مقاهي مصر تستقبل «نخبة» زبائنها... وتفتقد «قرقرة» الأرجيلة

استأنفت عملها وفق ضوابط بعد 3 أشهر من الإغلاق

نادل في أحد مقاهي القاهرة يرتدي الكمامة الواقية أمس (إ.ب.أ)
نادل في أحد مقاهي القاهرة يرتدي الكمامة الواقية أمس (إ.ب.أ)
TT

مقاهي مصر تستقبل «نخبة» زبائنها... وتفتقد «قرقرة» الأرجيلة

نادل في أحد مقاهي القاهرة يرتدي الكمامة الواقية أمس (إ.ب.أ)
نادل في أحد مقاهي القاهرة يرتدي الكمامة الواقية أمس (إ.ب.أ)

ليس ضرورياً أن يكون المصري شاعراً مُلهماً هذه الأيام حتى يُعارض قصيدة أيقونة الشعر العربي محمود درويش الذي تساءل في أسى ذات يوم: «إن أعادوا لك المقاهي القديمة من يعيدُ لكَ الرفاق؟»، فأبناء القاهرة وأخواتها من المحافظات عادوا رفقة إلى مقاهيهم المفضلة صباح أمس.
وعلى اختلاف مشروباتهم ومشاربهم، وسواء كانوا من رواد «الكافيه» أو من زبائن «القهوة»، فإن المصريين كانوا على موعد طال انتظاره مع المقاهي التي أعادت فتح أبوابها رسمياً، بعد «تباعد إجباري» دام 3 أشهر تقريباً بفعل إجراءات احترازية فرضتها الحكومة المصرية لمجابهة انتشار «فيروس كورونا المستجد». وليس معروفاً على وجه الدقة ما إذا كان «الشوق للمقهى وجلسته»، أم «الضيق من الحظر وحبسته»، هو الذي دفع العشرات من المصريين للاندفاع في الصباح الباكر نحو مجالسهم المفضلة على قارعة الطريق، والتي خلت من واحدة من أهم سماتها شكلاً ورائحة، وافتقد روادها صوت قرقرة النرجيلة التي لا تزال ممنوعة وفق ضوابط مواجهة الجائحة.
وكما قلب «كورونا» أحوال الاقتصاد والاجتماع، فإنه غيّر كذلك عادات المقاهي التي سجلت حضوراً صباحياً كبيراً في المقصد الذي طالما كان وجهة لجلسات المساء والسهرة. وفي مصر التي يعمل نحو 3.5 مليون شخص من سكانها في قطاع الخدمات الذي يشمل المقاهي، والمطاعم، والنوادي، بحسب تقديرات للحكومة، فإن السلطات سمحت باستئناف أنشطة المقاهي وفق ضوابط منها الالتزام بربع الطاقة التشغيلية.
وذخرت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، أمس، بمئات الصور التي بثها المستخدمون، لجلساتهم على المقهى، ليحاولوا على ما يبدو تثبيت اللحظة، وتحقيق السبق، وربما التباهي في إطار عملية «الانتخاب المزاجي» التي أقدم عليها ملاك ومديرو المقاهي للزبائن.
ورغم ارتداء النادل في مقهى «كايرو» بشارع الهرم كمامة بدت غريبة على بيئة العمل التي تعتمد تواصلاً بصرياً وإنسانياً مع زبائنه، فإنه لم يُخطئ معرفة، أحمد رجب، الموظف الثلاثيني بأحد البنوك الخاصة في القاهرة، على ما يقول الأخير لـ«الشرق الأوسط». ورجب الذي قال إنه «سعيد بأنه من النخبة التي تمثل 25 في المائة من زبائن المقهى الذين تمكنوا من حجز موقع في أول أيام استئناف نشاطها»، لكنه بدا أكثر سعادة بأن «القهوجي عرفني وعرفته رغم أن كلا منا يرتدي كمامة واقية».
وبفعل الضوابط الرسمية في مصر لعمل المقاهي في إطار التعايش مع الجائحة، فإنها أغلقت في العاشرة مساءً أبوابها، مفتقدة بذلك واحدة من أهم مميزتها كملجأ للساهرين، وإذا كان بإمكان المصريين أن يعارضوا درويش في أحد بيوته المبدعة، فإنهم لم يكن لهم سوى أن يتأسوا بكلماته عندما غادروا مقاعدهم مرغمين: «كم أَنت حُر أَيها المنسي في المقهى!».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.