مصادر ترجح أن يكون أفورقي بحث مع الخرطوم «فتح الحدود»

حديث عن ترتيبات سلام شرق السودان وأمن البحر الأحمر

TT

مصادر ترجح أن يكون أفورقي بحث مع الخرطوم «فتح الحدود»

عاد الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى بلاده في صمت، بعد ثلاثة أيام قضاها في الخرطوم، التي وصلها في زيارة مفاجئة لم يعلن عنها من قبل، مثلما ظل صامتاً طوال الزيارة التي لم تتسرب منها سوى أخبار لقاءاته بكبار المسؤولين في البلاد. غير أن تحليلات الخبراء توقعت أن يكون أفورقي قد تناول مع الخرطوم فتح الحدود، وترتيبات سلام شرق السودان، وأمن البحر الأحمر، فضلاً عن الأوضاع المتوترة في إقليم تيغراي الإثيوبي.
وودع رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، أفورقي في مطار الخرطوم أمس، وبرفقته عدد من المسؤولين بالدولة. لكن وسائل الإعلام المحلية والأجنبية لم تحظ من الزيارة بأي معلومات، عدا لقائه رئيس مجلس السيادة، ونائبه الأول محمد حمدان دقلو، ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك.
وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا» إن أفورقي بحث مع المسؤولين السودانيين العلاقات الثنائية وسبل تطويرها وتعزيزها، فضلاً عن القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستويين الإقليمي والدولي، وجهود تحقيق السلام في الإقليم، دون أن تقدم تفاصيل لتلك القضايا.
ووصل الرئيس أفورقي الخرطوم الخميس الماضي، في زيارة تعد الثانية له منذ الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الإسلاميين في أبريل (نيسان) 2019 الماضي. وفي هذا الصدد، توقع الخبير في شؤون القرن الأفريقي، عبد المنعم أبو إدريس، أن يكون أفورقي بحث في الخرطوم عدداً من الملفات التي تشغل بال حكومة أسمرا، أولها ملف ذات طبيعة اقتصادية، وأنه قد يكون طلب خلالها فتح الحدود مع السودان المغلقة بسبب جائحة «كورونا»، لاعتمادها بشكل كبير على التجارة الحدودية مع السودان.
وأوضح أبو إدريس أن الزيارة ربما تضمنت أيضاً البحث عن تطمينات بشأن ترتيبات سلام «إقليم شرق السودان» المتاخم والمتداخل مع بلاده، ضمن مباحثات السلام في عاصمة جنوب السودان «جوبا»، ولضمان عدم وصول قوة مناوئة لحكومته للسلطة في الإقليم.
كما توقع أبو إدريس أن تكون الزيارة قد تناولت قضية «أمن البحر الأحمر»، خاصة الجزء الجنوبي منه، بمواجهة التحركات القطرية والتركية في البحر الأحمر، لا سيما في الموانئ الصومالية، إضافة للتقارب بين الصومال وجمهورية أرض الصومال الذي يزعج أسمرا.
وبحسب أبو إدريس أيضاً، فإن الزيارة بحثت تأمين علاقة أسمرا مع الخرطوم، في أفق التغيرات في إقليم «التيغراي» الإثيوبي المتاخم للحدود الإريترية، وذلك تحسباً لأي خطوة قد يخطوها الإقليم الإثيوبي باتجاه الاستقلال عن إثيوبيا، وحتى لا يفاجأ بدولة جديدة معادية له تماماً على حدود بلاده.
ويشهد إقليم التيغراي الإثيوبي تطورات متسارعة ضد حكومة آبي أحمد في أديس أبابا، احتجاجاً على عزمه منع قيام أحزاب على أسس إثنية وعرقية، وتأجيل الانتخابات تحت ذريعة كورونا، فأعلنوا إجراء انتخابات إقليمية، رغم أنف لجنة الانتخابات المركزية التي رفضت مراقبتها.
وكانت رئيسة البرلمان الإثيوبي «كيريا إبراهيم» قد تقدمت في 6 يونيو (حزيران) الجاري باستقالتها من البرلمان، وهي من قومية «التيغراي»، احتجاجاً على تأجيل الانتخابات الإثيوبية، وقالت بحسب تقارير صحافية، إنها استقالت اعتراضاً على خيارات معالجة الأزمة الدستورية في أديس أبابا.
وانفتح أفورقي على السودان منذ تسلم المجلس العسكري الانتقالي للحكم في البلاد، في أعقاب الإطاحة بنظام عمر البشير، وزار رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إريتريا 14 يونيو الماضي، وتم حينها الإعلان أن الرجلين اتفقا على إعادة فتح الحدود بين البلدين الجارين، وتسهيل حركة المواطنين بينهما.
وشهدت العلاقات السودانية - الإريترية حالة من الشد والجذب منذ استيلاء الإسلاميين على الحكم في السودان، ونتيجة لذلك احتضنت أسمرا المعارضة المسلحة الجنوبية والشمالية عام 1994، على خلفية اتهام أفورقي للسودان بإيواء جماعات المعارضة الإسلامية ضد حكمه. ثم عادت العلاقات بين البلدين لطبيعتها في 2005 بوساطة من الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي، الذي قاد مصالحة بين البشير وأفورقي في العام ذاته.
واستضافت أسمرا مفاوضات متمردي «شرق السودان»، التي مارس خلالها أفورقي ضغوطاً قوية على حلفائه من معارضي شرق البلاد، وتم توقيع اتفاقية سلام شرق السودان 2006، لكن التوتر عاد ليسود علاقات البلدين مرة أخرى.
وعلى عكس الزيارة التي انتهت أمس، أعلنت الخارجية السودانية في زيارته الأولى للخرطوم في سبتمبر (أيلول) 2019، أن البلدين أصدرا بياناً مشتركاً، تضمن التعاون في مجالات الدفاع والخدمات الصحية والتدريب، فضلاً عن التعاون الأمني وتبادل المعلومات، لا سيما تلك المتعلقة بالجريمة العابرة للحدود، وتنسيق المواقف السياسية والدبلوماسية الدولية والإقليمية.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.