صعود ثم هبوط صورة الشرطي الأميركي على الشاشة

هل إيقاف «كوبس» عن البث بداية النهاية؟

من مسلسل «كوبس»
من مسلسل «كوبس»
TT

صعود ثم هبوط صورة الشرطي الأميركي على الشاشة

من مسلسل «كوبس»
من مسلسل «كوبس»

بعد أسبوعين على مقتل جورج فلويد، أصدرت شركة باراماونت قراراً بإيقاف بث وإنتاج حلقات جديدة من البرنامج التلفزيوني «شرطة» (COPS) الذي أخذ على عاتقه وخلال نحو 25 سنة متوالية تقديم استعراض تسجيلي ليوميات رجال الشرطة الأميركيين المستجيبين لحالات الطوارئ المختلفة.
سبب إيقاف البرنامج يعود إلى أنه يتبنى تقديم رجال الشرطة بصورة إيجابية وبطولية. سبب يبدو واهناً بحد ذاته، لكنه وتبعاً لحادثة فلويد وما سبقها من حالات متكررة، فإن إيقاف البث هو أقرب الحلول المتاحة للشركة المنتجة لتفادي اللوم المباشر على أساس أن البرنامج تلميع لرجال القانون في وقت حرج برهن فيه بعضهم عن حاجته لدخول مرحلة إعادة تأهيل نفسي واجتماعي أكثر من أي شيء آخر.
انطلق «كوبس» على قناة «فوكس» المحسوبة على يمين المعسكر الأميركي في مارس (آذار) 1989. انتقل إلى محطات بث أخرى بعد حين بسبب نجاحه الواسع بين المشاهدين. آخر محطاته كان Spike TV التي تملكها باراماونت وآخر حلقة بُثت منه كانت مساء الحادي عشر من مايو (أيار) هذه السنة.
يتبع «كوبس» توليفة بسيطة: كاميرا تصاحب رجال البوليس في مهامهم المختلفة. عادة ما يتلقون اتصالات طارئة بوقوع جناية معينة فيلبون النداء وتصورهم الكاميرا وهم ينفذون المهمة على أحسن وجه. هذا يصاحبه تعليق أحدهم على ما يدور والغاية، كما الناتج فعلياً، هو وضع المُشاهد في الحدث الماثل كون الكاميرا تعبّر دوماً عن وجهة نظره كمراقب.
من الجنايات المختلفة الخلافات التي تصاحبها أفعال عنف، سرقة سيارات، سرقة محال، شرب يؤدي إلى حوادث، خلافات حادة بين المواطنين وأحياناً القتل. والأماكن مختلفة تنتقل عبر السنين بين عدة ولايات. من ألاسكا إلى واشنطن ومن فلوريدا إلى كاليفورنيا أو مينيسوتا.
حقيقة أن المنهج تسجيلي ينجح في تجاوب المُشاهد مع ما يدور حيال واقع يعبر عن شريحة من الحياة الماثلة. حلقات هذا البرنامج ليست من الخيال، بل من الواقع. ودائماً ما تلتزم بعمل رجال البوليس وتشيد بنجاحه. والالتزام يعني وجهة نظر ثابتة تقسم من هم أمام الكاميرا إلى فريقين: الأخيار والأشرار. وهذا التقسيم لا يتطلّب البحث عن حقائق ولا عن أسباب بل ألقاء الضوء على الأفعال وحدها.
قبله ظهر مسلسل مشابه بعنوان Americ‪’‬s Most Wanted الذي استمر لنحو ست سنوات. وبعده ظهرت حلقات أخرى في السياق ذاته مثل Top Cops وLAPD Life on the Street.‬‬‬‬
ما ساد هذه البرامج، وساد «كوبس» على أساس أنه كان أنجحها وأطولها حياة على الشاشة الصغيرة، هي أن المذنبين كانوا من الطبقة الاجتماعية الفقيرة غالباً. رجال ونساء تفرض عليهم الظروف الاقتصادية البحث عن بدائل ولو مؤقتة لزيادة الدخل. وواقع أن رجال البوليس ينفّذون القانون وليسوا طرفاً في حل المعضلات الاقتصادية أو الاجتماعية بطبيعة الحال، منح البرنامج كذلك وجهة نظر منفردة عززت الغاية المناطة به.
- مثار إعجاب
من الطبيعي هنا القول أن «كوبس» وسواه كان ملائماً لإدارات البوليس ورجال القانون عموماً، لكن كذلك الحال مع العديد من البرامج والمسلسلات التلفزيونية التي تعمد للخيال كحال Kojack و- على الأخص - Hill Street Blues مع ميزة أن المسلسلات الخيالية تتيح بانوراما أوسع قليلاً تشمل وجهات نظر الجانب الآخر. «هِل ستريت بلوز» قام (ما بين 1981 و1987) على اتباع شبه أمين لمفردات وتقنيات العمل في أحد أقسام البوليس لكنه سمح أحياناً لتقديم مبررات انعطاف المذنبين صوب الجريمة وليس لتبنيها.
كل ذلك سبق وأن تناولته السينما إنما من جوانب مختلفة وأكثر شمولاً. في الأربعينات، مثلاً، كانت هناك أفلام تفحص الوضع الاجتماعي عن كثب (مثل «المدينة العارية»، 1948). وقبلها في الثلاثينات، عمدت عدة أفلام هوليوودية إلى تقديم المجرم كضحية أولاً (كما الحال مع «العشرينات الهادرة»، The Raoring Twenties لراوول وولش، 1939) إلى أن تم إنشاء لجنة مراقبة محافظة نصّت على وجوب عدم تقديم الأشرار كأبطال.
