العالم يختبر «الفيروسات الصديقة» في معركة «كوفيد ـ 19»

باحث فرنسي يستعرض نموذجاً لبكتيريا خلال اختباره فاعلية أقنعة طبية في «إيكول دي مين» الفرنسية (أ.ف.ب)
باحث فرنسي يستعرض نموذجاً لبكتيريا خلال اختباره فاعلية أقنعة طبية في «إيكول دي مين» الفرنسية (أ.ف.ب)
TT

العالم يختبر «الفيروسات الصديقة» في معركة «كوفيد ـ 19»

باحث فرنسي يستعرض نموذجاً لبكتيريا خلال اختباره فاعلية أقنعة طبية في «إيكول دي مين» الفرنسية (أ.ف.ب)
باحث فرنسي يستعرض نموذجاً لبكتيريا خلال اختباره فاعلية أقنعة طبية في «إيكول دي مين» الفرنسية (أ.ف.ب)

تثير كلمة الفيروسات دوماً في الأذهان انطباعاً سلبياً ترسخ يوماً بعد آخر مع ظهور فيروسات ذات تأثيرات صحية سلبية على البشر، آخرها فيروس «كورونا المستجد». لكن في الواقع، هناك نوع من «الفيروسات الصديقة»، مثل الباكتيريوفاج أو ما يعرف باسم «العاثيات»، التي يمكن استخدامها في مقاومة العدوى الضارة الناتجة عن «كورونا». والعاثيات هي فيروسات تغزو البكتيريا، وتعد من أكثر الكائنات الحية شيوعاً على سطح الأرض، وتوجد منها المليارات في أمعاء الإنسان، وبحث العلماء من عشرينيات القرن الماضي إلى خمسينياته فيما إذا كان بالإمكان استخدامها لمعالجة الالتهابات، غير أن هذا التوجه توارى مع ظهور المضادات الحيوية التي تقتل طيفاً واسعاً من الأنواع البكتيرية، ويمكن تصنيعها بسهولة. ومع تطوير كثير من الأنواع البكتيرية لمقاومة خاصة للمضادات الحيوية مع مرور الوقت، وتكرار استخدام هذه المضادات، بدأت تبعث من جديد فكرة اللجوء إلى استخدام الفيروسات الصديقة، وهو الأمر الذي اكتسب مزيداً من الزخم مع جائحة «كورونا المستجد». ولم ينتج دواء لاستهداف هذا الفيروس الجديد على وجه الخصوص، لكن تستخدم أدوية لعلاج أعراضه، والمشكلة التي تواجه هذه الأدوية هي أنها قد تتعرض لفقدان المادة الفعالة في أثناء رحلتها بالجسم، أو داخل الجهاز الهضمي، وهي المشكلة التي يمكن أن تحلها «العاثيات».
وناقشت دراسة نشرت يوم 23 يونيو (حزيران) الحالي بدورية «PHAGE» إمكانية أن يستبدل بالطريقة التقليدية لتوصيل الأدوية «العاثيات» التي يتم تحميلها بالمادة الدوائية، لتقوم بإفراغها في المكان المستهدف. واقترحت الدراسة التي أعدتها الدكتور مارسين ووجوودزيتش، الباحثة بكلية العلوم الحيوية بجامعة برمنغهام البريطانية، استراتيجيتين لاستخدام العاثيات في علاج الالتهابات البكتيرية لدى بعض المرضى الذين يعانون من «كوفيد-19». وتعتمد الاستراتيجية الأولى على استخدام «العاثيات البكتيرية» لاستهداف العدوى البكتيرية الثانوية في الجهاز التنفسي للمرضى، وهذه العدوى الثانوية هي سبب محتمل لارتفاع معدل الوفيات، خاصة بين المرضى المسنين. وتقول ووجوودزيتش في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة، إن «الهدف هو استخدام (العاثيات) لتقليل عدد البكتيريا، والحد من انتشارها، مما يمنح الأجهزة المناعية للمرضى مزيداً من الوقت لإنتاج الأجسام المضادة ضد الفيروس». وتضيف أنه «من خلال إدخال البكتيريا، قد يكون من الممكن شراء وقت ثمين للجهاز المناعي للمرضى، كما أنه يوفر استراتيجية مختلفة أو مكملة للعلاجات القياسية للمضادات الحيوية». أما الاستراتيجية الثانية التي تقترحها ووجوودزيتش، فهي استخدام العاثيات البكتيرية المعدلة صناعياً لتصنيع الأجسام المضادة ضد فيروس كورونا المستجد، التي يمكن إعطاؤها للمرضى بعد ذلك عن طريق رذاذ الأنف أو الفم. وتوضح أنه «يمكن إنتاج هذه الأجسام المضادة الناتجة عن البكتيريا بسرعة، وبتكلفة زهيدة، وهذه الاستراتيجية إذا نجحت، فمن المأمول فيه أن تكسب المريض الوقت لتمكينه من إنتاج أجسام مضادة خاصة به بالفيروس، وبالتالي تقليل الضرر الناجم عن رد الفعل المناعي المفرط». وتدعو ووجوودزيتش إلى إجراء تجارب سريرية لاختبار هاتين الاستراتيجيتين، قائلة: «باستخدام الفيروسات المفيدة سلاحاً غير مباشر ضد الفيروس، يمكننا تسخير تلك القوة لغرض إيجابي، واستخدامها لإنقاذ الأرواح. ففي حين أن فيروسات يمكن أن تقتلنا، يمكن لأخرى أن تأتي لإنقاذنا». ويعلق الدكتور محمد سمير، أستاذ الأمراض المشتركة بكلية الطب البيطري بجامعة الزقازيق (شمال شرقي القاهرة) الباحث السابق بمعهد (هلمهولتز) لأبحاث الأمراض المعدية بألمانيا، على الدراسة قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الاستراتيجية أجريت عليها أبحاث لاستهداف بكتيريا (السالمونيلا) و(الإيكولاي)، ونجري حالياً بحثاً في جامعة الزقازيق لاستهداف بكتيريا (اسينيتوباكتربوماني)، أو ما يعرف بـ(الراكدة البومانية)، وهي بكتريا تسبب عدوى تنفسية». ويضيف أن «تحويل مثل هذه الأفكار لمنتج دوائي يحتاج لوقت طويل جداً، لذلك فإن الدعوة التي خرج بها البحث مهمة للبدء في التفكير خارج الصندوق لكي تكون لدينا في المستقبل أداة فعالة مجربة، إذا حدثت جائحة أخرى غير (كورونا المستجد) مستقبلاً، وهذا أمر وارد جداً».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
TT

