إردوغان يتحرك لإقرار قانون لمنع حصول أنصار المعارضة على الوظائف

ترحيل زوجة أميركية لقس تركي ينذر بأزمة جديدة مع واشنطن

TT

إردوغان يتحرك لإقرار قانون لمنع حصول أنصار المعارضة على الوظائف

بدأ حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا خطوات لإقرار قانون يعيد إجراء التحريات الأمنية لمن يتقدمون للوظائف، في خطوة للتضييق على مؤيدي المعارضة في الحصول على عمل. وقدّم الحزب مقترحاً إلى البرلمان لإعادة العمل بإجراء التحريات الأمنية قبل التعيين في الوظائف الحكومية، بعد أن سبق وقررت المحكمة الدستورية العليا إلغاءه بموجب طعن من المعارضة.
وقالت المعارضة التركية، إن مشروع القانون الجديد يهدف إلى قصر الحصول على الوظائف الحكومية على منتسبي وأنصار حزب إردوغان. وذكر نائب حزب الشعوب الديمقراطي عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان التركي، عمر فاروق جرجيرلي أوغلو، أنه «إذا مر مشروع هذا القانون فإن المعارضين وحتى أبناءهم وأحفادهم لن يتمكنوا من العمل في الوظائف الحكومية».
من جانبه، قال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، محرم أركيك «إن النظام الحاكم يلجأ إلى جميع أشكال الظلم، خوفاً من خسارة السلطة... كلما ابتعدنا عن دولة القانون، اختفت الحريات والحقوق الأساسية في البلاد. هذا النظام يخاف كثيراً. الخوف من الزوال بات يسيطر عليهم في كل خطوة... الجمهورية التركية تحولت إلى دولة الأسرة الحاكمة وتزداد استبداداً. ينظرون لمن لا يفكر مثلهم ولا يؤيدهم على أنه شيء آخر، ليس مواطناً».
وتجمعت بوادر أزمة جديدة بين أنقرة وواشنطن بسبب رفض السلطات التركية تجديد الإقامة العائلية لزوجة أحد رجال الدين المسيحيين الأتراك والاستعداد لترحيلها فيما قد يفجر توتراً جديداً على غرار أزمة القس الأميركي أندرو برانسون عام 2018، وأصدرت مديرية الهجرة بوزارة الداخلية التركية قراراً مفاجئاً بعدم تجديد الإقامة العائلية للمواطنة الأميركية جوي آنا كرو صوباشي جولار زوجة القس التركي لطفي صوباشي جولارن راعي كنيسة البروتستانت في أنقرة لأسباب تتعلق بالأمن القومي وسلامة المجتمع. وأبلغت مديرية الهجرة المواطنية الأميركية التي تعيش مع زوجها في تركيا منذ 10 سنوات ولديها 3 أطفال أعمارهم تتراوح بين شهرين و4 سنوات، بأن إقامتها العائلية لن تجدد، وأن عليها مغادرة البلاد في غضون 10 أيام.
وتقدم الزوج بطلب للمحكمة المختصة للاعتراض على قرار وزارة الداخلية، موضحاً أن أبناءه الثلاثة في حاجة إلى أمهم، مطالباً بإلغاء قرار رفض تجديد الإقامة لأنه سيؤدي إلى تدمير أسرته.
وقال القس صوباشي جولار، في تصريحات لوسائل إعلام تركية، إن الحكومة التركية تريد من وراء هذا القرار «ترحيل العاملين من الطائفة البروتستانتية من حملة الجنسيات الأجنبية وكذلك أزواجهم، بحجة أنهم يمثلون تهديداً للأمن القومي وسلامة المجتمع. هذا يحزننا بشكل كبير». وأضاف «القرار تسبب في آلام لا يمكن وصفها... إذا كنا ارتكبنا جرماً فلتحاكمنا السلطات». وقالت الزوجة، إن القرار الذي جاء رداً على طلبها تمديد الإقامة وردت فيه عبارة «تم رفض طلب تمديد الإقامة لأسباب أخرى»، دون الإفصاح عنها، مضيفة «لقد عشت هنا 10 سنوات هي أجمل سنين عمري، أحب الأتراك وتركيا... لدي أطفال وعائلتهم هنا وأجدادهم... لم أرتكب شيئاً يستوجب ترحيلي، فأنا أجلس في بيتي أرعى أطفالي».
وأعادت الواقعة إلى الأذهان قضية اعتقال القس الأميركي أندرو برانسون لمدة عامين في تركيا، بتهمة العلاقة بتنظيمات إرهابية والارتباط بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن. وتسببت القضية في أزمة شديدة بين الولايات المتحدة وتركيا، ومارس الرئيس دونالد ترمب ضغوطاً شديدة على حكومة إردوغان؛ ما أجبرها على الإفراج عنه في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، بعد تأثر الاقتصاد التركي بالأزمة وفقد الليرة التركية 40 في المائة من قيمتها.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.