لكن البوليس في الزي الرسمي كان مثار إعجاب العديد وربما جذب إلى المهنة أميركيين كثيرين أحبوا ارتداء الزي الأزرق الكامل وقيادة السيارات بسرعة وحمل السلاح واستخدامه وذلك بتغطية قانونية.
واحد من أهم الأفلام التي عكست هذا الشعور المتخم بالفخر كان «إلكترا غلايد إن بلو»، الذي أخرجه جيمس ويليام غويركيو سنة 1973 (فيلمه الوحيد لليوم). في مطلع الفيلم نجد رجلاً يقف في غرفة منزله الصغيرة يجهّز نفسه ليوم عمل. يرتدي ثيابه المكوية بعناية. يقفل أزرار القميص ويضبط الياقة ثم يلف حول سرواله الحزام. يلبس حذاءه الأسود اللامع. يضع حزام مسدسه. ينظر إلى المرآة… الآن صار جاهزاً للعمل.
نتعرّف عليه بعد قليل. إنه رجل دورية على الطرق شبه النائية في أرياف الولاية. يرقب الطريق. يوقف السيارات المشتبه بها ويواصل عمله تحت الشمس وبأناة ومن دون شكوى.
إنه الممثل روبرت بليك الذي ارتبط اسمه بعد عقود بجريمة قتل فعلية في مايو (أيار) 2001 وهي تهمة خرج منها براءة (ولو انغمس بتهم تجنب دفع الضرائب بعد ذلك). على شاشة ذلك الفيلم، نجده - في مشهد النهاية - يدفع حياته ثمناً لنزاهته وإخلاصه للعمل. كان أوقف حافلة صغيرة تحمل شعارات هيبية. فجأة يطلق عليه أحد ركابها النار فيرديه.
رسالة الفيلم كانت واضحة: البذل غير المقدّر لرجل البوليس. لكنها لم تكن رسالة خالية من مضمون فعلي. بالطبع هناك عشرات ألوف رجال البوليس، في قطاعات مختلفة، يضعون حياتهم على المحك خلال أعمالهم والكثيرين يُقتلون خلال الخدمة. صِدق هذا الفيلم في تصوير هذه الحالة جعل العديد من المشاهدين يتجنبون، لاحقاً، موجة الأفلام التي دارت حول راكبي دراجات نارية يلتزمون القانون قدر المستطاع (مثل «الخاسرون» The Losers).
- صورة معاكسة
في المنحى ذاته أنجزت السينما خمسة أفلام من أعمال الكاتب جوزف وامبو التي عمدت إلى تقديم أبطالها من داخل السلك البوليسي. من بين هذه الأفلام «المقاتلون الجدد» (The New Centurions) الذي حققه رتشارد فلايشر من بطولة جورج س. سكوت وستايسي كيتش وسكوت ولسون سنة 1972.
قبله بعام واحد، قدم كلينت إيستوود نسخته عن بذل رجال البوليس ولو بالزي غير الرسمي. هو هاري كالاهان المنتمي إلى بوليس مدينة سان فرانسيسكو في هذا الفيلم الذي حققه دون سيغل. فيه يمارس حقاً أحادياً يخوّله قتل الأشرار متحملاً تبعات ذلك، واصفاً الإعلام الليبرالي بالنفاق.
سنجد أن إيستوود قام بعد عامين على «هاري القذر» باستخدام صورة معاكسة لمضمون ذلك الفيلم وذلك في عمل آخر من إنتاجه وبطولته هو «قوّة الماغنوم» (تد بوست، 1973).
هنا يتعقب فريقاً داخل البوليس (بالزي الرسمي) يُقدم على تنفيذ الإعدام بحق من برأتهم المحكمة. هاري يتخذ هنا موقف الدفاع عن القانون الذي لا يخوّل لرجاله التحول إلى قضاة ومنفذي إعدام.
الصور متعددة على أكثر من نحو وتنتمي في تعددها إلى الوجهة السياسية التي يتبناها الكاتب أو المخرج أو المنتج أو أكثر من فاعل.
تنتمي أيضاً إلى الفترات السياسية التي تمر بها الولايات المتحدة. لذلك هناك أفلام تُكنّى بالريغانية (نسبة للرئيس رونالد ريغان) وأخرى تدور في رحى ولايتي بوش الأب والابن وأخرى لولاية نيكسون من قبل. ولا ريب أن هوليوود ستنتج أفلاماً في المستقبل تتوخى مواضيعها وسياساتها من حقبة الرئيس دونالد ترمب.
سنرى المزيد من الأفلام المعادية للعنصرية والمعادية للبوليس أيضاً، هذا قبل أن يتدخل البعض لتصحيح الصورة السلبية المرتسمة حول البوليس عبر استنساخ فكرة «كوبس» أو إعادة صنع لفيلم مثل «إلكترا غلايد إن بلو».


مقالات ذات صلة

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

يوميات الشرق الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

قال الفنان السعودي عبد المحسن النمر، إن السبب الرئيسي وراء نجاح مسلسله الجديد «خريف القلب» يعود إلى مناقشته قضايا إنسانية تهم الأسر العربية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز