رئيس «المجلس الأعلى لقبائل ليبيا»: الملايين مستعدون لحمل السلاح

المصباحي: سندافع عن بلادنا وثرواتها

TT

رئيس «المجلس الأعلى لقبائل ليبيا»: الملايين مستعدون لحمل السلاح

أكد رئيس ديوان المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا محمد المصباحي، على حق أبناء القبائل في الدفاع عن بلدهم، بالتعاطي مع دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإمكانية تدريبهم وتسليحهم حال قرر الجيش المصري خوض الحرب في ليبيا، لصد الهجوم التركي إذا ما تجاوز «خط سرت الجفرة». وعلق المصباحي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أحاديث متداولة في ليبيا تقلل من دور أبناء القبائل، وقال: «إن أبناءنا هم من يقاتلون الآن ضمن صفوف «الجيش الوطني»، دفاعاً عن أرضهم وعرضهم ويواجهون (الغزو التركي)»، وقال: «دعونا دولاً عدة لتأييد موقفنا في مواجهة (العثمانيين الجدد)، ولكن للأسف الجميع خذلنا، باستثناء القيادة المصرية وبعض الدول العربية الشقيقة، التي أيدت تصريحات الرئيس السيسي الأخيرة».
واستكمل المصباحي: «نحن في القبائل لن نترك الجيش المصري يخوض مستنقع الصحراء الليبية بمفرده؛ وما يتردد بشأن ذلك بعيد عن الصحة، ونستغرب أيضاً ممن يتحدثون وكأن الجيش المصري لا يعرف الجغرافيا الليبية وطبيعة صحرائها»، وقال: «القبائل سوف تكون القوة المحورية في الكثير من التفاعلات على الساحة، كما كانت في ليبيا منذ القدم». وكانت تقارير تحدثت عن أن المجلس الأعلى للقبائل بصدد تنظيم مؤتمر في مصر قريباً، يطالب فيه الرئيس السيسي بالدعم العسكري لليبيا، لكن المصباحي لم يؤكد هذه التقارير، معبراً عن أمله في زيارة قريبة لوفد القبائل إلى مقر الجامعة العربية ودعوتها لاتخاذ موقف جريء بسحب الاعتراف بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وإعلان مساندة الشعب الليبي في تحرير أرضه.
وفيما لم يقدم المصباحي رقماً واضحاً لعدد الشباب الذين يمكن تدريبهم من قبل الجيش المصري، قال إن قوة القبائل «لا تقاس بالعدد وإنما ببأس رجالها وأبنائها الذين يشكلون الآن النواة والكتلة الكبرى في تعداد الجيش الوطني والقوات المساندة له، والتي يفوق تعدادهما 80 ألف عنصر»، بحسب قوله. واستدرك: «تعداد الشعب الليبي يقارب سبعة ملايين نسمة، جميعهم، باستثناء جماعة الإخوان ومن يواليها، مستعدون لحمل السلاح بما في ذلك النساء للدفاع عن ليبيا وثرواتها في مواجهة التدخلات التركية»، مستكملاً: «بالأساس أبناء القبائل مدربون، ولا ينقص إلا تزويدهم بالسلاح، وقد فتحنا مؤخراً باب التطوع وتقدم لنا آلاف الشباب، والعدد في تزايد مستمر».
ونوه إلى أن «الكثير من هؤلاء الشباب الذين يريدون التطوع هم من الذين تم التنكيل بهم وإجبارهم على ترك ممتلكاتهم ومغادرة ديارهم إثر (الانتصارات) التي حققتها ميلشيات الوفاق بفضل الدعم والتدخل التركي، وينتمون إلى قبائل ترهونة وصبراتة وصرمان، وغيرهم الكثير». ورأى المصباحي أن دور القبائل من القوة بمكان، مدللاً على ذلك بموقفها من إغلاق حقول النفط منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، بجانب تجنيد أبنائها في صفوف «الجيش الوطني» الذي كان قد أوشك على دخول العاصمة. واستدرك: «ليبيا بالأساس مجتمع قبائلي، والقبائل هي من شاركت في تأسيس الدولة عام 1951 عبر مشاركة شيوخها في الجمعية الوطنية الأولى، ومن قبلها كان هؤلاء شيوخها (المجاهدون) على رأس حركة المقاومة ضد الاستعمار الإيطالي ومن قبل الاستعمار التركي»، «لذا جاء تواصل الرئيس المصري مع القبائل واستدعاء دورهم السياسي والعسكري؛ كما اقترح الرئيس التونسي قيس سعيد، بأن تتولى القبائل كتابة الدستور الليبي»، مستطرداً: «احترامنا الكبير لدعوة الرئيس التونسي لتقديره دور القبائل، ولكن الدستور لا بد أن يكتب في وقت تتمتع فيه ليبيا بالحرية، بلادنا الآن محتلة من قبل الأتراك ومرتزقتهم السوريين، الأولوية في هذا الوقت لتحرير البلاد».
وذهب المصباحي إلى أن استدعاء دور القبائل ليس تراجعاً عن التوجه نحو مدنية الدولة، و«إنما ضرورة فرضتها الأحداث خاصة مع انقسام وتشرذم الأجسام السياسية وتحديداً البرلمان وعدم وجود دور فعلي للأحزاب»، لافتاً إلى أن «دور القبيلة هو المتاح الآن، وهو السبيل الذي سيمكن ليبيا ويؤمنها للسير نحو انتخابات تؤسس لدولة مدنية». وانتهى المصباحي للحديث عن احتمالية سيطرة «الوفاق» على حقول النفط، في الشرق والجنوب، قائلاً: «نحن سنقاوم حتى النهاية دفاعنا عن بلدنا»، لافتاً إلى أن قوات «الوفاق» تسيطر حالياً على النفط في غرب البلاد وخصوصاً حقل (C7) للغاز، والذي يكفي لتغطية احتياجات أوروبا بالغاز سنوات، وقد سيطر عليه الأتراك.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.