تركيا أمام «الخط الأحمر» المصري في معركة سرت

الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: من الضروري وقف النار فوراً... {أفريكوم}: التدخل الروسي يؤخر الحل

تركيا أمام «الخط الأحمر» المصري في معركة سرت
TT

تركيا أمام «الخط الأحمر» المصري في معركة سرت

تركيا أمام «الخط الأحمر» المصري في معركة سرت

في وقت تتجه فيه الأنظار إلى معركة مرتقبة قد تشهدها مدينة سرت الليبية بين قوات حكومة «الوفاق»، بدعم من الجيش التركي، وقوات «الجيش الوطني»، بدعم محتمل من الجيش المصري، يُعتبر موقف الولايات المتحدة محورياً لجهة حصول المعركة أو تفاديها.
ورغم الانتقادات التي توجّه للأميركيين بخصوص ما يوصف بـ«غض الطرف» عن الانخراط العسكري التركي في ليبيا، فإن تصريحاتهم الرسمية الأخيرة توحي بميلهم إلى وقف المعركة المرتقبة، من خلال التشديد على رفضهم القتال «الهجومي»، وعودة الحوار الليبي – الليبي.
وأجاب مسؤولون أميركيون من السياسيين والعسكريين عن أسئلة وجهتها «الشرق الأوسط» حول سياستهم الليبية. لكن ردودهم تميّزت بإصرار على عدم تناول الدور التركي بالاسم، والاكتفاء بالإشارة إليه من خلال الحديث العام عن الأطراف الخارجية كافة، التي تتدخل في ليبيا.
التقرير التالي يحاول تقديم إجابات لبعض الأسئلة الساخنة التي تتعلق بليبيا حالياً:

معركة سرت والجفرة
تحشد قوات حكومة «الوفاق» منذ أسابيع قواتها، استعداداً للتحرك شرق مدينة مصراتة في اتجاه سرت الساحلية، وكذلك في اتجاه الجفرة بعمق الصحراء الليبية (قرابة 270 كلم جنوب سرت). وجاءت هذه الحشود في أعقاب تمكن قوات «الوفاق»، بدعم جوي تركي وإسناد من آلاف المرتزقة السوريين، من السيطرة على كامل المنطقة الغربية، بعد اضطرار «الجيش الوطني» إلى الانسحاب منها. وسمح هذا الانسحاب لقوات «الوفاق» بأن تركّز ثقلها على جبهتين فقط (سرت والجفرة)، بعدما كانت موزعة على جبهات كثيرة في غرب البلاد: قاعدة الوطية الجوية، مدن الساحل الغربي (صبراتة وصرمان)، جبهات الجبل الغربي (الأصابعة)، وصولاً إلى محاور جنوب طرابلس وجنوبها الشرقي، ومنها إلى ترهونة وبني وليد. وبعد إكمال السيطرة على مناطق الغرب، تحركت قوات «الوفاق» بسرعة، مستغلة نكسات «الجيش الوطني»، وحاولت التقدم نحو سرت، وسيطرت على محطتها الكهربائية (30 كيلومتراً غرب المدينة). لكن هجومها فشل بعدما تعرضت لضربات جوية، تردد أنها أوقعت عشرات القتلى من أبناء مدينة مصراتة التي تشكّل رأس الحربة لقوات «الوفاق»، وتُعتبر مصدراً أساسياً لتيارات الإسلاميين الذين تدعمهم تركيا.

