حكومة دياب تحوّلت إلى «بدل عن ضائع»... وخيبة أمل منها

مظاهرة وسط بيروت نهار الجمعة الماضي احتجاجاً على سياسات الحكومة (إ.ب.أ)
مظاهرة وسط بيروت نهار الجمعة الماضي احتجاجاً على سياسات الحكومة (إ.ب.أ)
TT

حكومة دياب تحوّلت إلى «بدل عن ضائع»... وخيبة أمل منها

مظاهرة وسط بيروت نهار الجمعة الماضي احتجاجاً على سياسات الحكومة (إ.ب.أ)
مظاهرة وسط بيروت نهار الجمعة الماضي احتجاجاً على سياسات الحكومة (إ.ب.أ)

أُصيب اللبنانيون والمجتمع الدولي بخيبة أمل من حكومة الرئيس حسان دياب، التي تعهدت بوضع خطة إنقاذ لوقف الانهيار المالي والاقتصادي، كما يقول مصدر نيابي بارز، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الحكومة قدّمت نفسها على أنها لن تكون نسخة طبق الأصل من الحكومات السابقة، محمّلة إياها الأزمات التي تحاصر البلد بسبب السياسات الخاطئة التي اتّبعتها وأدت إلى تدهور الوضع، لكنها أثبتت عجزها لافتقارها إلى رؤية اقتصادية متكاملة، ما أدى إلى تأخير التفاوض مع صندوق النقد الدولي لدعم خطة التعافي المالي التي أدرجتها كأولوية في بيانها الوزاري.
لذلك فإن الحكومة تستمر في تصريف الأعمال كأنها «بدل عن ضائع» إلا إذا حصلت تطورات ليست في الحسبان فتحت الباب أمام البحث عن حكومة من نوع آخر وإن كان هناك من بدأ يتعامل مع الوضع في لبنان على أنه ارتبط كلياً بمصير الانتخابات الرئاسية الأميركية في ضوء رهان «محور الممانعة» بقيادة إيران وسوريا على فشل الرئيس دونالد ترمب في العودة إلى البيت الأبيض. ويؤكد المصدر النيابي أن الحكومة بسبب سوء إدارتها للملفات الاقتصادية والمالية باتت في حاجة إلى جرعات من الإنعاش في ظل تعذّر تأمين البديل لها، ويقول إن مشكلة الحكومة تكمن في إنها أغرقت نفسها في ملفات تعود إلى الحكومات السابقة لمحاكمتها بدلاً من أن تلتفت إلى المستقبل من دون أن نعفي هذه الحكومات من مسؤولياتها في إيصال البلد إلى ما وصلت إليه.
ويلفت إلى أن «اللقاء الوطني» الذي عُقد أخيراً بدعوة من الرئيس ميشال عون لم يقدّم أو يؤخّر على طريق السير نحو الإنقاذ، ويقول: «كنا في غنى عن انعقاده، خصوصاً أن الرئيس دياب سلّم أمره وبملء إرادته إلى لجنة تعمل على إعداد المقترحات تحت قبّة البرلمان ترفعها إلى رئيس الجمهورية».
ويرى أن دياب بهذا الاقتراح أوحى بأنه يتخلى عن صلاحياته ولا يأخذ بعين الاعتبار ضرورة الفصل بين السلطات، ويسأل: ما الجدوى من مبادرته في كل مرة إلى تشكيل لجان وزارية مطعّمة بعدد من المستشارين، مع أن هذه اللجان ما زالت تراوح مكانها بعدما ثبت أن معظم الوزراء يفتقرون إلى حد أدنى من الخبرة في تعاطيهم مع الملفات وبعضهم يشارك في كل اللجان كأنه على إلمام كافٍ بكل الملفات؟
ويؤكد المصدر النيابي أنه لا يفهم الأسباب التي تملي على دياب كلما حوصرت حكومته بواحدة من الأزمات أن يلجأ إلى تشكل لجنة وزارية يتجاوز عدد الوزراء والمستشارين فيها عدد أعضاء الحكومة العشرينية؟ ويسأل عن السر الذي يكمن وراء معاودته فتح النار على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بوصفه الحلقة الأضعف في الوقت الذي استعاض فيه عن دور المصارف بالاستعانة بقطاع الصيرفة؟
ويعترف بأن «اللقاء الوطني» انتهى كما بدأ من دون أن يبدّل في المشهد السياسي العام، ويسأل عن ارتدادات الصمت المدوي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري في اللقاء. ويقول إن ارتياح البعض لمداخلة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، لا يمنحه فائضاً إضافياً من القوة، ما دام كان وراء زرع الألغام السياسية على الطريق المؤدية إلى القصر الجمهوري من خلال استهدافه في مؤتمره الصحافي للصديق والخصم في آن معاً. ويؤكد أن الجميع مع تحصين السلم الأهلي، وأن دور الجيش والقوى الأمنية يقوم على حماية الاستقرار السياسي الذي هو من مسؤولية الحكومة والأطراف أكانوا في الموالاة أو في المعارضة، وبالتالي من غير الجائز تحميل هذه القوى المسؤولية عن تقصير السلطة الإجرائية.
ويتطرق المصدر النيابي إلى ما تردّد أخيراً بأن وزيرة العدل ماري كلود نجم، طرحت في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء منح الحكومة صلاحيات استثنائية، ويسأل: لماذا هذه المطالبة ما دام دياب أكد في أكثر من مناسبة أن حكومته أنجزت 97% من البيان الوزاري و20% من خارجه؟ ويضيف أن مطالبة نجم ليست في محلها إلا إذا أرادت أن ترمي عجز الحكومة على عاتق البرلمان نظراً لتعذّر تشكيل لجنة وزارية أسوةً بسابقاتها من اللجان.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».