيعية لمختلف المدن السعودية (أ.ب)
ما زالت الأسواق ومنافذ البيع تعيش نشوة الانتعاش بعد رفع الإغلاق وعودة الحياة الطبيعية لمختلف المدن السعودية (أ.ب)
TT

دعوة لجهوزية المنشآت مع دخول الضريبة المضافة المعدلة حيز التنفيذ في السعودية

ما زالت الأسواق ومنافذ البيع تعيش نشوة الانتعاش بعد رفع الإغلاق وعودة الحياة الطبيعية لمختلف المدن السعودية (أ.ب)
ما زالت الأسواق ومنافذ البيع تعيش نشوة الانتعاش بعد رفع الإغلاق وعودة الحياة الطبيعية لمختلف المدن السعودية (أ.ب)

في أول أيام دخول الضريبة المضافة المعدلة في السعودية حيز التنفيذ، وجهت الهيئة العامة للزكاة والدخل أمس جميع المسجلين في ضريبة القيمة المضافة إلى التحقق من جاهزية منشآتهم، والتعرف على كافة الأحكام الانتقالية المرتبطة بتعديل نسبة الضريبة، مشددة على أهمية التقيد بمراجعة الدليل الإرشادي للأحكام الانتقالية المتعلقة برفع نسبة ضريبة القيمة المضافة.
وحثت «الزكاة والدخل» المستهلكين على التأكد من عناصر الفاتورة الضريبية التي تشمل اسم المتجر، تاريخ الشراء، الرقم الضريبي، وخانة ضريبة القيمة المضافة، داعية إلى التعاون معها والإبلاغ عن أي منشأة مخالفة في حال عدم توفر تلك العناصر.
ودخلت أمس الأربعاء مطلع يوليو (تموز) ضريبة القيمة المضافة المعدلة من 5 إلى 15 في المائة حيز التنفيذ على جميع السلع والخدمات الخاضعة لها في الأسواق التجارية السعودية، طبقا للأمر الملكي من نظام ضريبة القيمة المضافة، والمتضمن رفع نسبة الضريبة، كما أعلن في الحادي عشر من مايو (أيار) الماضي، لمواجهة تداعيات «كورونا» على مالية الدولة.
ومع أول يوم فعلي لتطبيق القيمة المضافة الجديدة أمس، ما زالت الأسواق ومنافذ البيع تعيش نشوة الانتعاش بعد رفع الإغلاق وعودة الحياة الطبيعية لمختلف المدن السعودية، حيث تعمل على تعويض الفاقد الاقتصادي الذي دام إزاء ثلاثة أشهر.
وبحسب جولة ميدانية قامت بها «الشرق الأوسط» أمس، سارعت شركات كبرى في الترويج عن عروض استثنائية وبتخفيضات تصل إلى 50 في المائة، مؤكدة على أن الأسعار هي ذاتها قبل وبعد الضريبة، وهو ما طالب به الخبراء بضرورة تحرك هذه الشركات لمواجهة الادخار المحتمل من المستهلك المحلي.
ورجح متعاملون في منافذ البيع داخل المجمعات الكبيرة أن يكون التراجع في عمليات الشراء تدريجيا ويصل للسلع الثقيلة والمكلفة ذات القيمة المالية العالية ومنها الأثاث، والمركبات وغير ذلك من المستلزمات التي تتضح فيها فوارق القيمة المضافة، بيد أن باقي السلع والمنتجات الرئيسية ستشهد مزيدا من ذروة الاستهلاك خلال الصيف.
من جانبه، يقول الدكتور لؤي الطيار الخبير الاقتصادي، إنه من الصعب تحديد حجم التراجع في أول يوم من تطبيق الضريبة الجديدة، إلا أن التقديرات والتوقعات تشير إلى ارتداد عكسي في عمليات الشراء وهذا سيكون واضحاً في السلع ذات القيمة العالية، وستكون المعادلة ارتفاعا في العرض وانخفاضا في الطلب.