من قام بالقصف؟
ليس واضحاً تماماً. «الجيش الوطني» الليبي يقول إن سلاحه الجوي يقوم بالمهمات المطلوبة منه، بما في ذلك تأمين غطاء جوي لحماية سرت. لكن تقارير أخرى تفيد بأن طيارين تابعين لمجموعة «فاغنر» الروسية هم من يقوم بذلك.
وبحسب القيادة الأميركية لأفريقيا (أفريكوم)، تشارك طائرات حربية تابعة لهذه المجموعة الروسية في العمليات القتالية الجارية حالياً قرب سرت (حيث تقع قاعدة جوية ضخمة هي قاعدة القرضابية)، وكذلك الجفرة، حيث تقع قاعدة ضخمة بين ودان وهون في الصحراء الليبية.
ووزعت «أفريكوم» أخيراً صوراً تؤكد وصول ما لا يقل عن 14 طائرة حربية من طرازي «ميغ 29» و«سوخوي 24» إلى ليبيا، بعدما جاءت مباشرة من روسيا عبر سوريا، حيث أعيد طلاؤها لـ«إخفاء» حقيقة مصدرها. وتقول ناطقة باسم «أفريكوم» في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن القيادة الأميركية «لا تملك حالياً دليلاً على أن الطائرات الروسية في ليبيا يطير بها (طيارون من) القوات المسلحة الروسية. ولكن هناك قلقاً من أن الطائرات الروسية يقودها مرتزقة لا يملكون الخبرة» للقيام بهذه المهمة. مضيفة «يمكن لـ(أفريكوم) أن تؤكد أن هناك قرابة 2000 شخص يعملون لـ(فاغنر) في ليبيا». لكن الناطقة امتنعت عن القول إن كانت تعتقد «أفريكوم» أن مجموعة «فاغنر» يمكن أن تنتشر في ليبيا، لو لم تكن قد نالت موافقة من أعلى سلطة في الكرملين. وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من مرة أن حكومة بلاده لا تتدخل في ليبيا، مشيراً إلى أنه في حال كان هناك مواطنون روس بالفعل فإنهم لا يمثلون حكومته. غير أن ناطقة «أفريكوم» تقول في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط»، إن «الشركات الأمنية الخاصة المدعومة من الحكومة الروسية، مثل مجموعة (فاغنر)، تعمل بنشاط في 16 دولة على امتداد قارة أفريقيا»، بما في ذلك ليبيا.

ماذا تريد روسيا؟
حذّرت الولايات المتحدة أكثر من مرة، أخيراً، من خطورة السماح لروسيا بإقامة قاعدة لها في ليبيا، معتبرة ذلك تهديداً محتملاً لأمن حلف شمال الأطلسي (الناتو). وقال عميد مشاة البحرية الأميركية برادفرد غيرنغ، مدير العمليات بـ«أفريكوم»، إن روسيا «تواصل الضغط من أجل موطئ قدم استراتيجي على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، وهذا يأتي على حساب أرواح ليبيين أبرياء».
وفي حال أنشأت روسيا قاعدة لها على السواحل الليبية، ستكون القاعدة الثانية لها على المتوسط بعد طرطوس السورية، وسيكون في مقدورها في هذه الحالة نشر منظومة صاروخية طويلة المدى في «موقع استراتيجي قريب من أوروبا»، وهو أمر يصفه مسؤولون عسكريون أميركيون بأنه يمثّل «تغييراً في قواعد اللعبة».
ويرفض مسؤولون أميركيون الغوص في تفاصيل القاعدة الروسية المزعومة، وهل التحذير منها يعتمد فقط على مخاوف أمنية من تهديد محتمل لـ«الناتو» في أوروبا، أم أن هناك أدلة تؤكد أن الروس يعملون فعلاً على إنشاء موطئ قدم لهم في ليبيا.
ويبدي الأميركيون حذراً شديداً في حديثهم عن هذا الموضوع؛ إذ اكتفت الناطقة باسم «أفريكوم» بالقول، «إننا نعتقد أن التدخل الروسي في ليبيا لا يؤدي سوى إلى تأخير الحل السياسي».
وكانت حكومة «الوفاق» قد وزعت قبل أيام ما وصفتها بـ«اعترافات» أدلى بها الباحث الاجتماعي مكسيم شوغالي، الذي قُدّم بوصفه جاسوساً روسياً معتقلاً منذ عام 2019 في ليبيا. وتضمنت الاعترافات المزعومة أن بلاده كانت تعمل على إنشاء قاعدة لها في ليبيا. ونفت الشركة التي كان يعمل لها شوغالي اتهامات حكومة طرابلس، وأطلقت حملة إعلامية، قبل أسابيع، للضغط من أجل تأمين الإفراج عنه. وأثارت موسكو علناً قضيته مع مسؤولين ليبيين (عضو المجلس الرئاسي أحمد معيتيق)، وعلى الأرجح مع تركيا أيضاً. وثمة تكهنات بأن الأميركيين هم من لفت نظر حكومة طرابلس إلى تحركات شوغالي؛ ما أدى إلى توقيفه (علماً بأنه اجتمع آنذاك بسيف الإسلام القذافي).
وإذا ما تأكدت «الاعترافات» المزعومة، التي نشرتها حكومة «الوفاق» على لسانه، بما في ذلك حديثه عن سعي روسيا إلى قاعدة في ليبيا، فإن الأميركيين يعلمون بالتأكيد أكثر مما يقولون بخصوص التهديد المحتمل لـ«الناتو» من الضفة الجنوبية للمتوسط. لكن لا بد من الأخذ في الاعتبار أن أي أقوال منسوبة لشوغالي قد تكون انتزعت منه بالإكراه على أيدي ميليشيات مسلحة في طرابلس، وهو أمر ركّز عليه الفيلم الدعائي، الذي بُث دفاعاً عنه أخيراً في موسكو.

