علاج «الربو» من دودة تصيب القوارض

علاج «الربو» من دودة تصيب القوارض
TT

علاج «الربو» من دودة تصيب القوارض

علاج «الربو» من دودة تصيب القوارض

اكتشف فريق من الباحثين من ألمانيا وسويسرا والسويد وأستراليا، أن مادة معزولة من يرقات الديدان المستديرة قادرة على تقليل الالتهاب في الشعب الهوائية بالفئران. ووصفت المجموعة البحثية عملية استخراج بروتين من نوع من الطفيليات التي تصيب القوارض واستخدامه في علاج الأنف للفئران.
وأظهر بحث سابق أن بعض المواد التي تنتجها بعض الديدان الطفيلية (المعروفة أيضاً باسم الديدان الطفيلية) يمكن استخدامها لتقليل الالتهاب في بعض الحيوانات. وأظهر هذا العمل نتائج واعدة في إمكانية علاج التهاب النوع الثاني من المرض (نوع يؤدي إلى انخفاض وظائف الرئة) لدى الأشخاص المصابين بالربو والحساسية، حيث أظهرت الأبحاث أن ما يقرب من 50 إلى 70 في المائة من مرضى الربو البالغين لديهم التهاب من النوع 2.
وفي البحث الجديد، ركز الباحثون دراستهم على المواد المصنوعة من نوع من طفيليات يرقات الدودة المستديرة التي تستقر في أمعاء القوارض، وأظهرت الأبحاث السابقة أنها قادرة على تشغيل استجابات الالتهاب من قبل القوارض المضيفة وإيقافها حسب الحاجة.
وتضمن العمل جمع عينات من الدودة الخيطية المعوية التي تحدث بشكل طبيعي من القوارض، وإزالة المستخلصات المرتبطة بتقليل الالتهاب، ثم قاموا بخلطها في رذاذ أنفي لاستخدامها في الفئران مع التهاب الرئة الشبيه بالربو بسبب التعرض لعث الغبار.
أدى ذلك إلى انخفاض قوي في الالتهاب، وأظهرت نظرة فاحصة أن علاج الفئران بالمستخلص يحفز أنواعاً من الجزيئات المضادة للالتهابات تسمى البروستاغلاندين E2 وCOX، وأظهر أيضاً أن المستخلص الكامن وراء التأثير المضاد للالتهابات هو «غلوتامات ديهيدروجيناز»، وهو إنزيم موجود في معظم الميكروبات.
قام الباحثون الذين نشروا نتائج دراستهم في 22 أبريل (نيسان) 2020. بمجلة «ساينس ترانسليشن ميدسين»، أيضاً بتطبيق مستخلص اليرقات على الخلايا المناعية البشرية في طبق بتري، ووجدوا أن القيام بذلك أدى إلى التهاب مقيَد، كما أطلق مسببات تعرف باسم «إيكوزانويد»، وهي فئة من الأحماض الدهنية غير المشبعة التي تعمل كوسيطات للالتهاب، وأظهر اختبار آخر أن المستخلص كان فعالاً في إبطاء الخلايا الحبيبية، التي تشارك في نوبات التهابات شديدة.
وقالت د. جوليا إيسر، عضو المجلس الألماني لأبحاث الرئة، والباحث الرئيسي بالدراسة، أن النتائج التي توصلوا إليها القائمة على الديدان الطفيلية قد توفر فرصة لتطوير علاجات أكثر فعالية لعلاج الالتهاب في المرضى الذين يعانون من الربو أو الحساسية الشديدة.
ويعاني حالياً نحو 235 مليون فرد من الربو، وهو من أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً بين الأطفال، وهو ما يعطي قيمة لمثل هذه الأفكار، كما يقول د. عبد العاطي محمد، أستاذ الصدر بجامعة أسيوط، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط».
ويوضح أن مثل الأفكار سيكون لها مستقبل في البلدان منخفضة الدخل حال انتقالها لمرحلة الإنتاج التجاري، حيث تحدث معظم الوفيات الناجمة عن الربو في تلك البلدان، الأكثر معاناة من التلوث، الذي يزيد من مخاطر المرض.
ويضيف أن مثل هذه الأفكار تحتاج إلى سنوات قد ينتقل هذا البحث إلى مرحلة الإنتاج التجاري لأدوية متداولة في الأسواق، حيث يتعين إجراء المزيد من التجارب الحيوانية قبل الانتقال إلى التجارب السريرية المؤهلة لاعتماد إنتاج هذا الدواء تجاريا.



