أنقرة تتهم بغداد بـ«الدعاية» لحزب العمال الكردستاني

TT

أنقرة تتهم بغداد بـ«الدعاية» لحزب العمال الكردستاني

اتهمت تركيا الرئاسة العراقية بالدعاية لحزب العمال الكردستاني، بسبب بيانها الذي اعتبرت فيه اجتياحها العسكري لشمال العراق يمس السيادة الوطنية للعراق، قائلة إنها تتوقع تعاوناً من بغداد في مكافحة الإرهاب. وأعلنت في الوقت ذاته مقتل أحد جنودها في شمال العراق، وهو الثاني منذ انطلاق العملية المسماة «المخلب – النمر» في 17 يونيو (حزيران) الجاري.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي، إنه يجب ألا تكون السلطات العراقية أدوات دعاية لمن وصفهم بـ«الإرهابيين»، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني، وذلك رداً على بيان رئاسة الجمهورية العراقية الصادر أول من أمس، والذي وصف العمليات العسكرية التركية الأخيرة في إقليم كردستان بأنها انتهاكات للسيادة الوطنية للعراق. وذكر المتحدث التركي، في بيان أصدره ليل الجمعة - السبت، أن «الادعاءات التي يقوم عليها هذا البيان (بيان المتحدث باسم الرئاسة العراقية) ليست سوى دعاية لـ(منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية) وأنصارها، لتشويه سمعة عملياتنا ضد الإرهاب»، مضيفاً: «يجب ألا تكون السلطات العراقية أدوات للدعاية المروجة للإرهابيين». وتابع البيان: «إننا (تركيا) نولي اهتماماً خاصاً لضمان سلامة المدنيين في كل مرحلة من مراحل التخطيط والتنفيذ لعملياتنا، وسجل قواتنا المسلحة واضح في هذه المسألة».
وقال البيان: «بهذه المناسبة، نود تذكيركم مرة أخرى بأننا نتوقع من العراق أن يعمل بتعاون ووئام مع بلدنا في حربنا ضد منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، التي تهدد الاستقرار والأمن والسلامة الإقليمية».
وكان المتحدث باسم الرئاسة العراقية قد طالب، في بيانه أول من أمس، تركيا، بوقف الانتهاكات التي تطال السيادة الوطنية للعراق نتيجة العمليات العسكرية التركية المتكررة وخرقها للأجواء العراقية التي راح ضحيتها عدد من المدنيين العزل، معتبراً أن العمليات التركية «تعد انتهاكاً صارخاً لمبدأ حسن الجوار، ومخالفة صريحة للأعراف والمواثيق الدولية». ودعا إلى حل المشكلات الحدودية والملفات الأمنية بين العراق وتركيا، عبر التعاون والتنسيق بينهما. وأكد رفض الأحادية في معالجة القضايا العالقة، ووجوب احترام السيادة العراقية.
ونفذت القوات التركية عمليتين منفصلتين في شمال العراق الأسبوع الماضي، بررتهما بـ«ازدياد هجمات حزب العمال الكردستاني على قواعد الجيش التركي في الحدود بين البلدين». ونفذت العملية الأولى في 15 يونيو تحت اسم «المخلب - النسر» تم خلالها قصف مناطق في شمال العراق بالطيران والمدفعية، وبعدها بيومين انطلقت العملية الثانية باسم «المخلب - النمر» بمشاركة القوات الخاصة، ولا تزال مستمرة حتى الآن.
وتقول أنقرة إنه ليس هناك مدى زمني للعمليتين، وستستمران حتى الانتهاء من شل قدرات «العمال الكردستاني» وتدمير مواقعه وقدراته اللوجيستية، مؤكدة أنهما تجريان بتنسيق مع السلطات العراقية.
وقتل عديد من المدنيين بينهم أطفال، ودمرت منازل في القصف الجوي، وفي عملية «المخلب - النمر» التي لا تزال مستمرة في حفتانين بمحافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، وقتل 5 مدنيين في القصف الذي شنته مقاتلات تركية على بلدة شیلادزي في محافظة دهوك. وأعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس (السبت)، مقتل جندي تركي ثانٍ خلال اشتباكات في إطار عملية «المخلب - النمر» في شمال العراق، قائلة إنه تم تحييد اثنين من عناصر العمال الكردستاني في الاشتباكات. وسبق أن أعلنت وزارة الدفاع التركية في 20 يونيو الجاري مقتل أحد الجنود الأتراك في منطقة عملية «المخلب - النمر» في حفتانين خلال اشتباكات مع عناصر «العمال الكردستاني»، وتحييد 4 من عناصر «العمال الكردستاني» في غارات جوية على منطقة الزاب.
في الوقت ذاته، قال مدير ناحية دركار في قضاء زاخو بمحافظة دهوك، زريفان موسى، أمس، إن القوات التركية باتت تسيطر على 21 قرية في محافظة دهوك بإقليم كردستان.
وأضاف أن من بين القرى التي سيطرت عليها القوات التركية 4 قرى مأهولة بالسكان في إطار العدوان التركي الأخير في إقليم كردستان العراق، مشيراً إلى استمرار القصف التركي للمناطق القريبة من تلك القرى. وأكد حدوث نزوح من الأهالي جراء العمليات التركية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».