«الأفريقي» يختبر نفوذه في مهمة إنقاذ مفاوضات «سد النهضة»

عشية مناقشة مجلس الأمن النزاع المصري ـ الإثيوبي

تُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، كمرحلة أولى، في يوليو (تموز) المقبل (أ.ف.ب)
تُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، كمرحلة أولى، في يوليو (تموز) المقبل (أ.ف.ب)
TT

«الأفريقي» يختبر نفوذه في مهمة إنقاذ مفاوضات «سد النهضة»

تُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، كمرحلة أولى، في يوليو (تموز) المقبل (أ.ف.ب)
تُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، كمرحلة أولى، في يوليو (تموز) المقبل (أ.ف.ب)

عشية جلسة مرتقبة لمجلس الأمن الدولي، يسعى «الاتحاد الأفريقي» لاختبار نفوذه وقدرته على حل النزع المصري - الإثيوبي حيال «سد النهضة»، بدخوله وسيطاً، في مفاوضات فشلت مراراً في الوصول لاتفاق يبدد المخاوف المصرية، من تأثير السد على إمداداتها من مياه نهر النيل». غير أن نجاح المبادرة الأفريقية، ما زال محل تشكيك، بحسب مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».
ودخل الاتحاد الأفريقي متأخراً على خط النزاع، الدائر منذ نحو 10 أعوام، عبر قمة افتراضية، يوم الجمعة الماضي، لزعماء مصر وإثيوبيا والسودان، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا، رئيس الاتحاد الأفريقي، أفضت إلى تشكيل لجنة لحل القضايا القانونية والفنية المعلقة، والتوصل لاتفاق في غضون أسبوعين». ويعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مفتوحة، اليوم (الاثنين)، لمناقشة النزاع، استجابة للطلب المصري، الذي تقدمت به لرئاسة المجلس في التاسع عشر من يونيو (حزيران) الجاري».
وترى خبيرة الشؤون الأفريقية الدكتورة نجلاء مرعي، أن ما توصل إليه الاتحاد الأفريقي من نتائج «يعد خطوة إيجابية... لكن الأهم هو تبني وتأكيد مجلس الأمن دوليا على نتائج الاجتماع، خاصة الرفض الدولي لملء أديس أبابا الخزان قبل التوصل إلى اتفاق، بما يمنح تحصينا لما تم إنجازه في الاجتماع الأفريقي للحيلولة دون المراوغة الإثيوبية مرة أخرى».
وتُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، كمرحلة أولى، في يوليو (تموز) المقبل، بنحو 5 مليارات متر مكعب، دون الاكتراث بالاعتراضات المصرية والسودانية». لكن ووفق بيان الاتحاد الأفريقي، «تعهد الأطراف الثلاثة بالامتناع عن الإدلاء بأي بيانات، أو اتخاذ أي إجراء من شأنه تعريض أو تعقيد العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي بهدف إيجاد حل مقبول لجميع المسائل المعلقة»، في إشارة لعدم قيام إثيوبيا بالملء الأحادي، وهو ما وصفه أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حمدي عبد الرحمن، بأنه بند صيغ بـ«لغة بالغة العمومية ومفرطة في الدبلوماسية تعكس ضعفاً واضحا»، «قد تكون حرصا على عدم إحراج رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي كان يتشدد في أن الملء سيتم باتفاق أو بدونه»، على حد قوله.
وتابع: «لم يرد في بيان الاتحاد الأفريقي أي شيء عن التزام إثيوبيا بتأجيل عملية ملء سد النهضة حتى يتم التوصل إلى اتفاق». ولعل ذلك هو الأمر الذي أثار الجدل بعد اختلاف الروايتين المصرية والسودانية عن الرواية الرسمية الإثيوبية».
وقالت إثيوبيا، إنها ستملأ خزان السد خلال بضعة أسابيع كما هو مزمع، الأمر الذي يوفر وقتا كافيا لإتمام المحادثات.
ولم تسفر المفاوضات المتقطعة على مر السنين بين مصر وإثيوبيا والسودان عن اتفاق لتنظيم تشغيل إثيوبيا للسد وملء خزانه مع حماية إمدادات المياه الشحيحة في مصر من نهر النيل».
وكتب وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي على تويتر «تم التوصل إلى توافق لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق سد النهضة الإثيوبي الكبير في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع».
ويتوقف نجاح الاتحاد الأفريقي في حل النزاع، على توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا، للاعتراف بـ«إلزامية» أي اتفاق يتم التوصل إليه، بما يشمل تعويض النقص في معدلات تصريف المياه الواردة إلى السودان ومصر في سنوات الجفاف والجفاف الممتد، كما تشير الدكتورة مرعي». ومن بين الخلافات في الاتفاق المزمع ما يتعلق بآليه تسوية المنازعات، وتقترح مرعي، «الجمع بين المقترحين المصري والإثيوبي حيث يتم اللجوء إلى الاتحاد الأفريقي بعد استنفاد سبل التفاوض والتوافق».
وبحسب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي، فإنه تم حل أكثر من 90 في المائة من القضايا في المفاوضات، وأن لجنة مؤلفة من ممثلين للدول الثلاث وجنوب أفريقيا وشخصيات فنية من الاتحاد الأفريقي ستعمل على حل القضايا المعلقة، وستصدر تقريرا بشأن التقدم في المفاوضات خلال أسبوع».
ووصف المتحدث باسم الرئاسة المصرية، الاجتماع بأنه «جيد للغاية». لكن الدكتور عبد الرحمن، قال إن بيان الاتحاد الأفريقي عبر عن وجهة النظر الإثيوبية بالنص على مطالبة مجلس الأمن الدولي بأن يحاط علما بأن الاتحاد الأفريقي ينظر في هذه المسألة، خاصة أن الدبلوماسية الإثيوبية سبق أن رفضت تحركات مصر والسودان بإحالة القضية لمجلس الأمن وطالبت بدلا من ذلك بأفرقتها وفقا لمبدأ حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية».
غير أن «الشيء الإيجابي الأكثر وضوحا»، كما يشير الأكاديمي المصري، هو وضع سقف زمني لعملية التفاوض الجديدة، حيث من المقرر أن تقدم اللجنة الفنية والقانونية تقريراً عن سير المفاوضات إلى الرئيس سيريل رامابوسا يوم الأحد 4 يوليو (تموز) المقبل، على أن يعقد اجتماع آخر في 11 يوليو بحضور رؤساء الدول للنظر في التقرير النهائي عن نتائج المفاوضات». ومنذ عدة أشهر، سعت إثيوبيا للدفع بدور للاتحاد الأفريقي، في النزاع، بعدما رفضت الوساطة الأميركية، واتهمتها بـ«الانحياز» لصالح القاهرة». ويجري بناء سد النهضة على بعد حوالي 15 كيلومترا من الحدود مع السودان على النيل الأزرق، الرافد الأساسي لنهر النيل. واكتمل بناء السد بأكثر من 70 في المائة، وتقول إثيوبيا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الطاقة الكهربائية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.