ماذا تريد أميركا؟
يقول ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «لنكن واضحين، الولايات المتحدة تعارض تصاعد التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا من كل الجهات. ومن الضروري وقف إطلاق النار فوراً واحترام حظر السلاح، الذي تفرضه الأمم المتحدة على الأطراف كافة. نحض جميع الأطراف على التزام وقف النار، واستئناف المفاوضات فوراً. ويجب أن نبني على التقدم الذي تحقق من خلال محادثات (5 + 5)، التي تقوم بها الأمم المتحدة (بين عسكريي حكومة الوفاق والجيش الوطني) وعملية برلين».
ويعني «وقف النار الفوري» أن الأميركيين يعارضون الهجوم الذي تحضّر له حكومة «الوفاق» والأتراك، وهو أمر تبلغته حكومة «الوفاق» في اللقاء، الذي جمع رئيس مجلسها الرئاسي فائز السراج مع السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند وقائد «أفريكوم» الجنرال، ستيفن، تاونسند في مدينة زوارة غرب ليبيا في 22 من يونيو (حزيران) الحالي.
وقالت قيادة «أفريكوم»، إن هذا اللقاء «عُقد للتشديد على الموقف الأميركي بخصوص أن السلام في ليبيا يجب أن يتحقق من خلال عملية سياسية، وليس بوسائل عسكرية». وأوضحت، أن اللقاء «ركّز على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء العمليات القتالية الهجومية من كل الأطراف».
ورغم هذا التعبير الواضح على رفض القتال «الهجومي»، فإن تصريحات مسؤولي «الوفاق» ومسؤولين أتراك أكدت لاحقاً رفضهم وقف النار قبل انسحاب «الجيش الوطني» من سرت والجفرة.

{الخط الأحمر} المصري
حددت القيادة المصرية، على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، خطاً أحمر لتركيا في ليبيا. تمثّل الموقف المصري في البدء بدعوة إلى استئناف محادثات التسوية السياسية بين الأطراف الليبية والتزام هدنة؛ ما يعني بقاء خطوط الانتشار العسكرية كما هي بعد انسحاب «الجيش الوطني» من غرب البلاد. لكن تركيا وحلفاؤها استمروا في التهديد بالتوجه شرقاً، والسيطرة على سرت والجفرة، وسط تقارير عن جسر جوي جديد للطائرات التركية إلى مصراتة، ونقل مزيد من الأسلحة والتعزيزات. واستدعى ذلك، كما يبدو، انتقال الرئيس السيسي بنفسه إلى قاعدة سيدي براني غرب مصر، حيث أبلغ جنوده بالاستعداد لاحتمال القيام بعمل عسكري في ليبيا، معلناً بشكل واضح أن سرت والجفرة خط أحمر لأمن بلاده القومي.
وواضح أن المصريين يعتبرون أن خطط تركيا لليبيا تتضمن استهدافاً مباشراً لهم، من خلال إنشاء نظام تهمين عليه جماعة «الإخوان» في طرابلس، مع ما يعني ذلك من إمكان انتقال «إخوان مصر»، الذين تؤويهم تركيا، إلى ليبيا كي يكونوا على خط تماس مباشر مع مصر (بعدما فقدوا قاعدة أخرى لهم في السودان). وتنظر مصر، كما يبدو، إلى مثل هذا الاحتمال بقلق، رافضة السماح بعودة الوضع إلى سابق عهده عندما كان متشددون مصريون يتخذون من ليبيا قاعدة لهم (مجموعة هشام عشماوي في درنة أحد أبرز الأدلة على ذلك).

