الملاريا تفتك بربع مليون يمني في مناطق الميليشيات

فساد الحوثيين ونهب قادتهم موارد «مكافحة الأوبئة» يفاقمان الأزمة

تهدد الأمطار الغزيرة بزيادة تفشي الملاريا في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
تهدد الأمطار الغزيرة بزيادة تفشي الملاريا في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

الملاريا تفتك بربع مليون يمني في مناطق الميليشيات

تهدد الأمطار الغزيرة بزيادة تفشي الملاريا في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
تهدد الأمطار الغزيرة بزيادة تفشي الملاريا في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)

على وقع استمرار فيروس «كورونا» في التفشي في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية وتكتم الجماعة على أعداد الضحايا، أفادت مصادر يمنية في القطاع الصحي بأن مرض الملاريا أصاب أكثر من ربع مليون شخص خلال الأشهر الستة الماضية، وسط انهيار في الخدمات الطبية ومعاناة من تبعات فساد الحوثيين في التعامل مع مخصصات مكافحة الأوبئة.
وأكدت المصادر أن «الأمراض الوبائية المدارية وعلى رأسها الملاريا لا تزال تشكل تهديداً حقيقياً لحياة اليمنيين، خصوصاً مع استمرار موسم الأمطار المصحوب بانتشار البعوض الناقل للمرض في المناطق الخاضعة للجماعة الانقلابية». وأشارت إلى أن المدن التي اجتاحها مجدداً مرض الملاريا هي إب وعمران وذمار وصنعاء ومناطق متفرقة من الحديدة والسواحل المجاورة لها في حجة.
وأوضحت تقارير صحية اطلعت عليها «الشرق الأوسط» أن سلطات الجماعة الانقلابية تلقت منذ مطلع العام الحالي بلاغات عبر المكاتب والمرافق الصحية في 7 محافظات خاضعة لسيطرتها تؤكد تسجيل أكثر من 260 ألف حالة إصابة جديدة بالملاريا، منها 20 ألف حالة وفاة معظمها من الأطفال دون الخامسة والنساء الحوامل.
وتوقعت مصادر طبية في صنعاء أن تكون الأرقام الفعلية لحالات الإصابة بالملاريا أكثر من الحالات المبلغ عنها والتي اعتمدت على بعض تقارير الترصد الإلكتروني للإنذار المبكر للأمراض.
وأشارت المعلومات الطبية إلى أن الحديدة تصدرت المرتبة الأولى في معدل الإصابات بالملاريا خلال تلك الفترة، تلتها محافظة إب في المرتبة الثانية، ثم محافظة حجة، وكل من صنعاء وعمران والمحويت وذمار التي سجلت تباعاً المراتب الأخيرة.
وبحسب التقارير، تجاوزت حالات الإصابة بمرض الملاريا في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة في الحديدة أكثر من 55 ألف حالة، بينها أكثر من 3500 وفاة. وكانت تقارير محلية سابقة أكدت أن الحديدة سجّلت خلال الأعوام الماضية ارتفاعاً ملموساً في نسب الإصابة بالملاريا في عموم المديريات، وبلغت نسبة الإصابة فيها 4.5 في المائة.
وفي محافظة إب (170 كيلومتراً جنوب صنعاء)، قال مصدر طبي لـ«الشرق الأوسط» إن «الملاريا اجتاحت أكثر من نصف مديريات المحافظة وفتكت بالآلاف من المواطنين» هناك. وكشف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات تتعلق بسلامته، عن أن إجمالي الإصابات بالملاريا في محافظة إب تخطى خلال الأشهر الستة الماضية 38 ألف إصابة.
وطبقاً للمصدر الطبي، تأتي مديريات العدين والفرع والحزم والقفر وحبيش والسياني في مقدمة المدن التي سجلت إصابات مرتفعة بهذا المرض في محافظة لا تزال تقبع تحت سيطرة الانقلابيين. وأكد أن مديرية الفرع تحتل المرتبة الثانية من ناحية انتشار الملاريا بعد مديرية العدين، علما بأن المرض ينتشر في أكثر من نصف مديريات المحافظة البالغ عددها 20 ويفتك بعدد كبير من المواطنين فيها، خصوصاً الأطفال والنساء.
وأوضح المصدر أن من أسباب تفشي الملاريا في مدن إب وأريافها بشكل رئيسي «قيام الميليشيات الحوثية عقب اقتحامها للمحافظة بنهب مخصصات ثلاثة برامج وصناديق خاصة بمكافحة الأوبئة والأمراض من بينها البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا، ما تسبب في إغلاقها وتوقفها عن العمل».
وأكد المصدر أن آخر حملة للرش بالمبيد الحشري نفذها البرنامج الخاص بمكافحة الملاريا في إب ومديرياتها كانت مطلع عام 2014، أي قبل الانقلاب الحوثي بأشهر قليلة. وقال إن البرنامج نفذ حينها حملات رش ومكافحة في 6 مديريات في إب استهدفت 32 ألف منزل في عدد من القرى الريفية بمشاركة 580 عاملاً صحياً، «ومنذ ذلك العام لم ينفذ البرنامج أو غيره أي عمليات رش ومكافحة للأوبئة والأمراض القاتلة في أي مكان في المحافظة باستثناء ما ندر منها».
وأكد أطباء وعاملون صحيون في إب توقف حملات الرش لمكافحة البعوض والحشرات الضارة بعد نهب الجماعة مخصصات قطاع النظافة ومؤسسة المياه ورواتب ومخصصات المرافق الصحية، وتوظيف عائدات الضرائب والجمارك وغيرها من الجبايات الأخرى لصالح حربها العبثية.
ونتيجة لما تشهده غالبية محافظات اليمن حالياً من هطول أمطار غزيرة وما تسببه من مخاوف لدى السكان من ظهور المزيد من الأوبئة، تخشى منظمات دولية عاملة في اليمن من تفشي مرض الملاريا مجدداً، خصوصاً في المدن التي يستوطنها البعوض في الصيف.
وتشير تقارير لمنظمات دولية إلى أن شريحة الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل من أكثر الفئات إصابة بهذا المرض الفتاك. وتقول التقارير إن نحو 78 في المائة من سكان اليمن معرضون لخطر الإصابة بالملاريا، إذ يقدر عدد حالات المصابين سنوياً بما بين 1.5 و1.8 مليون حالة، فيما تبلغ حالات الوفاة الناجمة عن الملاريا سنوياً ما بين 15 و18 ألف حالة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.