حذر رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ من خطورة الوضع الاقتصادي في تونس، مؤكداً في جلسة برلمانية عقدت أمس وخصصت لتقييم حصيلة مائة يوم من النشاط الحكومي، أن المعركة المقبلة هي معركة «إنقاذ الدولة» من تبعات تأثيرات الجائحة وما خلفته من شلل اقتصادي يكاد يكون كلياً.
وقدم الفخفاخ معطيات سلبية في معظمها حول الظرف الاقتصادي، وعرض على نواب البرلمان «أرقاماً صادمة»، من ذلك أن نسبة النمو الاقتصادي المسجلة كانت في حدود 6 في المائة سلبية (انكماش)، وهي أقل بقليل مما توقعته هياكل التمويل الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي تحدثت عن انكماش مقدر بنسبة 6.8 في المائة. كما توقع أن يزداد عدد العاطلين عن العمل، وتحدث عن انضمام نحو 131 ألف تونسي إلى قائمة العاطلين عن العمل، وهذا الرقم يضاف إلى نحو 630 ألفاً آخرين ينتظرون فرص العمل.
وقال الفخفاخ إن عدداً من الأنشطة الاقتصادية تكبد خسائر كبرى، حيث تعرضت قطاعات استراتيجية، مثل قطاع مكونات صناعة الطائرات، لأضرار فادحة ستتواصل في سنوات 2020 و2021 و2022، بالإضافة إلى قطاعات الملابس الجاهزة، والسياحة، والحرف والصناعات التقليدية، والفنادق والمطاعم.
ولمجابهة آثار «كورونا» ضخت الدولة منحاً مالية اجتماعية لمليون و100 ألف عائلة فقيرة، و300 ألف طرد مساعدات، بحسب رئيس الحكومة. كما وفرت الدولة مرتبات لـ460 ألفاً من العمال والتجار والحرفيين، للإبقاء على فرص العمل طيلة 3 أشهر بين أبريل (نيسان) الماضي ويونيو (حزيران) الحالي . وقال الفخفاخ إن «المعركة القادمة ستكون معركة إنقاذ للاقتصاد والدولة».
ونبه الفخفاخ إلى خطورة ارتفاع نسبة مديونية الدولة، التي قال إنها بلغت نحو 92 مليار دينار تونسي (نحو 32 مليار دولار)، وأشار إلى أن حجم مديونية الدولة الخارجية بلغ أكثر من 60 في المائة، وعدّ أن هذه النسبة «رقم مخيف وصادم ولا يمكن من خلاله المحافظة على القرار الوطني السيادي» على حد تعبيره، وتعهد بأنه لن يتجاوز هذه النسبة «كلفه ذلك ما كلفه»، وبأنه لن تكون هناك قروض جديدة وأنه سيتم التعويل على الموارد الذاتية للدولة. وذكر أن نسبة المديونية الخارجية بلغت سنة 2013 نحو 30 في المائة، محذراً من أن ارتفاع المديونية دليل على مزيد من ضرب الدينار التونسي (العملة المحلية) وهو ما يضاعف من تهديد القرار الاقتصادي المحلي.
وكشف رئيس الحكومة عن أن ديون الدولة لدى المؤسسات الخاصة والعمومية، مثل الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، والشركة التونسية للكهرباء والغاز، والصناديق الاجتماعية، وديواني الحبوب والتجارة، بلغت 8 مليارات دينار تونسي.
يذكر أن الحكومة التونسية أصدرت منتصف الشهر الحالي مرسوماً حكومياً يمكنها من طلب قرض تضامني، لتغطية جزء من حاجيات ميزانية الدولة لسنة 2020 يتم تسديده بالدينار التونسي، ويتم الاكتتاب في هذا القرض بحسابات تفتح للغرض لدى الوسطاء المرخص لهم المكلّفين الإدارة من شركات وساطة بالبورصة ومؤسّسات القرض المرخص لها.
وتحتاج ميزانية تونس، خلال السنة الحالية، لنحو 11 مليار دينار (نحو 4 مليارات دولار) موزعة على القروض الخارجية والداخلية، في حين أن إجمالي ميزانية 2020، لا يقل عن 47 مليار دينار.
وكان رئيس الحكومة التونسية قد أوضح أن الدولة قامت بتعبئة حاجيات لميزانية 2020، غير أن الوضعية الحالية للمالية العمومية تقتضي الإسراع بإيجاد حلول عاجلة بالتشاور مع كل الشركاء والمنظمات الاجتماعية؛ على رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، وذلك عبر طرح كل الملفات على طاولة الحوار في كنف الشفافية والوضوح، والمصارحة، مع ضرورة الالتزام بكل الاتفاقيات السابقة، وتبويب أولويات تونس العاجلة.
من جهة أخرى؛ أعلن الفخفاخ عن مشاريع في القطاعين العام والخاص بقيمة إجمالية تناهز 5.5 مليار دينار (نحو ملياري دولار). وأوضح أن هذه المشاريع ستكون منطلقاً لاستعادة عجلة الاقتصاد ودفع النمو في ظل الركود الحالي.
وتتوزع المشاريع بين 3 مليارات دينار في المشاريع العمومية، و2.5 مليار دينار تمثل 9 مشاريع في القطاع الخاص. وقال رئيس الحكومة إنه «يتعين أن تكون هناك شراكة بين القطاعين العام والخاص لاستعادة الدورة الاقتصادية».
الحكومة التونسية تقدم أرقاماً «صادمة» عن الوضع الاقتصادي
إعلان «مشروعات إنعاش» جديدة بملياري دولار

أسفرت جائحة «كورونا» وإجراءات الإغلاق عن تضرر كبير للاقتصاد التونسي (رويترز)
الحكومة التونسية تقدم أرقاماً «صادمة» عن الوضع الاقتصادي

أسفرت جائحة «كورونا» وإجراءات الإغلاق عن تضرر كبير للاقتصاد التونسي (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة