The Age of Shadows
(2016) (ممتاز)
صراع كوري ـ ياباني
تكاثر في السنوات الخمسة عشر الأخيرة عدد الأفلام الكورية والصينية التي تتناول موضوع احتلال اليابان لأراضيهما خلال الحرب العالمية الثانية. «عصر الظلال» يعود لما قبل تلك الحرب ليصوّر فترة احتلال أخرى، من ناحية، وليدمج الموضوع بحبكة جاسوسية مثيرة كحكاية، ومثيرة كأحداث.
الفيلم كان الأول للمخرج كيم جي - وون بعد غياب دام نحو 4 سنوات. قبل ذلك قدم أفلاماً جيدة من بينها The Last Stand الذي، كسواه، طغت عليه النزعة البوليسية. أما في فيلمه هذا يعمد إلى توظيف التشويق بخطي الحركة والجاسوسية معاً ويفوز بالخانات الثلاث على نحو متساو.
من مطلعه وحتى نهايته بعد 140 دقيقة، يوفر الفيلم ضروباً جديدة في فن تصميم حركات القتال ويكشف عن حقائق غير متداولة حول عشرينات القرن الماضي. تستفيد هذه الحقائق من رغبة المخرج الكوري كيم جي - وون إنجاز شروط الفيلم التشويقي والحركي القائم على المغامرة الجاسوسية.
يبدأ الفيلم بمحاصرة رجل اسمه جان - أوك (بارك هي سون) مطلوب من البوليس الياباني كونه أحد قادة المقاومين الكوريين ضد الاحتلال. لنحو خمس دقائق، نتابع الرجل وهو ينفذ من فخ ليدخل آخر ثم ينطلق هارباً فوق أسطح المنازل وفي الأزقة عبر سلسلة من التصاميم الإخراجية المتسارعة واللافتة. في النهاية يصاب جان - أوك في أصبع قدمه فيزيل أصبعه ثم يطلق النار على نفسه منتحراً.
من البداية إذن، هناك ذلك التناقض بين الممكن والمحتمل وبين المحتمل والغريب، لكن الفيلم يوظف كل ذلك في طيات بحثه عن الجديد والمثير، ولا يأبه لتفسير منطقي بقدر ما يهتم بتوريد مشهد غريب أو غير متوقع. حسب الفيلم أيضاً فإنه من حقائق التاريخ أن تجار السلاح آنذاك كانوا كوريين، وأنهم كانوا يمدون الثوار الكوريين بما يرغبونه من سلاح لقاء ما يطلبونه هم من ثمن. مهمّـة الكابتن جونك - سكول (سونغ كانغ - هو) هي القضاء على هذه التجارة وإلقاء القبض على الثوار الكوريين. مهمّـة صعبة لوجهتين: الأولى أن عليها أن تكون صعبة لكي يوفر الفيلم فصولاً من التشويق والحركة، والثانية لأن الكابتن جونك - سكول هو كوري بدوره ولو أنه اختار التعاون مع القيادة اليابانية.
لا يفوّت المخرج جيم - وون فرصة لتقديم أحداث مثيرة إلا وعمد إليها. هناك مشاهد مطاردات ومشاهد تحريات ومشاهد درامية من المواجهات. هناك مطاردات على الأرض وفوق السطوح وفي القطارات. والعنف ليس بعيد المنال بالنسبة لهذا الفيلم ولو أنه لا يثير الانزعاج بقدر ما يثير غرابة الموقف.
كل هذا ضمن إنتاج يضمن مشاهد لا تحصى منضبطة تحت قبضة مخرج يعرف ما يريد وكيف يصل إليه.
وفي وقت تزداد نجاحات الأفلام الكورية تجارياً حول العالم (تم عرض هذا الفيلم سينمائياً في صالات الولايات المتحدة) فإن «عصر الظلال» هو خير دعاية لها ومن أكثرها إثارة للشغف.