نواب يهددون بسحب الثقة من رئيس الحكومة التونسية

جلسة تقييم أداء الائتلاف الحاكم تنتقد «استغلال» الفخفاخ لمنصبه

الفخفاخ يرد على الانتقادات التي وجهها بعض النواب لأداء حكومته خلال جلسة البرلمان أمس (إ.ب.أ)
الفخفاخ يرد على الانتقادات التي وجهها بعض النواب لأداء حكومته خلال جلسة البرلمان أمس (إ.ب.أ)
TT

نواب يهددون بسحب الثقة من رئيس الحكومة التونسية

الفخفاخ يرد على الانتقادات التي وجهها بعض النواب لأداء حكومته خلال جلسة البرلمان أمس (إ.ب.أ)
الفخفاخ يرد على الانتقادات التي وجهها بعض النواب لأداء حكومته خلال جلسة البرلمان أمس (إ.ب.أ)

تعرض إلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة التونسية، لانتقادات شديدة من قبل نواب البرلمان خلال الجلسة البرلمانية التي عقدت أمس لتقييم حصيلة مائة يوم من عمل الحكومة، وطالبه بعض نواب المعارضة بالاستقالة. فيما هدد عياض اللومي، المنتمي لحزب «قلب تونس»، بتقديم لائحة لسحب الثقة منه ومقاضاته، بحجة استغلال منصبه للتنفع، كما طالبته نعيمة المنصوري، عن الكتلة البرلمانية نفسها، بالاستقالة «حفظاً لماء الوجه»؛ على حد تعبيرها.
وتحولت الجلسة البرلمانية من اجتماع لتقييم أداء الحكومة خلال مائة يوم من وجودها، إلى جدل حاد حول الشركة التي يمتلك الفخفاخ أسهماً فيها، والتي حصلت على صفقتين مع الدولة بقيمة 44 مليون دينار تونسي (نحو 15.4 مليون دولار) خلال فترة الحجر الصحي. وشهدت مداخلة الفخفاخ بعد رده القوي على منتقديه مقاطعة بعض النواب، خصوصاً النائب عن حزب «الرحمة» المعارض، سعيد الجزيري، الذي كانت مداخلته قوية وشديدة الانتقاد لرئيس الحكومة.وأوضح اللومي أن موقف حزبه من رئيس الحكومة يرتكز على شبهات «تضارب المصالح» و«شبهات الفساد»، التي باتت تلاحق الفخفاخ بسبب مشاركته في صفقة عمومية، رغم أنه رئيس حكومة يفترض أن يبتعد عن الشبهات.
من جهتها؛ انتقدت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، (معارض)، عدم توفر أي وثيقة حكومية تقيم الوضع الاقتصادي، وتقدم معطيات حول حصيلة مائة يوم من عمر الحكومة. ووجهت كلامها لرئيس الحكومة قائلة: «فسادكم لا يعنينا؛ لأننا متأكدون منه... في حكومتكم فساد أكبر من هذا، وبها أعضاء لا يستحقون الانتماء لها».
ودافع رئيس الحكومة عن موقفه بقوله إن من حق الوزير أن «ينمي ثروته ويستثمر أمواله وهو خارج المسؤولية، وهذا ما قمت به بعد خروجي من المسؤولية في 2014»، مضيفاً أنه أسس من منطلق قناعته بأهمية الاستثمار شركة مع بعض أصدقائه، وأنه أقنع في سنة 2015 مستثمراً أجنبياً، ودخل في شراكة في قطاع تثمين النفايات، داعياً إلى تغيير المفاهيم، والتأكيد على أنه من حق المسؤول أيضاً العمل والإنتاج، على حد تعبيره.
وتابع الفخفاخ مدافعاً عن نفسه بالقول إنه سأل أهل الاختصاص بعد تولي رئاسة الحكومة نهاية فبراير (شباط) الماضي، حول ما يفرضه القانون في هذه الحالة، فأخبروه بأن الشرط الوحيد هو التصريح بالمكاسب، وهو ما قام به لدى هيئة مكافحة الفساد؛ وبـ«التدقيق الممل»؛ على حد تعبيره، مؤكداً أن ذلك لم يكن في العلن، وأن رئيس الهيئة شوقي الطبيب راسله ليحذره من تضارب المصالح، وهو ما جعله يفوت أسهمه، حسب تعبيره.
وعبر الفخفاخ عن استيائه مما عدّها «حملة منظمة» ضده، قائلاً: «نقول للذين يحاولون ضرب مصداقيتي باللهجة التونسية: (يبطى شوية)»، وهو تعبير غير مستحب في الأوساط التونسية، موضحاً أنه جاء لتكريس النزاهة، وأنه أول من كرس الشفافية في وزارة المالية حين كان على رأسها.

وعدّ الفخفاخ أن ما يتم ترويجه في حقه «محض مغالطات وافتراء»، وقال بهذا الخصوص: «دعنا نصلح كل ما قيل من مغالطات وافتراءات وشتم... لأن الافتراء والشيطنة ضد كل من يستثمر أمواله أمر غير مقبول... ومن غير المعقول التعامل مع الأشخاص بمنطق الملفات... التي أرهقت تونس».
في السياق ذاته، قال رئيس الحكومة إنه «لا مجال لإرباك الدولة بأي طريقة كانت... ونقول لمن يحاول إرباكنا: هيهات... هيهات... الدولة واقفة»، مضيفاً أن هناك من حاول طيلة 10 سنوات التآمر على الدولة؛ لكنه لم يتمكن من تحقيق أي شيء، على حد تعبيره.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم