أقيمت في روسيا، أمس، مراسم غير مسبوقة لإحياء ذكرى اندلاع الحرب بين الاتحاد السوفياتي وألمانيا النازية في عام 1941 وهي المناسبة التي تشكل بالنسبة إلى الروس بداية الحرب العالمية الثانية، التي يطلق عليها في روسيا «الحرب الوطنية العظمى».
وبدا أن الترتيبات التي أقيمت للمناسبة، موجهة نحو حشد مزيد من التأييد للكرملين، في إطار التحضيرات للتصويت على التعديلات الدستورية، مطلع الشهر المقبل. إذ تم الإعلان عن «وقوف البلاد دقيقة صمت جماعية» في تمام الساعة 12 و15 دقيقة ظهراً، وهو الموعد الذي أعلن فيه راديو ألمانيا النازية بدء الحرب على الاتحاد السوفياتي قبل 79 عاماً. وهذه المرة الأولى في تاريخ البلاد التي تقام فيها هذه الفعالية الجماعية. أعقب ذلك توجه الرئيس فلاديمير بوتين لوضع إكليل من الزهور على نصب الجندي المجهول، قبل أن يشارك في فعالية خاصة أقيمت في كاتدرائية تابعة للجيش الروسي، بحضور راعي الكنيسة الأرثوذكسية الروسية كيريل بطريرك موسكو وعموم روسيا.
وكانت العادة جرت في هذا اليوم أن يقوم الرئيس بوضع إكليل من الزهور فقط، لكن بوتين اختار أمس أن يلقي كلمة حماسية، ذكّر فيها بالمناسبة التي تحمل حالياً في روسيا تسمية «يوم الذكرى والأسى».
وأعرب بوتين في خطاب نقلته قنوات التلفزة الحكومية عن «ثقته التامة بأن ذكرى الحرب الوطنية العظمى لها مكانة لا تمحى». وزاد أنه «بالنسبة إلينا، مواطني روسيا، تبقى ذكرى الحرب الوطنية العظمى، وذكرى كل الذين قاتلوا وقتلوا، وكل الذين قاموا بتقريب ساعة النصر بكل الوسائل، كل ذلك تبقى له قدسية خاصة. ويبقى حياً دائماً معنا. ويمنحنا القوة لخدمة بلدنا».
وقال بوتين: «اليوم في يوم الذكرى والأسى، نتوجه إلى واحدة من أكثر الصفحات المريرة والمثيرة في تاريخنا، في يوم 22 يونيو (حزيران) 1941 بدأت الحرب الوطنية العظمى، التي أصبحت مأساة قاسية ضخمة، أودت بحياة الملايين، وتركت الدمار والألم الذي لا يعوض، وتركت الجرح العميق الذي لم يلتئم».
وتم تشييد متحف «طريق الذاكرة»، حول المعبد الرئيسي التابع للقوات المسلحة. وهو يقع في الموقع الذي وقعت فيه معارك ضارية قرب موسكو خلال الحرب العالمية الثانية.
وتم بناؤه بطريقة حملت عدداً من الرموز، إذ يبلغ طول طريق المتحف 1418 متراً، وهو عدد أيام الحرب. كما أنه زوّد بسلم صنع من بقايا الأسلحة الفردية التي حملها الجنود الروس في تلك الموقعة. ويضم معرض صور «نهر الزمن» الذي يشتمل على معلومات حول جنود الخط الأمامي، وسكان لينينغراد الذين واجهوا الحصار النازي نحو 3 سنوات، فضلاً عن تذكير ببطولات العاملين في الجبهة الداخلية.
وتزامنت هذه الفعاليات مع انتهاء الاستعدادات للعرض العسكري الكبير الذي يقام غداً (الأربعاء) في الساحة الحمراء بمناسبة عيد النصر على النازية. وكان العرض مقرراً كالعادة في 9 مايو (أيار) لكن تم تأجيله بسبب ظروف تفشي وباء كورونا. وأثار ذلك سجالات واسعة في موسكو، بين مؤيدين رأوا ضرورة «الاحتفال بمناسبة النصر مهما كانت الظروف» ومعارضين أبدوا شكوكاً حول اختيار الموعد الجديد للعرض، قبل أسبوع واحد من الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تمنح بوتين فرصة البقاء في السلطة حتى عام 2036. واللافت أن المعارضة لفكرة إقامة العرض العسكرية لم تقتصر على الفئات التي تجاهر عادة بمواقف مناهضة لسياسات الكرملين، بل امتدت لتشمل قطاعات واسعة من الروس الذي رأى بعضهم أن إقامة فعاليات حاشدة في هذا التوقيت تشكل «مخاطرة بإطلاق موجة جديدة لتفشي الوباء».
وانضم 35 إقليماً روسياً إلى معارضي إقامة الفعاليات الحاشدة، وأعلنت هذه الأقاليم أنها ستمنع أي مظاهر احتفالية ولن تقيم المسيرات التي اعتادت على تنظيمها بالتزامن مع العرض العسكري الكبير في الساحة الحمراء.
في الأثناء، أعلن مركز «ليفادا» المستقل لدراسة الرأي العام عن نتائج استطلاع أجراه حديثاً دلّ إلى أن 25 في المائة فقط من الروس سوف يؤيدون بقاء بوتين في الحكم لسنوات مقبلة، في حال توفر بديل له في منصب الرئاسة. ووفقاً للاستطلاع قال 75 في المائة إنهم سيمنحون أصواتهم لمرشح آخر إذا توفر بديل مناسب في أي انتخابات مقبلة. جاء نشر نتائج الاستطلاع بعد مرور يوم واحد على إعلان بوتين عدم استبعاد ترشيح نفسه لولاية رئاسية جديدة بعد انتهاء ولايته الحالية في العام 2024.
روسيا تحيي «الذكرى والأسى» للحرب العالمية
في إطار التحضيرات للتصويت على التعديلات الدستورية
روسيا تحيي «الذكرى والأسى» للحرب العالمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة