الرئيس الجزائري يعزل وزيراً رفض التخلي عن جنسيته الأجنبية

معلومات عن حصول حوالي 50 ألف مسؤول على الجنسية الفرنسية

TT

الرئيس الجزائري يعزل وزيراً رفض التخلي عن جنسيته الأجنبية

بعد احتدام جدل كبير بالجزائر حول استوزار مسؤول يحمل جنسية مزدوجة في التعديل الحكومي، الذي أجراه الرئيس عبد المجيد تبون، الثلاثاء الماضي، على الرغم من أن الدستور وقانون تحديد معايير تولي المسؤوليات السامية يمنعان أي شخص من تولي مسؤولية سامية في الدولة، إذا كان يحمل جنسية أخرى غير الجزائرية، قام الرئيس بإلغاء قرار التعيين أمس.
وقالت رئاسة الوزراء، في بيان، أمس، إن رئاسة الجمهورية «ألغت تعيين البرلماني سمير شعابنة في منصب وزير منتدب مكلف بالجالية الجزائرية في الخارج، وبالتالي لم يعد ضمن التشكيلة الحكومية الحالية». وأوضح أنه «خلال المشاورات التي أجريت بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة، وافق سمير شعابنة على حمل حقيبة وزير منتدب مكلف الجالية الوطنية بالخارج، دون التصريح بحمله جنسية أخرى».
وأكد البيان أنه «طلب من سمير شعابنة أن يمتثل لأحكام القانون رقم 17-01، المحدد لقائمة المسؤوليات العليا للدولة والمناصب السياسية، التي تشترط الجنسية الجزائرية دون غيرها، والتنازل عن الجنسية الأجنبية. وبعد رفضه قرر رئيس الجمهورية إلغاء تعيينه في المنصب الوزاري، وبالتالي لم يعد سمير شعابنة ضمن التشكيلة الحكومية الحالية».
وقالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، إن البرلماني، ممثل المهاجرين في أوروبا، راسل الرئاسة أول من أمس يطلب فيها إعفاءه من منصبه الحكومي، بعد أن طلبت منه الخميس الماضي التنازل عن جنسيته الفرنسية، تفادياً لوقوعه تحت طائلة النصوص القانونية.
وأكد مصدر من «جبهة المستقبل»، الحزب الذي رشح شعابنة لانتخابات البرلمان التي جرت عام 2017، أن الوزير المثير للجدل «ذكر في مراسلته أن السلطات كانت تعلم أنني مقيم بفرنسا منذ 30 سنة، ما يعني أنها كانت تأخذ في الحسبان أنني تجنست بجنسيتها، فلماذا اختاروني في منصب سامٍ والدستور يمنع ذلك؟».
ونقل المصدر عن شعابنة، وهو صحافي مراسل التلفزيون الحكومي بفرنسا سابقاً، أن وزارة الداخلية كانت تعلم بأنه يحمل جنسية فرنسية، عندما ترشح للانتخابات التشريعية. كما نقل عنه أنه لم يطلب تقلد الوزارة، وبأنه «منزعج كثيراً من هذه القضية التي وضعته في الواجهة، ومن اتهامه في وطنيته وبأنه أدار ظهره لبلده».
يشار إلى أن وثيقة التعديل الدستوري، المطروحة للنقاش منذ قرابة شهرين، تقترح إلغاء ما يحول دون وصول مزدوج الجنسية إلى المناصب المدنية الكبيرة. وتحيل «حادثة شعابنة» إلى قصة وزير السياحة مسعود بن عقون، الذي أقاله الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بعد يومين من استلامه منصبه عام 2017، بعد أن تبين أن القضاء أدانه بالسجن مع وقف التنفيذ بتهمة تزوير وثائق. وكان عبد المجيد تبون يومها رئيساً للوزراء.
وأفادت مصادر مهتمة بشأن التعديل الحكومي الأخير بأن الإشكال نفسه يطرح مع عضوين في الحكومة، هما وزير النقل لزهر هاني، وسكرتيرة الدولة المكلفة النخبة الرياضية سليمة سواكري، لأنهما يحملان جنسية ثانية، لكنهما يقيمان في الجزائر مع عائلتيهما، عكس شعابنة.
ومعروف أن المئات من الوزراء، الذين مارسوا مسؤوليات كبيرة في السابق، يملكون جنسيات أخرى غير الجزائرية. وأغلبهم غادر الجزائر بعد تنحيته من المنصب، وهم يقيمون بأوروبا وكندا، من بينهم وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، المدان غيابياً بـ20 سنة سجناً بتهم فساد، ووزير الخارجية الأسبق الأخضر إبراهيمي، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا سابقاً. وحسب مصادر فرنسية، فقد حصل حوالي 50 ألف كادر جزائري، تولى مسؤوليات سامية في الجزائر، على الجنسية الفرنسية خلال الـ30 سنة الماضية.
وقال المحلل السياسي محمد عامر، حول هذا الجدل، إن «المشكلة ليست في شعابنة، الذي فضل الجنسية الفرنسية على منصب وزير في الجزائر، هو حر، وقد اختار ما يليق به، وفضل مصلحته وأن يكون مواطناً فرنسياً على أن يكون وزيراً في الجزائر. لكن المشكل في السلطة التي عينته خرقاً لمادة دستورية واضحة (المادة 63). فأين الخلل؟ هل في الجهات المخولة التحري والبحث في مسار وحياة من تسند لهم مهام سامية في الدولة، التي لا تدري أن شعابنة النائب في البرلمان يحمل الجنسية الفرنسية؟ أم أن الذي عينه يجهل المادة الدستورية التي تمنع ذلك؟ أم أنهم يعلمون لكنهم أرادوا خرق المادة والدوس عليها؟ وهل تم تعيينه دون علمه ودون موافقته؟ ولماذا لم يمتنع قبل الإعلان عن الحكومة؟ وفي كل الحالات، الوضع يبين الانهيار في قيم الدولة، وفي طريقة إدارة شؤون البلد، وهناك استمرار لما وقع في زمن بوتفليقة، حيث تم تعيين وزراء لساعات قبل إقالتهم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.