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

وأضافت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف، اليوم (الأربعاء)، إن فرص تطورها خلال الشهرين ونصف الشهر المقبلة تبلغ 55 في المائة. ويكون لظاهرة «النينا عادة تأثير تبريد على المناخ العالمي».

و«النينا»، وتعني بالإسبانية «الفتاة»، هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات. وهي عكس ظاهرة «النينو» التي تعني «الصبي» بالإسبانية، حيث ترتفع درجة حرارة المحيط الهادئ الاستوائي بشكل كبير.

وهذا يؤثر على الرياح والضغط الجوي وهطول الأمطار، وبالتالي الطقس في كثير من أجزاء العالم. وترفع ظاهرة «النينو» متوسط درجة الحرارة العالمية، في حين أن ظاهرة «النينا» تفعل العكس تماماً.

كانت ظاهرة «النينو» لا تزال قابلة للرصد في بداية هذا العام، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقول إن الظروف المحايدة تسود منذ شهر مايو (أيار) تقريباً، ولا يزال هذا الحال مستمراً. ومن المؤكد بالفعل أن عام 2024 سيكون الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن ظاهرة «النينا» لم تتطور بعد بسبب الرياح الغربية القوية غير المعتادة التي تهب بين شهري سبتمبر (أيلول) وأوائل نوفمبر (تشرين الثاني).