هل يخضع رواد الفضاء إلى تعديلات جينية بهدف استعمار المريخ؟

رسم تخيلي لمستعمرة على كوكب المريخ
رسم تخيلي لمستعمرة على كوكب المريخ
TT

هل يخضع رواد الفضاء إلى تعديلات جينية بهدف استعمار المريخ؟

رسم تخيلي لمستعمرة على كوكب المريخ
رسم تخيلي لمستعمرة على كوكب المريخ

يبدو هذا السؤال افتراضياً، إذ ليس بمقدورنا أن نعرف ماهية الخصائص المثلى للحياة على المريخ، لذا فإن الجواب عليه: لا.

فهم ناقص لبيئة المريخ

قد نتصور أننا نفهم البيئات المريخية المختلفة، لكن الحقيقة أن معرفتنا غير مكتملة. كما أن جنسنا البشري، حتى دون تغيير، يكتشف بسرعة سبلاً لإنجاز أشياء لم يسبق التنبؤ بها، مثل طريقة المشي على القمر.

وحتى لو حاولنا ذلك، أي إجراء التغيير الجيني للرواد، فإن الأمر سيستغرق أجيالاً لتثبيت هذه التغييرات الجينية داخل مجموعة منهم (بهدف إنشاء نمط وراثي متخصص).

وإذا افترضنا أن المشروع بدأ بمتطوعين، فسوف يتعين عليه فرض المشاركة على الأجيال التالية التي تملك الجينات المطلوبة، مع رفض الأطفال الذين لا يمتلكونها. وداخل معظم المجتمعات، فإن هذا غير مقبول على الإطلاق.

وعبر فترة تنفيذ مثل هذا المشروع الممتد لسنوات، وقبل انطلاق الرحلات بين الكواكب، ستطرأ تغييرات هائلة على مجتمعنا وتقنياتنا وسياساتنا والأوضاع المالية العالمية. وسيظل هذا المشروع تحت تهديد مستمر.

جينات «معوقة» ومفيدة للبقاء

وفي الواقع، فإن أي مجموعة سكانية رائدة تصل إلى المريخ، ربما تتخلص تدريجياً من الجينات التي تعوق بقاءها هناك.

في الوقت ذاته، فإن أي مجموعة رائدة من السكان تصل إلى المريخ، وترسخ وجودها هنا، ربما تطور بنفسها على نحو طبيعي الجينات المفيدة لبقائها على المريخ، بينما تتخلص من الجينات الأخرى التي تعيق بقوة هذا البقاء. وحتى في هذه الحالة، قد يستغرق الأمر أجيالاً كثيرة. إضافة إلى ذلك، سيتطلب الأمر مجتمعاً يتقبل موت أولئك الذين لا يناسبهم العيش على المريخ. جدير بالذكر هنا أن البشرية الحديثة (على الأرض) تعمد إلى دعم الأشخاص الضعفاء، بدلاً من التخلي عنهم.

وعليه، فإن إرسال آلات رائدة إلى المريخ قبل أن يحاول البشر إنجاز ذلك، سيكون سبيلاً أسرع وأكثر إنتاجية. ويمكن «تطوير» مثل هذه الآلات والروبوتات عدة مرات خلال حياة الإنسان الواحد. وعبر تطوير هذه الآلات هنا أو على المريخ، يمكن للبشر أن يتعلموا الكثير فيما يتعلق بما قد نحتاجه للبقاء على قيد الحياة على المريخ بصفتنا بشراً عاديين.

الهندسة الجينية للإنسان

طرح كيم ستانلي روبنسون هذا التساؤل في ثلاثية رواياته عن المريخ. وأطلق على المستعمرين الأوائل للمريخ اسم المائة الأولى First Hundred، وسرعان ما انقسموا إلى فصيلين: «الخضر»، كانوا يؤيدون التعديل الوراثي، بينما عارض «الحمر» هذا الأمر. وبمرور الوقت، أصبح هذا الأمر مصدراً للتوتر.

وبالنظر إلى أن المركزية العرقية موجودة بالفعل على الأرض، بناءً على اختلافات أصغر - بما في ذلك العرق والدين والثقافة - فإن هندسة الاختلافات الجينية المهمة قد تطرح مصدراً آخر للتمييز الذي ربما يشعل صراعاً على المريخ، وكذلك بين المريخيين والناس على الأرض.

بجانب ذلك، فإن كل سمة مرغوبة تتطلب تعديل كثير من الجينات. وقد تتفاعل الجينات المعدلة بطرق غير متوقعة، ما يؤدي إلى مشكلات صحية غير متوقعة أو آثار جانبية غير مقصودة. وربما يشكل ذلك الخطوة الأولى نحو تكوين أنواع جديدة، رغم أن هذا قد يتطلب فترة عزلة طويلة لسكان المريخ.

ويشكل الإشعاع الكوني المؤين أحد المخاطر الأشد خطورة، التي تهدد البشر الذين يسافرون إلى الفضاء أو يعيشون على سطح المريخ، وذلك لافتقار المريخ إلى المجال المغناطيسي للأرض (الذي يحرف الإشعاع الكوني والشمسي)، والغلاف الجوي السميك للأرض الذي يمتصه.

مقاومة مخاطر الإشعاع الكوني

ويعتقد بعض علماء الوراثة، مثل جورج تشرش، أن الجينات يمكن تعديلها لجعل البشر أكثر مقاومة للتأين. وربما يتمثل خيار آخر في دمج الحمض النووي لأنواع أخرى مقاومة للإشعاع، مثل «بطيئات المشي المجهرية» microscopic tardigrades. (تعد هذه الكائنات الحية أيضاً أقوى وأغرب الحيوانات في العالم وأول نوع من الحيوان في العالم يستطيع العيش في الفضاء الخارجي - ويكيبيديا - المحرر).

وبطبيعة الحال، فإن أحد البدائل التقليدية أن يعيش المستعمرون الجدد للكوكب داخل مستوطنات تحت السطح.

وبدلاً من الدروع المكلفة والثقيلة، يمكن لرواد الفضاء الذين يسافرون عبر الفضاء بين النجوم، أن يتنفسوا مزيجاً من الغازات العلاجية، للحماية من التعرض للإشعاع. وهنا على الأرض يتنفس بعض الغواصين المحترفين مخاليط الغاز، لتجنب مرض الضغط أو تخدير النيتروجين. وربما يستخدم رواد الفضاء في المستقبل «التنفس السائل»، كما ورد في فيلم «الهاوية» (The Abyss).

أي مجموعة سكانية في المريخ ستتخلص من جيناتها المعوقة لضمان بقائها

جدير بالذكر أن قوة المجال الجاذبي على سطح المريخ تعادل 38 في المائة من قوة المجال الجاذبي على الأرض، ما قد يؤدي إلى ضمور العضلات وفقدان كثافة العظام (هشاشة العظام). كما أن التكيف مع القلب والأوعية الدموية سيكون مطلوباً كذلك.

وفي حين أن التعديل الجيني أحد الخيارات، فإن الحلول الفنية متاحة كذلك، مثل توليد الجاذبية الاصطناعية عبر دوران المركبات الفضائية، كما صورتها مركبة إندورانس الفضائية في فيلم «إنترستيلار». ويمكن وضع هذه الأسطوانات الدوارة، إما في مدار حول المريخ، وإما وضعها على مسارات على السطح في شكل مخاريط دوارة، مع مراعاة قوة الجاذبية التي يتمتع بها الكوكب.

روبوتات المريخ

قد يكون أفضل «إنسان» مناسب للمريخ هو «داليك» (Dalek)، الروبوت الشهير في مسلسل «دكتور هو» الإنجليزي. وإذا كان لنا أن نعيش بالكامل داخل نظام لدعم الحياة، فإننا نحتاج إلى التكيف مع ذلك. لذلك، يجري اختيار رواد الفضاء بأجسام أصغر ووزن أخف، كي يتناسبوا بشكل أفضل مع المركبات الفضائية. كما أن معدل الأيض (التمثيل الغذائي) لديهم أقل، وبالتالي فإن المؤن تستمر لفترة أطول.

وسيحتاج هؤلاء «الداليك» إلى هيكل خارجي آلي مُعاد تصميمه، لأن الغطاسات التقليدية الموجودة على أذرعهم لا تمنحهم مهارة جيدة، وإلا سيحتاجون إلى الاستعانة ببعض البشر العاديين لإنجاز مهام معقدة.

*مجلة «نيو ساينتست»، خدمات «تريبيون ميديا».