قمة ثلاثية لـ«ضامني آستانة» لضبط التنسيق ودفع مسار التسوية

TT

قمة ثلاثية لـ«ضامني آستانة» لضبط التنسيق ودفع مسار التسوية

يُجري رؤساء روسيا وتركيا وإيران جولة محادثات جديدة اليوم، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، في إطار مشاورات أطراف «مسار آستانة». وأفادت مصادر روسية بأن البحث يركز على «إعادة ضبط الساعات بين الأطراف الثلاثة على خلفية التطورات الميدانية والسياسية».
وأكد الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيُجري مفاوضات مع نظيريه التركي رجب طيب إردوغان، والإيراني حسن روحاني «تركز على الملف السوري». وذكر الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف، في إفادة موجزة أنه «بإمكان الكرملين تأكيد المعطيات حول عقد المحادثات»، في حين قال مصدر روسي لـ«الشرق الأوسط» إن التطورات المتسارعة التي جرت خلال الشهور الأخيرة باتت تتطلب مشاورات مباشرة بين الرؤساء الثلاثة، تهدف إلى تنسيق المواقف ووضع تصورات مشتركة للمرحلة المقبلة. ولفت المصدر إلى أن «الوضع حول إدلب، والتحركات الأميركية شرق الفرات، والوضع الداخلي المتوتر في سوريا بين الأسباب التي تزيد من أهمية تنسيق المواقف في هذه المرحلة الصعبة». وزاد أن «بين التطورات السياسية المهمة دخول قانون قيصر الأميركي حيز التنفيذ، وتزايد الحاجة إلى إطلاق مسار سياسي فعال».
ولفت دبلوماسي روسي إلى أن المرحلة الأخيرة شهدت تفاقماً في الموقف حول سوريا، وأن بدء تنفيذ «قانون قيصر» ترافق مع إطلاق حملات إعلامية منظمة «تعمدت تأويل التحركات الروسية أخيراً بطريقة تضر بأولويات دفع العملية السياسية».
وقال إن «اللقاءات التي تجري مع الأطراف المختلفة اعتيادية، وروسيا تحرص على إجراء محادثات مع كل الأطراف الراغبة بذلك»، منوهاً بأن البعثة الدبلوماسية الروسية تلقت طلباً من ناشطين لعقد اللقاء أخيراً ولبّت هذا الطلب. وأوضح أنه «تم تداول كثير من التكهنات حول اللقاءات التي جرت مع معاذ الخطيب ومع وفد من النشطاء السوريين في جنيف، وهذه المعطيات لا أساس لها، وروسيا لا تعمل لعقد لقاءات أو تنظيم مؤتمرات حوار جديدة، بل تسعى إلى دفع مسار التسوية عبر تفعيل عمل اللجنة الدستورية وفي إطار تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 بكل مكوناته». ولفت المصدر إلى أن «أي نشاط تقوم به روسيا يجري في هذا السياق فقط وكل ما عدا ذلك هي محاولات من أطراف مختلفة بينها النظام نفسه لحرف مسار تطبيق 2254 وعرقلة جهود روسيا لتطوير عملية الانتقال السياسي السلمي في سوريا».
في غضون ذلك، أعلن المركز الروسي للمصالحة في سوريا أن عناصر تنظيم جبهة «النصرة» قصفوا عدداً من البلدات في محافظتي إدلب واللاذقية بسوريا خلال اليوم الأخير.
وجاء في بيان لرئيس المركز الروسي ألكسندر شيربيتسكي، أنه تم تسجيل حالتي قصف في محافظة إدلب و3 حالات قصف في محافظة اللاذقية من قبل عناصر «جبهة النصرة».
وأكد شيربيتسكي عدم تسجيل أي حالات قصف من قبل التشكيلات المسلحة الموالية لتركيا في منطقة خفض التصعيد بإدلب خلال الـ24 ساعة الأخيرة.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن السبيل الوحيد لإنهاء آلام السوريين هو تحقيق الحل السياسي الدائم في بلادهم. وأضاف جاويش أوغلو، في كلمة أمس (الثلاثاء)، خلال مشاركته عبر تقنية فيديو، في الدورة الرابعة لمؤتمر بروكسل للمانحين الدوليين «مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة»، أن تركيا تواصل دعم جميع المبادرات والجهود الدولية الرامية لإيجاد حل سياسي دائم للأزمة السورية.
جاء ذلك عشية القمة الثلاثية لبحث التطورات في سوريا والعملية السياسية واللجنة الدستورية وإحياء مسار آستانة إلى جانب التطورات في إدلب.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.