وسط دعوات لتنظيم مظاهرات شعبية حاشدة لدعم التحرك المصري في ليبيا، رفضت حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج ما اعتبرته «تدخلاً مصرياً»، وبمثابة «إعلان حرب»، وتوعدت بالمضي قدماً في عملية تحرير مدينة سرت في وسط البلاد من قبضة «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.
وفى أول ردّ فعل رسمي من حكومة السراج، قالت في بيان لمجلسها الرئاسي، أمس، إنها «الممثل الشرعي الوحيد للدولة الليبية، ولها تحديد شكل ونوع اتفاقياتها وتحالفاتها»، وأكدت باسم «دولة ليبيا أن التدخل في شؤونها الداخلية والتعدي على سيادتها، سواء من خلال التصريحات الإعلامية لبعض الدول، أو من قبل الرئيس المصري، أمر مرفوض ومستهجن، ويعتبر عملاً عدائياً وبمثابة إعلان حرب».
ورداً على إعلان السيسي أن مدينتي سرت والجفرة خط أحمر، قال البيان: «إن ليبيا كلها خط أحمر، والخطوط الحمراء ترسمها دماء الشهداء، وليست التصريحات النارية». وفي تأكيد ضمني على استمرارها في عمليتها العسكرية لمهاجمة الجيش الوطني في المدينتين، أضافت الحكومة، في بيانها: «نحن وحدنا من يحدد مكان وزمان عملياتنا العسكرية لتحرير أرضنا وبسط سلطة الدولة في أنحاء البلاد كافة». وتابعت: «على تلك الدول الالتفات إلى مشكلاتها والتهديدات الأمنية على أراضيها... نحذر من مخاطر أي تدخل في شأننا، والذي سيعمل على زعزعة المنطقة بشكل غير مسبوق». ودعت المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته تجاه ما وصفته بهذا التصعيد، لافتة إلى ترحيبها بدور أي وسيط محايد قادر على جمع الليبيين، وعبر مسارات الأمم المتحدة، وليس عبر مبادرات أحادية منحازة للخارجين على القانون.
في غضون ذلك، تظاهر مساء أول من أمس مئات من سكان مدينة سرت ضد «تهديدات تركية بالغزو المسلح بآلاف المرتزقة القادمين من سوريا وميليشيات الوفاق»، مؤكدين دعم الجيش الوطني ومصر دفاعاً عن المدينة. ولاحظت وكالة الأنباء الليبية الموالية للجيش، مبادرة منظمات المجتمع المدني ونشطاء وإعلاميين وسياسيين وشيوخ وأعيان قبائل ليبيين إلى الدعوة لتنظيم مظاهرات في عدة مدن في شرق البلاد، من بينها بنغازي والبيضاء ودرنة وطبرق والمرج وإجدابيا. كما تظاهر عدد من نشطاء المجتمع المدني في طبرق وبنغازي، مساء أول من أمس، وأعربوا عن ترحيبهم بالرؤية المصرية للحل في ليبيا، في مواجهة «الغزو التركي».
وأيّد مجلس مشايخ ترهونة، في بيان له، تأكيدات السيسي على السيادة الليبية، وضرورة المحافظة عليها، من خلال الدفاع عن الأمن القومي العربي. وأكد المجلس ضرورة البدء الفوري في تطبيق ما جاء في خطاب السيسي، واعتبر أن «تدخل مصر مشروع وفقاً لمعاهدة الدفاع العربي المشترك، ووفقاً لما شهده التاريخ الليبي المصري من الوقوف صفاً واحداً ضد العدو الأجنبي عبر التاريخ». كما رحّب رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بتصريحات السيسي، ووجّه له «الشكر إزاء موقفه الرافض للتدخل التركي في البلاد». وقال صالح، في بيان أمس، كلمة السيسي «جاءت استجابة لندائنا بضرورة التدخل ومساندة قواتنا المسلحة في الحرب على الإرهاب والتصدي للغزو التركي»، لافتاً إلى أن الميليشيات والتنظيمات الإرهابية في ليبيا تهدد الأمن القومي المصري. وأضاف مصر «لعبت دوراً في الدفع باتجاه الحل السياسي في ليبيا، ولم يكن هذا الدور محرضاً على الخصومة والاقتتال والفرقة وتعميق الانقسام بين الليبيين». ودعا الشعب الليبي إلى «الوقوف صفاً واحداً لمواجهة العدوان والغزو الأجنبي»، كما طالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه ليبيا.
بدوره، اعتبر العميد الهادي دراه، الناطق باسم غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة، التابع لحكومة السراج، أن تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أول من أمس، بأن مدينتي سرت والجفرة خط أحمر، بمثابة «تدخل سافر وإعلان واضح للحرب على ليبيا». وتابع في بيان له، مساء أول من أمس: «قواتنا عازمة على تكملة المشوار وتحرير كامل المنطقة من ميليشيات الكرامة الإرهابية ومرتزقتهم وداعميهم»، في إشارة إلى الجيش الوطني. وأضاف، في تصريحات تلفزيونية: «ليست سرت فقط... بل ليبيا، وسنحرر حقول النفط وسنطرد حفتر من سرت وما بعدها كما فعلنا في طرابلس والوطية».
ومع أنه أكد استمرار ما وصفه بالهدوء الحذر في محاور القتال غرب مدينة سرت، لكنه قال في المقابل إن قواته في انتظار التعليمات من السراج باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي لبدء العمليات العسكرية للتحرك. ورفض خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، الموالي لحكومة السراج، ومحمد عمار عضو مجلسها الرئاسي، تصريحات السيسي، واعتبراها إعلاناً للحرب على ليبيا وتهديداً لشمال أفريقيا.
وقال محمد قنونو، المتحدث باسم قوات الوفاق، في تغريدة على «تويتر»، من دون الإشارة إلى مصر: «تُحيط بنا 7 دول جارة، لم تشكل ليبيا خطراً على أي منها، ولم نشكل تهديداً على أمن أحد، حتى الإرهاب والإرهابيون جاءنا ولم نصدره». وتابع: «على من يرانا نشكل تهديداً له، أن يغلق حدوده ويمسك عنا سلاحه ومدرعاته وطائراته ومرتزقته ولسانه».
في المقابل، أشاد مسؤول عسكري بارز في الجيش الوطني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بـ«دعم ونصرة المصريين حكومة وشعباً لإخوانهم الليبيين، ورأى أن تصريحات الرئيس السيسي ليست غريبة، فهذا شيء متوقع، وستكون بمثابة الإنذار لأطماع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان». وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه: «الجيش الوطني رغم قلة الإمكانات، نجح في صدّ هجوم تقوده تركيا بميليشيات ليبية وسورية ذات طابع آيديولوجي متطرف، وتم تلقينهم درساً في فنون القتال في الأراضي المفتوحة»، لافتاً إلى أن «محاولة دخولهم سرت والجفرة بمثابة مرحلة أولى للسيطرة على الهلال النفطي، وهذا ما يسعي إليه إردوغان». وطلبت قيادة الجيش الوطني، في تعميم إلى الوسائل الإعلامية كافة، بعدم التطرق إلى تحركات الجيش ووحداته، مشيرة إلى ضرورة الالتزام بطابع السرية لتفادي إرباك الجيش ومنح أعدائه معلومات عن هذه التحركات. وهدّدت المخالفين بـ«وضعهم تحت طائلة المساءلة القانونية وفقاً للقوانين والتشريعات العسكرية».
«الشرق الليبي» يرحّب بالتدخل المصري... و«الوفاق» تصرّ على تحرير سرت
دعوات إلى مظاهرات شعبية لدعم «الجيش الوطني»
«الشرق الليبي» يرحّب بالتدخل المصري... و«الوفاق» تصرّ على تحرير سرت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة