محادثات التسلح النووي بين واشنطن وموسكو مليئة بالعقبات

بكين ترفض الانضمام إليها بسبب صغر حجم ترسانتها

المبعوث الأميركي الخاص للمحادثات مارشال بيلينغسلي (الثاني من اليسار) ونظيره الروسي سيرغي ريابكوف (الرابع من اليسار)
المبعوث الأميركي الخاص للمحادثات مارشال بيلينغسلي (الثاني من اليسار) ونظيره الروسي سيرغي ريابكوف (الرابع من اليسار)
TT

محادثات التسلح النووي بين واشنطن وموسكو مليئة بالعقبات

المبعوث الأميركي الخاص للمحادثات مارشال بيلينغسلي (الثاني من اليسار) ونظيره الروسي سيرغي ريابكوف (الرابع من اليسار)
المبعوث الأميركي الخاص للمحادثات مارشال بيلينغسلي (الثاني من اليسار) ونظيره الروسي سيرغي ريابكوف (الرابع من اليسار)

اتفاقية «ستارت الجديدة» هي آخر اتفاقية متبقية حالياً للحد من الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا التي ما زالت سارية، ولكن من المقرر أن ينتهي العمل بها في فبراير (شباط). ولهذا فقد بدأ دبلوماسيون رفيعو المستوى من البلدين، أمس، مناقشة تمديدها في اجتماع بفيينا. ويعتقد كثير من المراقبين أن ذلك لن يحدث بسبب الاتهامات المتبادلة حول خرقها من قبل أكبر قوتين نوويتين. وقالت واشنطن إن اتفاقياتها الثنائية للحد من التسلح مع روسيا عفا عليها الزمن وتريد إدراج الصين في أي اتفاقيات مستقبلية بشأن الأسلحة النووية، حتى مع قول بكين مراراً إنها غير مهتمة بالانضمام.
وقال المبعوث الأميركي للحد من الأسلحة، مارشال بيلينغسليا، إن الصين «لم تحضر» في محادثات فيينا، حيث نشر على موقع «تويتر» صورة تظهر فيها الأعلام الصينية إلى جانب كراسي خاوية على طاولة المفاوضات. وقال بيلينغسليا في بيان له إن «بكين ما زالت مختبئة خلف (سور عظيم من السرية) بشأن سلاحها النووي المتراكم وكثير من الأشياء الأخرى»، مضيفاً أنه «على الرغم من ذلك، سنستمر مع روسيا».
وتضع الاتفاقية حداً لعدد قاذفات الصواريخ النووية عند 800 والرؤوس الحربية النووية العاملة إلى 1550. وتمتلك القوتان النوويتان معاً نحو 90 بالمائة من الأسلحة النووية في العالم. ويمكن مد أجل المعاهدة خمس سنوات إذا وافق الطرفان.
ودعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب الصين مراراً للانضمام للولايات المتحدة وروسيا في المحادثات. لكن الصين التي يُقدر أنها تملك نحو 300 سلاح نووي ترفض اقتراحات ترمب. ولم يرصد مراسلو وسائل الأنباء أي مسؤولين صينيين في مكان الاجتماع.
وقال مارشال بيلينغسلي المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمحادثات لـ«رويترز» رداً على سؤال عن توقعاته بشأن نتائج المفاوضات لدى وصوله مع الوفد المرافق له إلى قصر مجاور لوزارة الخارجية النمساوية: «سنرى». وامتنع عن التعليق على فحوى المفاوضات. والتزم نظيره الروسي سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الحذر نفسه، قائلاً للصحفيين: «سنرى، سنرى. نحن دائماً متفائلون جداً».
وصرح ريابكوف لوكالة «إنترفاكس» الروسية السبت: «نعتقد أن تمديد المعاهدة سيكون أمراً صحيحاً ومنطقاً، لكن العالم لا يتوقف فقط على هذه المعاهدة».
ورأى المحلل السياسي الروسي فيودور لوكيانوف أنه «لا ينبغي توقع إحراز أي نوع من التقدم» في فيينا. وشرح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «موقف إدارة ترمب متسق جداً: هي تتخلى عملياً عن كل القيود المرتبطة باتفاقات موقعة في الماضي»، مضيفاً: «ليس هناك أي سبب يجعلنا نعتقد أن هذه المعاهدة ستشكل استثناء».
وقال الخبير الأمني الروسي، ديميتري سوسلوف، لوسائل الإعلام الحكومية قبل الاجتماع، إنه من غير المحتمل أن تطيل الولايات المتحدة أمد اتفاقية ستارت الجديدة دون دفع الصين للمشاركة في المفاوضات. أما الخبير العسكري الروسي بافيل لوزين فقال لوكالة الأنباء الألمانية: «أفترض أن موقف روسيا من إطالة اتفاقية ستارت الجديدة، متناقض». وأوضح لوزين أن «الأسلحة الاستراتيجية الروسية أقل بكثير من سقف الاتفاقية»، مضيفاً أن الأسلحة النووية الخاصة بالحقبة السوفياتية يتم تفكيكها بشكل أسرع من إمكانية صناعة الدفاع الروسية لإنتاج أسلحة جديدة. وأشار لوزين إلى أن «موسكو ليست قادرة على اللعب في سباق أسلحة استراتيجية حقيقي مع الولايات المتحدة».
وتطالب موسكو بمناقشات حول تجديد هذه المعاهدة منذ أواخر عام 2019، إلا أن إدارة ترمب تماطل حتى الآن مع الإصرار على إشراك بكين في المحادثات.
وكتبت وزارة الخارجية الصينية في تغريدة مؤخراً: «ينبغي على الولايات المتحدة تخفيض مخزونها من الأسلحة النووية بشكل كبير، ما سيخلق الظروف لتنضمّ قوى نووية أخرى إلى المحادثات متعددة الأطراف للحد من التسلح النووي».
وأوضح الممثل الأميركي في مؤتمر جنيف للحد من التسلح روبرت وود الجمعة عبر قناة «سي بي إس»، أن «مشكلتنا الكبرى هي افتقار الصين إلى الشفافية». وأضاف: «الترسانة الصينية ستتضاعف في السنوات العشر المقبلة. وهذا الأمر يثير بالتأكيد قلقنا الشديد».
ولا تزال روسيا والولايات المتحدة تملكان معاً أكثر من 90 في المائة من الأسلحة النووية في العالم، وفق التقرير الأخير الصادر عن المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم (سيبري). وتملك واشنطن في 2020 نحو 5800 رأس حربي نووي وموسكو 6375 مقابل 320 لبكين و290 لباريس و215 للندن، وفق المعهد السويدي.
واعتبر سونغ تجونغبينغ وهو خبير صيني في شؤون الدفاع، أن المستوى المثالي بالنسبة لبكين سيكون ألفي رأس نووي. وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الصين لن تشارك أبداً في هذه المفاوضات حول الحدّ من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.