تركيا تحاول وقف هروب المستثمرين الأجانب من سوقها المالية

موجات بيع عنيفة تفاقمت جراء سياسات إردوغان على مدار 7 سنوات

تعرضت السندات التركية لموجات بيعية عنيفة مع الخفض الحاد والمتوالي للفائدة إلى ما دون مستوى التضخم (رويترز)
تعرضت السندات التركية لموجات بيعية عنيفة مع الخفض الحاد والمتوالي للفائدة إلى ما دون مستوى التضخم (رويترز)
TT

تركيا تحاول وقف هروب المستثمرين الأجانب من سوقها المالية

تعرضت السندات التركية لموجات بيعية عنيفة مع الخفض الحاد والمتوالي للفائدة إلى ما دون مستوى التضخم (رويترز)
تعرضت السندات التركية لموجات بيعية عنيفة مع الخفض الحاد والمتوالي للفائدة إلى ما دون مستوى التضخم (رويترز)

تبذل تركيا جهوداً لوقف خروج المستثمرين الأجانب من سوق السندات المحلية، بعدما تسارع الأمر خلال العام الجاري بسبب تزايد مخاوف تتعلق بمستقبل السياسة والاقتصاد في ظل توجهات حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان.
وانخفضت حصة السندات المحلية التي يمتلكها المستثمرون من غير المقيمين في تركيا إلى النصف منذ يناير (كانون الثاني) الماضي إلى 5 في المائة من الإجمالي، وهو أدنى مستوى منذ عام 2005. وبلغت النسبة أكثر من 25 في المائة في منتصف عام 2013، بحسب الإحصائيات الرسمية.
ووقعت وزارة المالية والخزانة التركية صفقة مع «يوروكلير»، وهي شركة خدمات مالية مقرها بلجيكا، لفتح باب أمام المستثمرين لدخول سوق السندات الحكومية المحلية. ويمكن أن يسهم هذا الاتفاق في إعادة تنشيط الاهتمام الأجنبي بالسندات التركية، حيث شهدت تجارب روسيا وبولندا نجاحاً بعد اعتمادهما إجراءات مماثلة.
وباع الأجانب السندات التركية بكميات كبيرة، خلال السنة المالية الحالية، بعد أن خفض البنك المركزي أسعار الفائدة إلى ما دون معدل التضخم.
وكانت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية التركية اتهمت في مايو (أيار) الماضي، 3 بنوك دولية؛ وهي «سيتي غروب» و«يو بي إس غروب» و«بي إن بي باريبا»، بالتلاعب في سوق الصرف وأسعار العملة في تركيا، حيث لم تفِ بالتزاماتها تجاه البنوك التركية من الليرة مقابل العملات الصعبة التي اشترتها.
وتعرضت «يوروكلير» لفترة حظر أيضاً، لكن وكالة التنظيم والإشراف المصرفي في تركيا أعلنت في مايو أنها ستستثنيها مع «كلير ستريم» من حدود فرضتها على عمليات البنوك بالليرة مع المؤسسات المالية الأجنبية.
وجاء بيع السندات خلال العام الجاري امتداداً لاتجاه استمر لمدة 7 سنوات تقريباً، حيث أثارته المخاوف بشأن السياسات الاستبدادية في البلاد والممارسات الاقتصادية غير التقليدية والمواقف المعادية للغرب.
وأكد خبراء أن احتجاجات متنزه جيزي بارك بتركيا، التي وقعت في مايو 2013 والحملة القمعية التي شنتها السلطات عليها، كانت حافزاً أولياً لبيع الأجانب للسندات، ما قلل حصتها في السوق من 25 إلى 20 في المائة خلال عام واحد.
أما عملية البيع الثانية، فجاءت عقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016، عندما اعتقلت الحكومة عشرات الآلاف من المشتبه بهم وبدأت في استهداف خصومها السياسيين. ودفعت الأحداث الاتحاد الأوروبي إلى تجميد التقدم في مفاوضات انضمام تركيا إلى عضويته.
وجرت العملية الثالثة في منتصف عام 2018، حيث تورط الرئيس إردوغان في خلاف سياسي مع الولايات المتحدة بشأن اعتقال القس الأميركي أندرو برانسون بتهمة الإرهاب، ما أثار أزمة عملة في الصيف أدت إلى فقد الليرة التركية 40 في المائة من قيمتها في أغسطس (آب).
وتكرر الأمر نفسه العام الماضي، حيث فقد حزب إردوغان سيطرته على المدن الثلاث الكبرى في تركيا؛ أنقرة وإزمير وإسطنبول، في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) 2019، حيث قررت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا إعادة الانتخابات المحلية في إسطنبول، بعد أن طعن حزب العدالة والتنمية في نتائجها مسلّطاً ضغطاً سياسياً شديداً. وبعد أن شهد خسارة أخرى، أقال إردوغان محافظ البنك المركزي واستبدله بسبب ما قال إنه فشل في دعم سياساته الاقتصادية المؤيدة للنمو. وخفض البنك أسعار الفائدة إلى 8.75 في المائة من 24 في المائة في سبتمبر (أيلول) 2018. وارتفع مؤشر التضخم الرئيسي 11.4 في المائة على أساس سنوي. وتسبب التوغل العسكري التركي في سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، في مزيد من الأضرار لعلاقات تركيا مع الغرب.
وذكر تقرير نشره بنك «آي إن جي» في تركيا الأسبوع الماضي، أن صفقة «يوروكلير» ستسهّل توصّل وزارة المالية والخزانة إلى أهدافها، مستشهداً بأمثلة تشمل تجارب دول أخرى مثل روسيا.
وأوضح البنك أن صفقة أنقرة مع يوروكلير يمكن أن تمثل نقطة تحول في التصور بأن تركيا قد تنفصل عن الأسواق الدولية وأن النتيجة قد تكون عكسية. وتسعى تركيا إلى جذب استثمارات تساعدها في تمويل إجراءاتها الهادفة لدعم الاقتصاد والخروج من دائرة خطر الانكماش الاقتصادي الحاد الناجم عن وباء كورونا، حيث سجلت عجزاً في الميزانية قدره 43.7 مليار ليرة (6.4 مليار دولار) في مارس (آذار) و43.2 مليار ليرة في أبريل (نيسان).
كما تحتاج تركيا إلى الأموال الأجنبية لمساعدتها في تمويل عجز الحساب الجاري، الذي يتضاعف بسرعة بسبب تراجع الصادرات. وتفاقمت مشاكل تركيا المالية بسبب أزمة السياحة، حيث ساعد هذا القطاع البلاد في تحقيق 34.9 مليار دولار في 2019. وفي الوقت نفسه، تقلص الاستثمار الأجنبي المباشر بقوة.
وتخطط وزارة الخزانة والمالية لاقتراض 82 مليار ليرة من السوق المحلية بين يونيو (حزيران) الحالي وأغسطس (آب) المقبل لسداد 61.1 مليار ليرة من الديون المحلية المستحقة، وفقاً لأحدث برنامج للاقتراض. وتستخدم تركيا أي فائض في الاقتراض لتمويل الإنفاق الحكومي.
ويقول الخبراء إنه على الرغم من بعض التفاؤل بشأن فوائد صفقة «يوروكلير»، فإنها قد تكون محدودة. فقد تراجع صافي احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي، ما فاقم المخاوف بشأن عدم الاستقرار الاقتصادي. لكن، ورغم توقع تدفق عائدات السياحة لشهري يونيو ويوليو (تموز)، وربما أغسطس، قد تعود الليرة إلى أدنى مستوياتها بسرعة.
وتؤثر العوامل السياسية على المستثمرين الأجانب، حيث يعمق إردوغان دور تركيا في الصراع بليبيا، فضلاً عن تصعيد التوترات السياسية مع اليونان المجاورة والعالم العربي بعملياتها العسكرية في سوريا والعراق، وآخرها قصف شمال العراق في عملية جوية سمتها «مخلب - النسر»، استهدفت مواقع حزب العمال الكردستاني داخل إقليم كردستان أتبعتها بعملية برية باسم «المخلب - النمر».
في سياق متصل، أعلن البنك المركزي التركي أن الأصول الخارجية لتركيا بلغت 225.8 مليار دولار في نهاية أبريل الماضي، بانخفاض 10.9 في المائة عن نهاية عام 2019. كما انخفضت خصوم الدولة ضد غير المقيمين بنسبة 8.1 في المائة، لتصل إلى 550.2 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.
وقال البنك، في بيان أمس، إن صافي وضع الاستثمار الدولي الذي يعرف بأنه الفرق بين الأصول والخصوم الخارجية لتركيا، سجل سالب 324.4 مليار دولار في نهاية أبريل، مقارنة مع سالب 345 مليار دولار في نهاية عام 2019.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.