وأضاف الطيار أن السعودية ضخت مبالغ كبيرة تقدر بنحو 143 مليار ريال (38 مليار دولار) لدعم الاقتصاد والمنشآت التجارية من أي تعثر جراء جائحة «كورونا»، مستطردا «اليوم... على المواطنين أن يتحملوا المسؤولية ومساندة الدولة في تحمل جزء من هذا العبء، خاصة أن وزير المالية أكد أن الضريبة الجديدة سينظر فيها مع بداية العام المقبل».
وشهدت منتجات استهلاكية إقبالا كبيرا خلال الأيام الماضية لتفادي الضريبة المضافة، كما يقول الطيار، ومنها المركبات وبعض المنتجات الاستهلاكية مرتفعة الثمن، وهذا سينعكس سلبا - على حد وصفه - في استمرارية عملية تداول السلع العالية التكلفة.
وقال الطيار: «كنا نعول أن يرجأ تطبيق القيمة المضافة إلى بداية العام الجديد حتى يمكن التجار من الاستفادة بالشكل المطلوب من رفع الحظر، في الترويج عن منتجاتهم»، لافتا أن الفترة المقبلة سيمكن من خلالها رصد مدى تأثر السوق وتدني عمليات الشراء.
وتعد الضريبة المضافة ضريبة غير مباشرة تُفرض على جميع السلع والخدمات التي يتم شراؤها وبيعها من قبل المنشآت، وهي تُطبق في أكثر من 160 دولة حول العالم، إذ تعد مصدر دخل يساهم في تعزيز ميزانيات الدول، كما أنها تفرض في كل مرحلة من مراحل سلسلة الإمداد، ابتداءً من الإنتاج ومروراً بالتوزيع وحتى مرحلة البيع النهائي للسلعة أو الخدمة. وفي سياق متصل، عقدت الغرفة التجارية والصناعية في الرياض ممثلة باللجنة التجارية بالتعاون مع الهيئة العامة للزكاة والدخل ورشة عمل «عن بعد» للتعريف بالأحكام الانتقائية لزيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة الأساسية إلى 15 في المائة.
وقال مشرف تدقيق في ضريبة القيمة المضافة في الهيئة العامة للزكاة والدخل عبد الله العنزي إنه إذا تم التعاقد قبل 11 مايو 2020 والتوريدات مستمرة إلى ما بعد 1 يوليو من العام الجاري، فإن تطبيق الضريبة سيكون بنسبة 5 في المائة وذلك حتى انتهاء أو تجديد العقد أو حلول نهاية يونيو (حزيران) الماضي، باعتبار انتهاء المرحلة الانتقالية للضريبة.
وأضاف أنه في حال جرى التعاقد من 11 مايو للعام الحالي وحتى 30 يونيو من نفس العام تطبق الضريبة بنسبة 5 في المائة إذا جرى التوريد فعلياً قبل نهاية 30 يونيو من العام الحالي، وتطبق الضريبة بنسبة 15 في المائة في حال تم الاستيراد من مطلع يوليو الجاري، مشيرا إلى أنه إذا جرى التعاقد قبل 11 مايو من العام الحالي والتوريدات مستمرة إلى ما بعد 1 يوليو من نفس العام فللعميل حق خصم ضريبة المدخلات كاملة.
من جهتها قالت عفاف الفيفي، مشرف تدقيق في ضريبة القيمة المضافة لدى الهيئة العامة للزكاة والدخل إن السلع والخدمات المستثناة من ضريبة القيمة المضافة ما زالت مستمرة كما هي سواءً كانت خارج النطاق أو معفاة أو نسبة الضريبة لديها صفرية رغم تعديل نسبة الضريبة المطبقة على السلع والخدمات من 5 إلى 15 في المائة.


مقالات ذات صلة

السعودية تشارك في «دافوس 2025» تجاربها لتحفيز النمو الاقتصادي

الاقتصاد الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في إحدى جلسات منتدى دافوس 2024 (الخارجية السعودية)

السعودية تشارك في «دافوس 2025» تجاربها لتحفيز النمو الاقتصادي

تشارك السعودية بوفد رفيع المستوى في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي 2025 بمدينة دافوس السويسرية خلال الفترة بين 20 و24 يناير الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موظفون في جناح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية بأحد المؤتمرات (منصة إكس)

إقرار «المصافحة الذهبية» في السعودية على غرار نماذج عالمية

أقرَّت السعودية برنامج «المصافحة الذهبية» ليقدم حوافز مالية تشجع استقالة بعض الموظفين الحكوميين طوعاً بهدف خفض النفقات وتحديث الكفاءات.

عبير حمدي (الرياض)
تكنولوجيا تمتد المنشأة على مساحة 18.500 متر مربع وتتميز بنظام فرز آلي متقدم يضم 120 مركبة موجهة آلياً لمعالجة معالجة 4 آلاف شحنة/ ساعة (أرامكس)

«أرامكس»: نظام روبوتي بميناء جدة و«درون» لتوصيل الطرود

تمتد المنشأة على مساحة 18.500 متر مربع وتتميز بنظام فرز آلي متقدم لمعالجة 4 آلاف شحنة في الساعة.

نسيم رمضان (لندن)
خاص مهندسون أثناء أعمال حفر وتنقيب في أحد مواقع منطقة «الدرع العربي» بالسعودية (واس) play-circle 01:37

خاص السعودية تنهي 90 % من مسح «الدرع العربي»

السعودية تنهي 90 % من مسح منطقة «الدرع العربي»، الذي يمتد على مساحة 630 ألف كيلومتر مربع، ويُشكل نحو ثلث مساحتها.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية يُلقي كلمته في افتتاح المؤتمر (الشرق الأوسط) play-circle 00:27

السعودية تخطو بثبات لتصبح «وادي السيليكون» في قطاع التعدين

تمضي السعودية قدماً في وضع نفسها على خريطة المعادن المهمة عالمياً ولتكون «وادي السيليكون» في مجال التعدين، بإعلانها صفقات وخططاً استثمارية واكتشافات.

آيات نور (الرياض)

إقرار «المصافحة الذهبية» في السعودية على غرار نماذج عالمية

موظفون في جناح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية بأحد المؤتمرات (منصة إكس)
موظفون في جناح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية بأحد المؤتمرات (منصة إكس)
TT

إقرار «المصافحة الذهبية» في السعودية على غرار نماذج عالمية

موظفون في جناح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية بأحد المؤتمرات (منصة إكس)
موظفون في جناح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية بأحد المؤتمرات (منصة إكس)

أقرت السعودية برنامج «المصافحة الذهبية» لتقديم حوافز مالية تشجيعاً لموظفي القطاع الحكومي على الاستقالة طوعاً بهدف خفض النفقات المرتبطة بالرواتب والمزايا لموظفي الخدمة الطويلة، وذلك لكي يفسحوا المجال أمام آخرين برواتب أقل، وبمهارات تتماشى مع التحول الرقمي. وخصصت الحكومة لهذا الغرض مبلغ 12.7 مليار ريال (3.38 مليار دولار) لدعم البرنامج في السنوات الثلاث الأولى، مستوحاة من تجارب عالمية مشابهة.

ويبلغ عدد موظفي القطاع العام في السعودية 1.2 مليون موظف، باستثناء القطاع العسكري، وفق أرقام الربع الأخير من 2024 الصادرة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. في حين تنفق السعودية نحو 40 في المائة من إجمالي موازنتها على الرواتب وتعويضات العاملين. وكانت خصصت لهذا البند 544 مليار ريال (145 مليار دولار) في العام الماضي.

واختلف مختصان في الموارد البشرية تحدثت معهم «الشرق الأوسط» بشأن التعويضات المالية التي ستمنح كحزمة تقاعدية للموظفين. ففيما يتوقع أحدهما أن تتراوح بين ما يعادل رواتب 12 شهراً إلى 24 شهراً، يرى آخر أنها قد تتراوح بين رواتب 24 شهراً كحد أدنى و60 شهراً كحد أقصى.

نماذج عالمية مشابهة

على الرغم من أن فكرة «المصافحة الذهبية» ليست جديدة في السعودية، إذ تقدم بعض الشركات الكبرى ما يعرف بـ«شيك ذهبي» لمن يرغب بالتنازل عن السنوات المتبقية له حتى يبلغ سن التقاعد المحدد عند 60 عاماً، فإنه حديث بالنسبة إلى نظام العمل في القطاع العام، الذي عادة ما يرغب المواطنون بالعمل فيه لاعتقاد سائد بأنه يوفر الأمان الوظيفي.

مع العلم أن برنامج «المصافحة الذهبية» يوازي مبادرات عالمية تحفز الموظفين على الاستقالة طوعاً عند تراجع الحاجة إلى مهاراتهم أو حين يشغلون مناصب فائضة عن الحاجة. فعلى سبيل المثال، يوفر برنامج «في آي إس بي» في الولايات المتحدة حوافز مالية تصل إلى 25 ألف دولار للموظفين الراغبين في الاستقالة الطوعية، وذلك للذين لم تعد مهاراتهم مطلوبة في سوق العمل. وبالمثل، تقدم المملكة المتحدة برنامجاً لضباط الشرطة الراغبين في الاستقالة، مع تعويضات مالية تصل إلى 149.8 ألف جنيه إسترليني. وفي اليابان، يعكس نظام «كاتاتاكي» الذي يعني «التربيت على الكتف» الفكرة ذاتها، إذ يُشجع الموظفين كبار السن على التقاعد لفتح المجال أمام الجيل الشاب.

التعويضات المالية

توقّع الدكتور في جامعة الملك فيصل محمد دليم القحطاني، أن تتراوح التعويضات المالية بين ما يعادل رواتب 12 إلى 24 شهراً كحزمة تقاعدية. فعلى سبيل المثال، إذا كان الراتب الشهري للموظف 15 ألف ريال، فإن الحزمة قد تتراوح بين 180 ألف ريال إلى 360 ألفاً، بحسب احتساب القحطاني.

في حين يرى عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للموارد البشرية، المستشار بدر العنزي، أن التعويضات قد تتراوح بين رواتب 24 شهراً كحد أدنى و60 شهراً كحد أقصى. فمثلاً، إذا كان راتب الفرد الشهري 15 ألف ريال، فإن التعويض الأدنى سيساوي 360 ألفاً، في حين أن التعويض الأقصى قد يصل إلى 900 ألف ريال، و«ذلك لأن البرنامج لا يستهدف الأشخاص الذين تبقّى على تقاعدهم سنة أو سنتين».

وبحسب ما أعلنته السعودية حتى الآن، ستكون الأولوية في الاستفادة من البرنامج لأصحاب المؤهلات الأدنى، ثم التدرج للمؤهلات الأعلى. كما لن يُتاح البرنامج للموظفين إلا بعد استنفاد خيارات أخرى كالنقل والإعارة وإعادة بناء المهارات. ويستثنى من البرنامج مَنْ تنطبق عليهم أحكام التقاعد المبكر.

بالتوازي مع ذلك، سمحت الحكومة للجهات التابعة لها بالإعلان داخلياً عن الوظائف الشاغرة لمدة خمسة أيام قبل الإعلان عنها وفق الإجراءات المعتادة، وذلك بهدف شغل هذه الوظائف من خلال نقل الموظفين بين الجهات الحكومية.

ويُتوقع أن يكون للبرنامج تأثيرات محتملة على القطاع الخاص ونظام الخدمة المدنية، من بينها توفير سيولة مالية للمؤسسات وتحفيز الابتكار في القطاع الخاص، وتحسين الكفاءة الحكومية وتقليل الأعباء المالية على موازنة الدولة في نظام الخدمة المدنية. وتقوم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتنسيق مع الجهات المعنية لوضع الضوابط والشروط والإجراءات والآليات اللازمة للبرنامج.

أخيراً، يمكن وصف برنامج «المصافحة الذهبية» السعودي بأنه مبادرة مهمة تتبع اتجاهاً عالمياً نحو تحسين كفاءة القطاعات الحكومية، مع توقعات بتعويضات مالية مُجزية.