فرنسا ـ تركيا
الموقف الفرنسي الحالي شديد الوضوح بمعارضته للدور التركي في ليبيا، وقد عبّر عنه علناً الرئيس إيمانويل ماكرون. ويخشى الفرنسيون أن يستخدم الرئيس رجب طيب إردوغان ليبيا لابتزاز أوروبا مثل ما فعل سابقاً بورقة المهاجرين، الذين فتح حدود بلاده أمامهم لـ«غزو» أوروبا، بحسب ما يقول منتقدون لسياساته.
وإضافة إلى ذلك، يخشى الفرنسيون أيضاً أن ينجح إردوغان في إنشاء قاعدة لتيارات الإسلام السياسي المتشدد في ليبيا، مشيرين إلى نقل الأتراك إلى هذا البلد ما يصل إلى 10 آلاف مرتزق سوري من جماعات، بعضها يوصف بالتشدد، وبعضها كان جزءاً من «داعش» و«النصرة».
ويجادل الأتراك، في المقابل، بأن الفرنسيين كانوا يدعمون «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يعتبرونه «غير شرعي»، بينما هم جاءوا إلى ليبيا بناءً على طلب من «الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة»، في إشارة إلى حكومة فائز السراج المنبثقة من «اتفاق الصخيرات» بالمغرب في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015.
وتعترف الأمم المتحدة بالفعل بحكومة السراج، لكن منتقدين يقولون إن هذه الحكومة تفتقد الشرعية كونها لم تحصل على ثقة مجلس النواب الليبي، وكون فترة صلاحيتها المنصوص عليها في اتفاق الصخيرات تتحدث عن سنة ونصف السنة فقط، وهي فترة انقضت منذ زمن طويل.
وعلى رغم استمرار اتصالات فرنسا مع حكومة السراج، فإن هناك احتمالاً بأن تلجأ باريس إلى سحب غطاء الشرعية عنها؛ ما يعني اقترابها أكثر من الموقف المصري، الذي يتحدث عن جهة واحدة لها الشرعية في ليبيا، هي مجلس النواب المنتخب من الشعب (انتخابات 2014). وقد أعلن رئيس هذا المجلس، المستشار عقيلة صالح عيسى، دعمه الواضح للموقف المصري، بما في ذلك إمكان التدخل عسكرياً إذا حاولت تركيا السيطرة على سرت والجفرة، والتقدم شرقاً نحو الهلال النفطي.

مجلس النواب الليبي
برز دور رئيس مجلس النواب الليبي بشكل لافت أخيراً؛ إذ ظهر في المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس السيسي مع المشير حفتر، والذي أُعلنت فيه مبادرة إطلاق الحوار الليبي – الليبي (إعلان القاهرة). كما سافر عقيلة صالح إلى الجزائر، وقابل رئيسها عبد المجيد تبّون الذي عرض وساطة بين الليبيين واستقبل لاحقاً، في إطار مسعاها هذا، فائز السراج. ومعلوم أن رئيس مجلس النواب الليبي كان يُصنّف سابقاً بأنه من معرقلي الحل في ليبيا (فرضتها عليه لجنة العقوبات في مجلس الأمن). وكان لافتاً في الفترة الماضية أن الأميركيين أطلقوا إشارات إلى رصدهم «اختماراً» للحراك السياسي في شرق ليبيا، في إشارة إلى وجود أصوات لا تدين بولاء كامل للمشير حفتر. ومعلوم أن خلافات نشأت بين الرجلين في الفترة الماضية، وتصاعدت بعد محاولة حفتر الحصول على «تفويض شعبي» خلال محاولته الفاشلة للتقدم نحو طرابلس، علماً بأنه معيّن في منصبه من مجلس النواب، الذي يتخذ من طبرق مقراً له. وتتبع لهذا البرلمان حكومة موازية في شرق البلاد برئاسة عبد الله الثني.
ويترافق رصد الأميركيين لـ«الاختمار» السياسي في شرق ليبيا مع استياء واضح يبدونه إزاء حفتر والحكومة الموازية. ومن مؤشرات هذا الاستياء انفتاح حكومة الشرق على حكومة الرئيس بشار الأسد في دمشق، وإعادة فتح سفارة ليبيا في العاصمة السورية، وهو أمر يتعارض كلياً مع سياسة واشنطن، الهادفة إلى عزل النظام السوري وخنقه اقتصادياً، ومنع أي تعامل معه (بما في ذلك معاقبة من يقوم بذلك).
كما كان لافتاً أن الأميركيين قالوا أخيراً إنهم قلقون من أنباء عن رصد طائرة المشير حفتر في كراكاس، علماً بأن واشنطن تحاول أيضاً خنق نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وإطاحته.
وهناك نقطة خلاف أخرى بين الأميركيين وحكومة شرق ليبيا وجيشها الوطني، وهي ورقة صادرات النفط الليبية المتوقفة منذ نهاية العام الماضي. إذ منع مناصرون لحكومة الشرق والمشير حفتر تصدير النفط من موانئ الهلال النفطي، ومن حقول النفط في جنوب البلاد من أجل الضغط على حكومة السراج لوقف تمويلها التدخل التركي، بما في ذلك دفع رواتب المرتزقة السوريين من خزينة الدولة الليبية. وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أمس (الجمعة)، إن مرتزقة روساً ومن جنسيات أخرى دخلوا حقل الشرارة النفطي (بجنوب البلاد) لمنع استئناف الصادرات النفطية.



جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
TT

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)

استكمل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين مسارَ الرضوخ لإملاءات الجماعة، وذلك بفصل الأمين العام للحزب، غازي علي الأحول، الذي لا يزال رهن الاعتقال، وتعيين شخصية مقرّبة من الجماعة نائباً لرئيس الحزب بديلاً عن أحمد علي صالح، نجل الرئيس اليمني الأسبق.

وعقدت اللجنة العامة (المكتب السياسي) لجناح الحزب اجتماعاً في صنعاء، الخميس، برئاسة صادق أمين أبو راس، رئيس الجناح في مناطق سيطرة الحوثيين، انتهى إلى اختيار عبد العزيز بن حبتور، الرئيس السابق لحكومة الحوثيين غير المعترف بها، نائباً لرئيس الحزب، في خطوة عُدّت استجابة مباشرة لمطالب حوثية علنية بعزل نجل الرئيس الأسبق، وتهديدات متكررة بإغلاق الحزب ومنع أنشطته.

جاء قرار إزاحة أحمد علي صالح بعد أسابيع من ضغوط متصاعدة مارستها الجماعة على قيادة جناح الحزب، شملت فرض قيود أمنية مشددة على تحركات رئيسه، وتهديدات بحل الحزب.


الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 5 فلسطينيين، الجمعة، في قصف إسرائيلي على مدرسة حوّلت إلى ملجأ، في حين قال الجيش إنه أطلق النار على «أفراد مشبوهين».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه تم «انتشال 5 شهداء جراء القصف الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة شهداء غزة» في حي التفاح، شرق مدينة غزة (شمال).

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية إن قواته «أطلقت النار على الأفراد المشتبه بهم للقضاء على التهديد»، مضيفاً أنه «على علم بالادعاء المتعلق بوقوع إصابات في المنطقة، والتفاصيل قيد المراجعة».


العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية، مؤكداً أهمية عدم الانزلاق إلى خطوات أحادية، أو تحركات عسكرية خارج الأطر المرجعية للمرحلة الانتقالية.

وجاءت تصريحات العليمي خلال لقائه، الخميس، في الرياض، رئيس مجلس النواب، سلطان البركاني، وعضوي هيئة رئاسة المجلس، محمد الشدادي ومحسن باصرة، للتشاور حول المستجدات الوطنية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، وجهود احتواء تداعياتها السياسية والاقتصادية والخدمية.

وبحسب المصادر الرسمية، استعرض العليمي خلال اللقاء، نتائج الاتصالات الجارية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على التوافق الوطني القائم، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قد تعقّد المشهد أو تقوّض مسار الشراكة السياسية، مع التذكير بالمرجعيات الناظمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالدور الذي تضطلع به السعودية، ومعها الإمارات، في قيادة مسار تهدئة مسؤول يهدف إلى خفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، بما يشمل انسحاب القوات الوافدة من خارج هذه المحافظات، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم المحلية، بما يعزز الاستقرار ويحافظ على السلم الأهلي.

وجدد العليمي التأكيد على موقف الدولة من القضية الجنوبية، بوصفها «قضية وطنية عادلة»، وجزءاً أصيلاً من أي تسوية سياسية شاملة، تبدأ بمعالجة مظالم الماضي، وتنفتح على الخيارات التي تقررها الإرادة الشعبية في ظروف طبيعية. كما رحب بما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من دعم جهود خفض التصعيد، والتنبيه إلى مخاطر أي توترات على فرص العيش والسلم الأهلي والأمن الإقليمي.

تشييع قتلى ومخاوف حقوقية

ميدانياً، شُيعت في مدينة مأرب، الجمعة، جثامين عدد من قتلى المنطقة العسكرية الأولى في موكب جنائزي رسمي وشعبي، بحضور رئيس هيئة الأركان العامة، قائد العمليات المشتركة الفريق ركن صغير بن عزيز، وقيادات عسكرية وأمنية، وأعضاء مجلس النواب، وشخصيات اجتماعية. وأكد المشيعون، بحسب الإعلام الرسمي، المضي في استكمال ما وصفوه بالأهداف الوطنية، مع التشديد على استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الجماعة الحوثية.

تشييع جنود في مأرب قتلوا خلال التصعيد العسكري بوادي حضرموت (سبأ)

من جهتها، أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات توثيق 312 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، قالت إن عناصر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي نفذتها في وادي وصحراء حضرموت خلال الفترة من 2 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول) 2025. وأوضحت الشبكة أن الاعتقالات شملت عسكريين ومدنيين من محافظات عدة، بينها حضرموت وتعز وريمة وذمار وحجة وأبين.

وأشارت الشبكة إلى تلقي بلاغات عن حملات اقتحام واعتقال واسعة في مدينة الشحر دون أوامر قضائية، إضافة إلى توثيق حالات اختطاف في مدينة سيئون، من بينها قاصران، معتبرة أن ذلك يمثل انتهاكاً خطيراً للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل. وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين وفتح تحقيقات مستقلة، محذرة من مخاطر استمرار هذه الممارسات على السلم المجتمعي وسيادة القانون.

الزبيدي: الوجهة صنعاء

في موازاة ذلك، قال عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، إن الهدف المشترك للقوى الوطنية المناهضة للجماعة الحوثية، يتمثل في تحرير مناطق الشمال الخاضعة لسيطرتها، وصولاً إلى العاصمة صنعاء.

وجاءت تصريحاته خلال لقائه، في القصر الرئاسي بمدينة عدن، قيادات جبهة مريس وحجر شمال محافظة الضالع، حيث استعرض مستجدات الأوضاع العسكرية وسبل تنسيق الجهود لمواجهة ما وصفه بالتصعيد الحوثي.

ونقل إعلام المجلس الانتقالي الجنوبي عن الزبيدي قوله إن الإجراءات التي نفذتها القوات التابعة للمجلس أخيراً في محافظتي حضرموت والمهرة، جاءت في سياق «تأمين الجنوب»، ليكون منطلقاً لتحرير مناطق الشمال، مؤكداً أن «الوجهة هي صنعاء»، رغم ما عدّه محاولات بعض القوى «حرف مسار المعركة عبر افتعال صراعات جانبية».

الزُّبيدي مجتمعاً في القصر الرئاسي بعدن مع قيادات عسكرية مرابطة في جبهات الضالع (المجلس الانتقالي الجنوبي)

ودعا الزبيدي إلى عدم الالتفات لما وصفها بـ«حملات التشويش والضجيج الإعلامي» الصادرة عن قوى فقدت تأثيرها السياسي، معتبراً أن الالتزام بالمسؤولية الوطنية والشراكة الصادقة يمثل الطريق الوحيد لتحقيق النصر.

وأضاف أن المجلس الانتقالي والقوات الجنوبية «ماضون على العهد» في مواجهة الحوثيين، مجدداً التأكيد على أن المعركة الأساسية يجب أن تبقى موجهة نحو الجماعة المدعومة من إيران.

وتطرق الزبيدي إلى الأوضاع الإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، معرباً عن أسفه لما يتعرض له السكان هناك من «قتل واضطهاد»، ومحملاً قيادات سابقة مسؤولية ما وصفه بالتخلي عن مسار التحرير والانحراف نحو مصالح خاصة، على حساب المصلحة الوطنية العليا، وفق تعبيره.