السودان لحل الأزمة الاقتصادية ببرامج استثنائية

السودان لحل الأزمة الاقتصادية ببرامج استثنائية
TT

السودان لحل الأزمة الاقتصادية ببرامج استثنائية

السودان لحل الأزمة الاقتصادية ببرامج استثنائية

أعلن السودان الشروع في تطبيق برنامج استثنائي لحل مشكلات الاقتصاد، والتوصل لحلول جذرية للأزمات، بمكافحة الفساد، وزيادة الشفافية، وإصلاح بيئة الاستثمار والأعمال التجارية، ونشر قوائم الشركات المملوكة للدولة، وتلك المملوكة للجيش والأجهزة الأمنية الأخرى.
وقال وزير المالية إبراهيم البدوي، في بيان صحفي أمس، إن وزارته ستطبق حزمة من الإجراءات لمعالجة التشوهات في الاقتصاد، ضمن البرنامج الإصلاحي، ومن بينها تشريع قانون جديد لمكافحة الفساد يتم إقراره قريباً، وإنشاء لجنة دائمة فعالة لمكافحة الفساد، وإصلاح بيئة الاستثمار والأعمال التجارية، المحلية والدولية.
ويعاني الاقتصاد السوداني من أزمات هيكلية نتيجة سوء حكم النظام البائد وإدارته الفاسدة للدولة، التي أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم الذي بلغ في مايو (أيار) الماضي 114 في المائة، وزيادة نسبة الفقر التي وصلت إلى 65 في المائة من جملة السكان، بحسب تقارير رسمية، وعجز في الميزان التجاري بلغ 7 مليارات دولار.
وقال البدوي إن وزارته ستعد قوائم لحصر جميع الشركات المملوكة للدولة، بما في ذلك تلك التي تشرف عليها وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، والوزارات الأخرى، والأجهزة الأمنية والنظامية. وستصدر الحكومة، في غضون 6 أشهر، مراسيم تضمن الملكية والشفافية والرقابة الكاملة على جميع المؤسسات المملوكة للدولة.
وتلقت الحكومة، من خلال مؤتمر شركاء السودان الذي عقد الخميس الماضي بالعاصمة الألمانية برلين، مساعدات بقيمة 1.8 مليار دولار، قدمها المانحون، وفتح المؤتمر الذي شاركت فيه نحو 50 دولة ومنظمة فصلاً جديداً من التعاون بين السودان والمجتمع الدولي.
وانكمش الاقتصاد السوداني بنسبة 2.5 في المائة في عام 2019، ومن المتوقع أن ينكمش بنسبة 8 في المائة بنهاية عام 2020 بسبب جائحة كورونا، وارتفاع التضخم ليصل إلى 114 في المائة. وبلغ مستوى الدين الخارجي للسودان 60 مليار دولار، ومقارنة بالناتج المحلي الإجمالي حوالي 190 في المائة، وهو من بين أعلى المعدلات في العالم، مما يمنع السودان من الانتفاع من التمويل الدولي للمشاريع الإنتاجية والتنموية.
وأوضح الوزير أن علاج المشكلات المستفحلة في الاقتصاد السوداني سيواجه أوضاعاً صعبة للغاية، خاصة في المرحلة الأولى، لكنه ضروري جداً لاستقرار الاقتصاد، و«تحقيق متطلبات ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة»، مشيراً إلى أن الحكومة شرعت في حل الأزمات الاقتصادية الكفيلة بوضع السودان في الطريق الصحيح نحو تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي، مستفيداً من المواطنين في استغلال موارد البلاد الوفيرة، بما يحقق لهم «العيش الكريم».
وتوصلت حكومة السودان وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق بشأن برنامج مشترك غير ممول لمراقبة خبراء صندوق النقد للإصلاحات الاقتصادية، سيستغرق مدة 12 شهراً. وبمجرد اكتماله، سيفتح البرنامج الأبواب أمام التمويل والاستثمار الدوليين في القطاعات الإنتاجية، والبنى التحتية، وخلق فرص العمل للمواطنين، خاصة الشباب، وتعزيز جهود مكافحة الفساد، والحكم الرشيد، وسوف يمهد هذا البرنامج الطريق لتسوية متأخرات السودان لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، وأيضاً إعفاء الديون من خلال مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (الهبيك).
وقال البدوي إن البرنامج المتفق عليه بين الحكومة الانتقالية وصندوق النقد الدولي مدعوم بميزانية جديدة ستركز على زيادة الإنفاق على الخدمات العامة، واستعادة مهنية الخدمة المدنية، ورفع جودة المؤسسات الحكومية، والاستثمار في مشاريع بناء السلام، خاصة في الولايات المهملة والمهمشة. وسيدعم هذا البرنامج جهود الحكومة لإعادة الإنفاق الحكومي للقطاعات المهمة ذات الطابع الاجتماعي، كالصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية. كما سيدعم البرنامج جهود الحكومة الانتقالية لتثبيت الأسعار الأساسية، بما فيها سعر الصرف، بطريقة تدريجية لخلق حوافز للتحويلات من الخارج، لتتدفق عبر القنوات الرسمية، بدلاً من السوق الموازية، مما سيؤدي إلي تغذية بنك السودان المركزي بالعملات الصعبة، واستقرار الجنيه السوداني في نهاية المطاف.
وبحسب الوزير، فإن الحكومة أعادت خلال الفترة الماضية الأصول المنهوبة إلى الشعب السوداني عن طريق لجنة إزالة التمكين، وأصلحت الأجور في القطاع العام، وأنشأت بورصة للذهب ومحفظة للسلع الاستراتيجية، ونفذت برنامج الدعم النقدي المباشر للأسر الذي يتوقع أن يغطي نحو 80 في المائة من السكان عام 2021.



«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.